أثر التجارة الإلكترونية على إنتهاكات الملكية الفكرية
بقلم الدكتور/وليد محمد وهبه المحامي
أدى انتشار التجارة الإلكترونية عن طريق تطبيقات الهواتف الرقمية بفضل انتشار أنظمة التشغيل مفتوجة المصدر إلى خلق أسواق عالمية للمحتوى وأصحاب حقوق الملكية الفكرية بوجهها الرقمي، الأمر الذي بات يهدده قراصنة الاتصالات والشبكات عبر الأجهزة المختلفة، التي تسهم في تدمير الصناعات الإبداعية وقتل القدرة على تعزيز الابتكار، حتى أصبحوا مجرمين متخصصين في مواجهة الإبداع وانتهاك حقوق الملكية الفكرية في محيط الإلكترونيات. العالم الرقمي يمثل تحدياً جديداً، إذ كيف يمكن لإدارة التوازن عندما يكون المستهلك هو المبدع، وعندما تكون تكلفة النسخ المقلدة ضئيلة قياسا بالنسخ الأصلية المكلفة، تدل التقديرات على أن قيمة القرصنة الرقمية بلغت نحو 75 مليار دولار أمريكي في 2008، ومن المتوقع أن تصل إلى 215 مليار دولار أمريكي في 2015. وتأتي القرصنة على التسجيلات الموسيقية في مقدمة هذا النشاط، إلا أن ما بدأ يظهر في تطبيقات الأجهزة الذكية منبع انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
حيث وصل عدد التطبيقات المقرصنة التي تصنف ضمن انتهاكات حقوق الملكية الفكرية إلى أكثر من 40 في المائة من السوق العالمية، فإن معظم تلك التطبيقات هي البرمجيات المستخدمة في بعض البلدان التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة. ويأتي ذلك بعد التحذيرات التي لا تتوقف تجاه أخطار البرمجيات الخبيثة التي تستهدف الهواتف الذكية، وتسهب تقارير عدة في الحديث عن ارتفاع أعدادها وتغير الأساليب التي تتبعها، فضلاً عن أضرارها من التجسس على المستخدمين، وسرقة بياناتهم الشخصية، وتعقب أماكن وجودهم، وعمليات التصيد والاحتيال.
وحسب اعتقاد أدريان لوفيج، مدير الحماية لنظام “أندرويد” التابع لشركة “جوجل”، أنه لا تزال البرمجيات الخبيثة التي تستهدف الأجهزة المحمولة في مراحلها الأولى، مؤكدا أن من بين كل 100 ألف تطبيق تم تحميلها من متجر”جوجل بلاي” من المصادر القانونية وغيرها، يوجد تطبيق واحد فقط يُمثل تهديداً أمنياً انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية في المقابل قامت شركة HP بإجراء دراسة تحليلية على عينة من التطبيقات الإلكترونية لملاحظة مدى قابليتها للوصول إلى بيانات المستخدمين، ومدى الخطورة التي قد تشكلها في ذلك.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن 97 في المائة من مجمل التطبيقات لديها إمكانية الوصول إلى بيانات المستخدمين بما فيها جهات الاتصال وسجل المكالمات والبريد الإلكتروني، كما أن 86 في المائة من تلك التطبيقات تفتقر في مجملها للتحصين الأمني اللازم الذي من شأنه حماية البيانات التي تستخدمها تلك التطبيقات.
كما أشارت الدراسة أيضاً إلى أن 75 في المائة من التطبيقات التي تم اختبارها فشلت في تشفير البيانات بالشكل الصحيح. وتضيف HP أنه مع افتراض وجود نتائج مماثلة مع الآلاف من التطبيقات الأخرى التي يجري تحميلها وتثبيتها من متاجر التطبيقات، فإن ذلك من شأنه أن يضع خصوصية مستخدمي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية على المحك.
إنما يبقى التساؤل الهام و هو عدم قدرة التطبيقات على حماية بيانات المستخدمين؟؟، خصوصاً عند استخدام تطبيقات أخرى قد تجري معها عملية تبادل المعلومات دون علم مسبق من المستخدم.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها كل من “جوجل” و”أبل” و”مايكروسوفت” لتحسين الجانب الأمني لأنظمة تشغيلها الخاصة بالهواتف الذكية ، إلا أن كل ذلك لا يبقى كافياً، حيث لا بد لمطوري التطبيقات الانتباه بشكل أكبر لمسألة الخصوصية التي أصبحت اليوم تطرح جدلاً كبيراً وعلى نطاق واسع. ماذا فعلت الشركات الكبرى؟