أثر وباء كورونا على الالتزامات التعاقدية وفقا للقانون المصري والفرنسي

كتب: أحمد عمارة
إن الإجراءات المتخذه من قبل الحكومة المصرية، لمواجهة فيروس كورونا المستجد، يترتب عليها شقين، الأول أن تطبق نظرية الظروف الطارئة، بالنسبة لتعاملات الأفراد فيما بينهم، ويترتب على ذلك تأجيل سداد الالتزامات التعاقدية، أو تخفيضها أو الإعفاء من جزء منها، أو كلها، وفيما يتتبع تعامل الأفراد مع جهه الإداره، تطبق نظريه عمل الأمير، ومايتتبعها من شروط وإجراءات مماثلة لنظرية الظروف الطارئة، بإستثناء أن العلاقة هنا بين فرد وجهه إداره، ولعل منبع تلك النظريتين هو مجلس الدولة الفرنسي، وما استنبطه من تلك النظريات، واستحدثها وطورها، ولعل النظريتان متطابقتين في مصر وفرنسا، وهو مايجعل ماسردناه سلفا يطبق على تلك الأزمة الموجودة في فرنسا ومصر، وما استتبع ذلك من قيام المركزي المصري من تأجيل سداد القروض بالإضافة، لحزمة الإجراءات الاقتصادية الأخرى.
وهذا مايؤكد تطبيق مصر لنظرية الظروف الطارئة، في الأوبئة الصحية واقعة مادية صرفة، تكون لها آثار سلبية واضحة، يمكن رصد ملامحها على العلاقات القانونية بوجه عام، والعلاقات التعاقدية، على وجه الخصوص، حيث تتصدع هذه الروابط نتيجة ركود، أو شلل يصيب بعض القطاعات الاستثمارية، ما يجعل من المستحيل (أو على الأقل من الصعب) تنفيذ بعض الالتزامات أو يؤخّر تنفيذها.
تفيد قاعدة “العقد شريعة المتعاقدين” المعروفة بأن ليس لأحد أن يستقل بإلغاء أو تعديل العقد أو أن يتحلل من التزاماته بطريقة منفردة، أي الالتزامات التي تقررت بمقتضى العقد الذي أبرمه بإرادته الحرة، كما أنه ليس للقاضي، إذا حل بأحد المتعاقدين عذرٌ أو تغيرت الظروف التي تم فيها إبرام العقد بحيث أصبحت تؤدي إلى اختلال في التوازن الاقتصادي بين الطرفين أو تجعل تنفيذه مرهِقاً أو مضرّاً بأحدهما، يصبح تنفيذ هذه الالتزامات جائراً على الطرف المتضرر، وينبغي تعديل العقد إلى الحد الذي يُرفع به الضرر، أو فسخ العقد حسب طبيعته والظروف التي تغيّرت ووفقاً لمصلحة المتعاقدين.
فقهاء المذهب الحنفي أجازوا فسخ عقد الإيجار للأعذار الطارئة، كما أن فقهاء المذهبين المالكي والحنبلي يرون إنقاص الثمن في الثمار المبيعة إذا أصابتها جائحة. ومن هنا، نشأت ” نظرية العذر” في الفقه الحنفي و”نظرية الجوائح” في الفقهين المالكي والحنبلي. وفي القوانين الحديثة، يقابل هاتين النظريتين نظرية “الظروف الطارئة”.
وكما هو متفق عليه غالباً، تطبَّق نظرية “الظروف الطارئة” في الحالات التي يكون فيها تنفيذ الالتزام مرهِقاً لأحد الاطراف او كليهما.
ويكون الجزاء هو رد الالتزام المرهِق إلى الحد المعقول وتوزيع الخسارة على الطرفين. أما إذا استحال التنفيذ فيُطبّق على الأمر نظرية أخرى هي نظرية “القوة القاهرة” التي تختلف أحكامها عن أحكام نظرية “الظروف الطارئة”.
والجزاء فيها هو فسخ العقد وانقضاء الالتزام. أما إذا لم تتجاوز الخسارة الحد المألوف فلا مجال لتطبيق “القوة القاهرة”.
زر الذهاب إلى الأعلى