آثار العُنف الأُسري على المجتمع وطرق الحد من انتشاره

إعداد/ فهد محمد

محامٍ، باحث دكتوراه في القانون

– بدايةً وقبل الخوض في تعريف العُنف الأُسري- قــــال تعالى : ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ سورة التوبة (128).
– الأسلام جاء مُناقضًا للعُنف والقمع لأنهُ دين التسامح والرحمة والعفو، وايضاً هو الدين الــــــــــذي ينبذ كافة أشكال العنف والأكراه والقسوة في كافة مجالات الحياة، فنجد أن الأنبياء والرسل بلغوا دعواهم للناس بدون عُنف أو إكراه، لذلك يجب علينا عدم الأنصياع إلي المُشككين الـــــــذين ينشرون الأفكــــــــــار المتطـــــــرفة للإيقاع بالمجتمــــــــع الإسلامي من أجل تحقيق مآربهم وتنفيذ مُخططاتهِم المكشوفة والتي لا تمس للإسلام بصلة؛ فالأسلام بـــــــريء منهم ومن أفعالهم .
أولاً : تعريف العُنف :

1 – تعريف العنف لُغةً : (عُنُف) أسم – مصدر (عَنُفَ) عَامَلَهُ بِعُنْفٍ : أي عامله بشدة وقسوة .

2 – تعريف العنف اصطلاحاً : هو أستخدام القوة والشـدة بصـــورة أو بأخــــــــــــــرى لا يُبيحُها الشرع، وذلك بهدف فرض وإظهار السيطرة على طــــــــــــــرف آخــــــــــــر، وايضـــــاً هو مـــــن آثار إلحـاق الأذى نفسياً أو جسدياً، فالأسلام جاء أصله من السلام أي الصفــــاء من جميـــع الأمراض سواءً باطنيــــــاً أو ظاهرياً .                                          قال تعالى ” والله يدعو إلىَ دار السلام” : سورة يونس 25 –

3 – تعريف العُنف في لغة القانون :

هوشكل مـــــن أشكال الإيذاء الذي يترتب عليــــه الأستغلال أو إســــاءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية التي يستعملها شخص تجاه شخص آخر، متجـاوزاً حـدود ما له من مسؤولية أو ولاية أو سلطة، ومنها أمتناعه وتقصيره في الوفاء بواجباته الأساسيـــة لفرد من أفراد أسرته.

– ومن التعريف السابق يتضح جلياً بأن العنف الأُسري له أشكال [أحدهما مادي، وآخر معنوي]

أ- العنف المادي: فهو كـــــــل فعل ضار يمس الســـــــلامة الجســـــــــدية أو يهــــــــــــدد حياة الطفل كالضرب والقتل والأحتجاز وغير ذلك من أنواع العنف .

ب- العنف المعنوي : فهو كل اعتداء لفظي كالقذف والسب أو الاكراه أو التهديد أو الأهمـــال أو الحرمان من الحقوق والحريات أو الأهانة والتحقيـــــــــــر وغير ذلك من الأفعال التي تنال من كــــــــــــرامة الطفل والتي تبث فيــــه الضعف والرعب والتحكم فيه بطرق غير مشروعه .

– لا يفوتنا في هذا السياق بأن السلطة التشريعيــة في مصر ممثله فـــي مجلس النــــــواب تهتم جليًـــا بتعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 ، وذلك للحـــد من انتشـــــــــــــار تلك الظاهرة التي قد تؤدي إلي وقوع ما لا يُحمد عُقباه في حق من لم تتجاوز أعمارهم الثمانية عشرعامًا.

– بينما هناك مشروع قانــــــــون آخر يتــــــم مناقشتـــــه  بمجلس النــــواب، يواجــــــه جرائـــــــم العُنــــــــــــف ضـــــــد المرأة [ يشمل سائر الإناث في مراحل العمر المختلفة ].

ثانياً : أسباب أنتشار العنف الأُسري في المجتمع .

– يرجع انتشار العُنف الأُسري لعدة أسباب من اهمها :

1- ضعف الوازع الديني في الأسرة: لما كانت الأسرة هي اللبنة الأولي في قوام المجتمـــــع حــــــرص الأسلام على تأهيلها ونهوضها ورسوخها حتي يسلم المجتمع مــن الجـرائم والآفات والتفكك الأسري .

2- عدم المساواة بين الأبناء والبنات، وسوء التربية وتنشأة الأطفال في بيئة عنيفة .

3- انتشار المشاكل بين الزوجين، وغيــــــاب ثقافة الحوار والتشاور داخـــــل الأسرة ، وعدم التناسب والتكافؤ في مختلف الجـــوانب بمـا فيهم الجانب الفكري.

4- تعاطي أحد الوالدين للمُسكرات أو المواد المخدرة، وهذا من ضمن أحد أهم الأسباب لما للتربية مـن دور كبير في تشكيل شخصية الأبناء .

5- الضرب المؤلم أو الأنتقاد والتوبيخ والتحقير المستمر للأبناء يؤدي إلى الشعور بالنقــص بالإضافة إلي تكليف الأبن ما لا يطيق أو إجباره على تحقيق ما لا يستطيع الوالدان تحقيقه .

6- وسائل الأعلام وخاصــــة المرئي منــــــه من خلال مشاهدة المسلسلات والأفلام عن طريق شاشات التلفاز والتي تحض على العنف بين أفراد المجتمع تحت ما يسمي بالفن الهادف .

7- البطالة وضعف الحالة الإقتصادية وانتشار الفقر بين أفراد المجتمع يـؤدي إلـــى تدنـــــي الوضــــع الإقتصادي للأسرة والشعــور باليأس مـــــع أزدياد عـــدد أفرادها فيلجأ البعض إلي العنف كوسيلة لحل المشكلات .

8- انتشار الطلاق في المجتمع أدى إلى تفكك الأسرة وضياع الأبناء بسبب مطامـــع أحد الزوجين وقلة الوعي وعــــــدم التأني في أختيار أحد الزوجين للأخر، وبناء الأختيارعلى أُسس ومبادئ غير سليمة .

ثالثاً : آثار العُنف الأُسري على الفرد والمجتمع .

– آثار العنف الأُسري فيمن مُورس في حقهم العُنف – من ضمنهم :

1- ظهورالعُقد النفسية التي قد تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية وسلوكيات عدائيــة وأخرى إجرامية.

2- تفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشي الأحساس بالأمان وربما يصل الأمر إلى تلاشي الأسرة

3-  تدمير مهارات وقدرات الشخص، فقد يكون المعتدى عليه عُـــــرضة للإعاقــــة العقليــة وقد يكون عُرضة لتدهور صحي يصيب الأعضاء الداخلية .

4- الإصابة بالإحباط وخيبة الأمــــل نتيجة الشعور بالظلم، وكذا الشعور بالقلق والاضطراب نتيجة عدم الحصول على القدر الكافٍ من الحنان والأمان والمحبة.

5- قد يؤدي العنف ضد الفرد إلى شعوره بحالة من اليأس والنقص وفقـــدان الأمل مــن الحياة ورغبته في الموت مما يدفعهُ إلى الأنتحار.

– آثار العٌنف الأُسري على المجتمع :

إن العُنف الأسري يؤدي إلى التفكك وغياب الشعــــور بالاستقرار والدفء العائلي مما يدفع البعض إلى التعبير عن الغيظ والكبت من خلال ممارسة العدوان على أفراد المجتمع ، وايضــاً يؤدي ذلك إلى زيادة نسبة التشرد والتسول عند خروج الأطفال المُعنفين من منازلهم دون وجود مأوى أو مصدر دخل ثابت ليتمكنوا من إعالة أنفسهم.

رابعاً : طرق معالجة العُنف الأُسري والحد من انتشاره

– دعوة الأسرة بجميع أفرادها للتراحم والترابط فيما بينهم، والتقرب إلى الله عن طريق تعاليـــــم الدين الأسلامي الصحيح ونشر العلم والتوعيه بين أفراد الأسرة وبعضهم البعض .

– إعطاء الدروس الدينية وإقامة المؤتمرات والندوات والتذكير بقيم الأسلام وأخلاقياته .

– بناء دور للرعاية والإصلاح لمن عانوا من العُنف الأُسري.

– احذ الولاية من الأب والأم ممن لا يؤدون واجباتهم بشكل صحيــــح ومُــلائم لأطفالهم، وإعطاءها للكفء من أقرباء الطفل .

– سن قوانين رادعه وتغليظ العقـــوبات في حـــق مــــن يُمارسون العُنف ضـــد المُعنفين الذيـن مُورس في حقهم العُنف.

– الإبلاغ عن أية حالة تتعرض للعُنف الأُسـري، وعـدم التعاطف مع من يُمارسون تلك الأفعــال في حق الأطفال حتى تستطيع السلطات المختصة القيام بأتخاذ اللازم قانوناً ضد الذين يمارسون العُنف بكافـــــة أنواعـــــه، حتى يكونوا عبـــــرة لمن تسول له نفسه التعدي على أي حـق من حقوق الآخرين وفـرض السيطرة عليهم بدون وجه حق .

 

زر الذهاب إلى الأعلى