“أمن الدولة طوارئ”.. محاكم “استثنائية” بدايتها في عهد “عبدالناصر” أحكامها نهائية وباتة وغير قابلة للطعن
تقرير: علي عبدالجواد
إذا كانت الظروف غير العادية التي يمر بها الوطن من الخطورة بحيث تقتضي وجود “محاكم استثنائية”، فمن المتعين أن تنظم هذه المحاكم من حيث تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها وقوة أحكامها بحيث تقتصر أوجه الاستثناء في ذلك على القدر الأدنى الذي تقتضيه حماية الوطن.
سنتعرف فيما يلي على محكمة أمن الدولة طوارئ، متى كانت بدايتها، والجرائم التي أحيلت إليها العام الماضي، ومعايير إحالة المتهمين لمحكمة جنايات أمن الدولة العليا، والفرق بينها و بين المحاكم الجنائية أو محاكم الإرهاب.
– محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.
هى المحكمة المشكلة فى ظل تفعيل قانون الطوارئ، و تختص بنظر الجرائم المتعلقة بالإرهاب وأمن الدولة، والجرائم المنصوص عليها فى قانون التظاهر، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون تجريم الاعتداء على المنشآت العامة، والجرائم المتعلقة بقانون الأسلحة والذخائر والمفرقعات، وأى جريمة ينص عليها قانون العقوبات تهدد الوحدة الوطنية والنظام العام.
– معايير إحالة المتهمين لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ.
تختص محاكم أمن الدولة العليا طوارئ بنظر قضايا المتهمين بالتجمهر، وتخريب المنشآت، وحيازة الأسلحة، والاتجار بالمواد المخدرة، وجرائم التموين الخاصة بالتسعير الجبرى، وتحديد الأرباح، والقرارات المنفذة له، وجرائم، التعدي على أماكن العبادة، والمساس بأمن الدولة والترويع والبلطجة وتعطيل وسائل المواصلات، والترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة فتنة، وحيازة المفرقعات، وتخريب مؤسسات الدولة، والتحريض على قلب نظام الحكم، وتكدير السلم العام، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين، وإهانة رئيس الجمهورية، والتجسس والتخابر وتسريب وثائق، والتحاق أى مصرى بأى جيش لدولة أخرى فى حالة الحرب مع مصر.
وأيضًا، كل من أتلف عمدًا أو أخفى أو زور أوراقًا أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة، أو بأى مصلحة حكومية أخرى، وكل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة، فتعمد إجراءها ضد مصلحتها، وكل من قام بغير إذن من الحكومة بجمع الجند أو قام بعمل عدائى آخر ضد دولة أجنبية، من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر الحرب، وكل من طار فوق أراض مصرية بغير ترخيص من السلطات المختصة، وكل من قام بأخذ صور أو رسوم أو خرائط لمواضع أو أماكن على خلاف الحظر الصادر من السلطة المختصة، وكل من دخل حصنًا أو إحدى منشآت الدفاع أو معسكرًا أو مكانًا خيمت أو استقرت فيه قوات مسلحة أو سفينة حربية، ويكون الجمهور ممنوعًا من دخولها، وكل من أقام أو وجد فى المواضع والأماكن التي حظرت السلطات العسكرية الإقامة أو التواجد فيها.
– إحالة ١٠ جرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.
أصدر الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، في 27 أكتوبر من العام الماضي، وحتى انتهاء مد حالة الطوارئ، التي كانت مقررة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 555 لسنة 2019 لمدة ثلاثة أشهر، قرارًا يلزم النيابة العامة بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ.
وبحسب القرار، الذى نشرته الجريدة الرسمية، تحال إلى محاكم أمن الدولة طوارئ الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر، وجرائم تعطيل المواصلات، وجرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة (البلطجة)، والجرائم الخاص بشئون التموين والمرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاصة بالتسعير الجبرى، وتحديد الأرباح والقرارات المنفذة له.
كما تحال إلى محاكم أمن الدولة، الجرائم الخاصة بالأسلحة والذخائر، وجرائم الحفاظ على حرمة أماكن العبادة، والجرائم الخاصة بتجريم الاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت، والجرائم الخاصة بشأن تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية، والجرائم المنصوص عليها فى قانون مكافحة الإرهاب.
– طبيعة الاحكام التى تصدر من محكمة أمن الدولة.
تكون أحكام أمن الدولة نهائية و باتة و غير قابلة للطعن عليها بأى شكل، و يرفع الحكم لرئيس الجمهورية للتصديق عليه، وله صلاحيات طبقا للقانون أن يخفف العقوبة أو يوقفها أو يأمر بإلغائها، ولكن لا يجوز تشديد العقوبة، وإن أراد تشديد العقوبة يأمر الرئيس بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وفى هذه الحالة يطبق الحكم الصادر أيًا كان.
– إحالة متهمين من قضية عادية ليحاكموا أمام محكمة أمن الدولة.
طبقا للكتاب الدورى الصادر من النائب العام، يحق للنيابة إحالة أية قضية ارتكبت فى أى وقت إلى “محكمة الطوارئ” مادامت حالة الطوارئ مُعلنة فى البلاد.
ونصت المادة السادسة من الكتاب الدورى رقم 7 الصادر من النائب العام فى توصياته لأعضاء النيابات، بأنه يجب إحالة الجرائم التى وقعت قبل العمل بقرار تشكيل محاكم أمن الدولة طوارئ إلى “محاكم الطوارئ” إذا لم يتم التصرف فيها.
– إحالة المتهمين إليها.
يحال المتهمون بعد إجراء التحقيقات معهم من قبل النائب العام متمثلا فى النيابات الكلية أو الجزئية أو نيابة أمن الدولة العليا .
– بداية العمل بمحكمة أمن الدولة.
شكلت محاكم أمن الدولة طبقا للقانون رقم 162 لسنة 1958 المعروف بقانون الطوارئ، و الذى أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقت الوحدة مع سوريا ، ثم تم إصدار قانون خاص بتشكيلها و نطاق اختصاصها، و هو القانون 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة، و تم العمل بها حتى ألغاه الرئيس الأسبق حسنى مبارك بالقانون رقم 95 لسنة 2003، وتم نشره فى الجريدة الرسمية فى العدد الصادر رقم 25 بتاريخ 19 من يونيو من عام 2003 .
إلا أنه تم العمل بها مرة أخرى مع أول إعلان لحالة الطوارئ، ليتم إلغاء العمل بها مرة أخرى فى القرار رقم 59 لسنة 2012 الصادر من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونص على إنهاء تطبيق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ فى جميع أنحاء الجمهورية العربية اعتبارًا من يوم 25 يناير 2012 فيما عدا جرائم البلطجة.
إلا أنه مع ومنذ أول مرة تم فيها إعلان تطبيق حالة الطوارئ، صدر قرار رئيس الوزراء بالتبعية فى 10 أبريل عام 2017 بتعيين أعضاء محاكم أمن الدولة العليا والجزئية “طوارئ”.
حيث صدر قرار المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، رقم 840 لسنة 2017، والمنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 4 مايو من نفس العام، بتعيين أعضاء محاكم أمن الدولة العليا والجزئية “طوارئ”، وذلك بعد إعلان تطبيق حالة الطوارئ على مستوى الجمهورية فى 10 أبريل ٢٠١٧، عقب حادثتى تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية لمدة ثلاثة أشهر، وهى المدة التى تم تمديدها مرتين، آخرها كان اعتبارًا من الواحدة من صباح يوم الجمعة 13 أكتوبر الماضى.
– تشكيل محكمة أمن الدولة.
تشكل كل دائرة من دوائر أمن الدولة الجزئية بالمحكمة الإبتدائية من أحد قضاة المحكمة، وتختص بالفعل فى الجرائم التى يعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتشكل دائرة أمن الدولة العليا بمحكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين، وتختص بالفصل فى الجرائم التى يعاقب عليها بعقوبة الجناية، وبالجرائم التى يعينها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أيا كانت العقوبة المقررة لها، ويقوم بمباشرة الدعوى أمام محاكم أمن الدولة عضو من أعضاء النيابة العامة.
ويجوز استثناءً لرئيس الجمهورية، أن يأمر بتشكيل دائرة أمن الدولة الجزئية من قاضٍ واثنين من ضباط القوات المسلحة من رتبة نقيب، أو ما يعادلها على الأقل وبتشكيل دائرة أمن الدولة العليا من ثلاثة مستشارين ومن ضابطين من الضباط القادة.
ويعين رئيس الجمهورية أعضاء محاكم أمن الدولة، بعد أخذ رأى وزير العدل بالنسبة للقضاة والمستشارين، ورأى وزير الحربية بالنسبة إلى الضباط.