أثر فيروس كورونا المستجد على الإلتزامات التعاقدية

بقلم: عبدالله زيادة
على أثر إعلان منظمة الصحه العالميه تصنيف فيروس كورونا المستجد بأنه وباء عالمى ، اتخذت غالبية دول العالم ومنها مصر قرارات بشأن الحد من انتشار هذا الفيروس مثل( تعليق حركة الطيران ومنع التجمعات فى الأماكن العامه ، غلق كافة المحال التجارية والحرفية غلق جزئى،غلق بعض المنشأت غلق كلى لمده محدده وتُجدد حسب الوضع الراهن،……)
ونتج عن تطبيق القرارات السابقه و التى اتخذتها الكثير من دول العالم التأثير على الإلتزامات التعاقديه سواء بين الشركات أو الأفراد، وتضررت بالفعل الكثير من المنشأت والشركات والأيدى العامله على مستوى العالم و بالتالى عجزت الكثير من هذه المنشأت والشركات عن تنفيذ الإلتزامات التعاقديه جراء هذه القرارات .
واتجه الكثير من الباحثين والخبراء القانونين الى بحث جائحة كورونا التى يمر بها العالم هل تعتبر حادث طارىء أم قوة قاهرة؟
الأصل العام فى القانون المدنى أن العقد شريعة المتعاقدين وأن كل طرف من أطراف العقد يلتزم بتنفيذ شروط العقد وفى حال الإخلال بأى شرط من شروط تنفيذه يكون الطرف المخل ملتزم بتعويض الطرف الأخر بالعقد، إلا أنه استثناءً من هذه القاعده نص القاون المدنى أيضاً على أنه إذا طرأت حوادث استثنائيه جاز للقاضى أن يردّ الالتزام إلى الحد المعقول أو يفسخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة تنفيذه ، وهذا ما أفصحت عنه المادة 147 من القانون المدنى المصرى.
ونصت المادة 373 من ذات القانون على أنه :- “ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يدّ له فيه”.

اتجه بعض الباحثين والخبراء القانونين إلى تبنى نظرية الظروف الطارئة بشأن جائحة كورونا إذ أنه حادث استثنائى يندر حدوثه وليس بالإمكان توقعه وجعل تنفيذ الالتزامات التعاقديه مرهقةً للمدينين .
واتجه البعض الأخر إلى القول بأن هذة الجائحه تعتبر من قبيل القوه القاهرة لأنها انطبقت عليها شروطها وهى كما عرفتها محكمة النقض المصريه بأنها :- هي كل حادث ، لا يمكن توقعه ، ولا يمكن دفعه مطلقاً مثل (الحروب والزلازل والحرائق ،….)
وتكمن التفرقه بين نظرية الحادث الطارىء والقوة القاهرة فى أن القوة القاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً أما الحادث الطارىء فيجعل التنفيذ مرهقاً فحسب .
والحقيقه أن هذه الجائحه من الممكن أن تعتبر حادث استثنائى ومن الممكن أيضاً اعتبارها قوة قاهرة فى حالات أخرى حسب الأثار المترتبه على كل حاله على حدة .
إذ أ أن هذة الجائحة انطبقت عليها شروط كلاً من النظريتين فتكون بمثابة حادث استثنائى اذا كان تنفيذ الإلتزام مرهقاً فحسب للمدين ،أما إذا كان تنفيذ الإلتزام أصبح مستحيلاً هنا نكون أم القوة القاهرة .
وهنا نرى الفرق بين نظرية الحادث الطارىء والقوة القاهرة ،فهما إذا كانا يشتركان فى أن كلاً منهما لايمكن توقعه ولايستطاع دفعه،إلا أنهما يختلفان فى أن القوة القاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً أما الحادث الطارىء فيجعل التنفيذ مرهقاً فحسب . ويترتب على هذا الفرق فى الشروط فرق فى الأثر . إذ القوة القاهرة تجعل الإلتزام ينقضى فلا يتحمل المدين تبعة عدم تنفيذه ، أما الحادث الطارىء فلا يقضى الإلتزام بل يرده إلى الحد المعقول فتتوزع الخسارة بين المدين والدائن ويتحمل المدين شيئاً من تبعة الحادث .
ولم يقتصر القانون المدنى المصرى على إيراد نص عام يقرر فيه نظرية الظروف الطارئة ، بل أورد إلى جانب هذا النص العام نصوصأ أخرى تطبق النظريه فى حالات خاصة منها ما نراه فى عقد الإيجار فقد نصت الماده 608 فقره 1 من القانون المدنى المصرى على أنه :- إذا كان الإيجار معين المدة ، جاز لكل من المتعاقدين أن يطلب إنهاءه قبل انقضاء مدته إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو فى أثناء سريانه مرهقاً ، على أن يراعى من يطلب إنهاء العقد مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة بالمادة 563 ، وعلى أن يعوض الطرف الأخر تعويضاً عادلا .

زر الذهاب إلى الأعلى