وبالإسكندرية كان اللقاء.. قراءة تحليلية ليوم الوفاء
ماهر الحريري
بين مزيج من الأعياد الوطنية، والمناسبات الدينية والاجتماعية، كان الوفاء وبالإسكندرية، عروس البحر، موعدا ولقاء.
من شاطئ البحر، مرورا بالمجمع النظري للكليات، أترجل، وأمام عيني تظهر كلية الحقوق عريقة شامخة لتزيد ذلك المجمع جمالا فوق جمال، وبرأسي يدور شريط الزمان، وعلى السطح تطفو الذكريات، فما أجمل زمن الشباب، وما أروع حياة الطلاب.
وبالقاعة الكبرى لمكتبة الإسكندرية، ذلك الصرح الشامخ، ينتهي بي المطاف.. استقبال وإرشاد للجنة المنظمة ذات الزي الموحد من شباب المحامين أكثر من رائع يعبر عن فكر واع، وذوق عال.
وبداخل القاعة مقاعد مسلسلة للمكرمين، تحمل اسماء المحامين، كل حسب رقم قيده، وأخرى لغير المكرمين وأسرهم في مشهد يليق فعلا بعظمة المحاماه وطبيعة المكان. ومن الإسكندرية شرقها وغربها، يتوافد المحامون، وبين حين وآخر أعضاء النقابات. بعد انتظار، تكتمل المنصة بنقيبهم العام، والسلام الوطني، تبدأ مراسم الاحتفال، وتتوالى الفقرات. وفي تقليد جديد يواكب متطلبات هذا العصر لمهنة المحاماة، تتألق وديان فتحي، تلك المحامية المتحدثة بالإنجليزية بطلاقة تقديما، ويعقبها مصطفي أبو إبراهيم، من شباب المحامين، البارعة لغته العربية، نطقا وإعرابا، مترجما في مشهد يعبر عن يوم في التكريم غيرمسبوق.
وتتوالى الكلمات، بداية بعضو النقابة العامة لغرب الإسكندرية مرحبا بكل الحضور، ويسقط من ترحيبه بعض الأسماء، ويتدارك الأمر ليعود بهم مرحبا، وتمضي الأحداث بكلمات لأعضاء الفرعية بغرب الإسكندرية، وتضيع منهم قواعد اللغة، نطقا وإعرابا، واستاء من حديثهم البعض، وتذرع البعض الآخر بالصبر حتي نهاية الحديث. وللمقدم يعود الحديث معلنا عن كلمة مصطفي البكري العفيفي، ذلك الهرم الشامخ بسماء الإسكندرية للمحاماة، ويبدأ حديثه عن مهمة الدفاع، وعن قانون الإجراءات السماوية، مستندا لما ورد بسورة يوسف، وكأنه يؤكد أن الشريعة الإسلامية هي المصدر لكل تشريع، فبدا وبحق رائعا معبرا عن جيل عظماء استحقوا فعلا التكريم في يوم ندين لهم فيه بالولاء.
ويعقبه متحدثا عضو النقابة العامة لشرق الإسكندرية. وعن عمد، تعلو من البعض الأصوات، وتكثر الطلبات في َمشهد أكاد أجزم بأنه بالفعل متعمد ليفسد البعض به حلاَوة اللقاء، ويتدخل عاشور، ذلك الثعلب الماكر، بحنكته النقابية، وقراءته القيادية، ليعيد الأمور إلى نصابها. ويعاود الفولي الحديث منهيا كلمته في عجالة، ويقدم نايف عاشور متحدثا، متخطيا الأمير، نقيب شرق الإسكندرية، ولا أدري لذلك سببا، لكن ربما كانت خلافات نقابية.
ويأبي عاشور الحديث إلا بعد أن يتحدث الأمير، في رسالة منه واضحة، تقول للجميع هكذا تكون الأصول ويتحدث الأمير، ويعقبه عاشور، شارحا، وموضحا، ومفسرا لكل ما يدور بخلد الجميع من أسئلة واستفسارات. وبعد حديث منه طويل عن مشكلات مهنية، وخدمات نقابية، واستحقاقات دستورية، يستطيع أن يلهب مشاعر الحاضرين، لاعنا أمريكا وإسرائيل، وسط تصفيق وإعجاب كل الحضور، في رسالة ماكرة تقول للمتربصين: تريثوا سأفسد عليكم كل مخططاتكم. وكعادته، نجح وكسب رضاء الجميع.
ويأتي بعد ذلك تكريم لحضور استحقوه فعلا لجيل من عظماء، كثيرا ما أثروا المحاماة، فكرا وعلما، فازداد المشهد بهم فخرا وعزة، وعلى وجوهم تبدو علامات السعادة، وبدت المنصة وجهة مشرفة للمحاماة والمحامين، لولا ثلة من المتسلقين والراغبين لحب الظهور ممن اعتادوا أن يفسدوا علينا حلاوة كل لقاء، حتى ملهم المحامون.
وينتهي يوم الوفاء بلقاءات لزملاء دراسة، وطيور مهاجرة، حجبهم الزمان عنا طويلا. ويزداد اليوم روعة بلقاءات على أرض الواقع لكثير من أصدقاء مواقع التواصل، تكتمل بهم الفرحة ليزيدوا اليوم بهجة.