هل يوجد تعارض بين حماية سرية المراسلات في الدستور ونصوص قانون الجرائم المعلوماتية الجديد
بقلم: فرج محمد فرج
نصت الدساتير المصرية المتعاقبة علي حرمة الحياة الخاصة وسرية المراسلات وفي ذات الوقت صدر قانون مكافحة جرائم المعلوماتية واوجب التزامات بالافصاح عن بعض البيانات علي مقدموالخدمة .
فهل يوجد تعارض بينهم هذا ما يجيب عنه الاستاذ/فرج محمد علي المحامي بالنقض والادارية العليا حيث يقول صدر قانون مكافحة جرائم المعلوماتية واوجب التزامات علي مقدمي الخدمة لم تكن معروفة قبل صدوره حيث نصت المادة 2 من القانون علي التزامات وواجبات مقدم الخدمة وهي حفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتى، أو أى وسيلة لتقنية المعلومات، لمدة 180 يوما متصلة، وتتمثل البيانات الواجب حفظها وتخزينها فيما يلى:
أ- البيانات التى تُمكّن من التعرف على مستخدم الخدمة.
ب- البيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتى المتعامل متى كانت تحت سيطرته.
ج- البيانات المتعلقة بحركة الاتصال.
د- البيانات المتعلقة بالأجهزة الطرفية للاتصال.
ولكن ما عددته المادة السابقة علي سبيل المثال حيث قررت الفقرة هـ- بعجز ذات المادة أى بيانات أخرى يصدر بتحديدها قرار من مجلس إدارة الجهاز.
وهو نص مرن يسمح باضافة بيانات اخري قد يسفر عنها احتياج الجهات المسئولة بعد تطبيق القانون ، وفضلا عن الالتزام بالحفظ يوجد التزام بالسرية والكتمان حيث نصت ذات المادة بعد ذلك علي التزام مقدم الخدمة بالمحافظة على سرية البيانات التى تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مُسبّب من إحدى الجهات القضائية المختصة، ويشمل ذلك البيانات الشخصية لأى من مستخدمى خدمته أو أى بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التى يدخل عليها هؤلاء المستخدمون، أو الأشخاص والجهات التى يتواصلون معها. وكذلك تأمين البيانات والمعلومات بما يحافظ على سريتها، وعدم اعتراضها أو اختراقها أو تلفها.
وبذلك فلا يوجد تعارض بين النصين لان الالتزام بالافصاح لن يكون الا بناء علي امر قضائي مسبب وهو ما يعد تطبيقا لحرمة الحياة الخاصة كما جاء بالدساتير المصرية حيث ان أغلب الدساتير المعاصرة قد ركزت اهتمامها على الاعتراف للفرد بحقه في سرية المراسلات، وإن بعض الوثائق الدستورية ، تميزت بتسجيلها مبدأً يقرر إحاطة المراسلات بالحماية الجنائية وقد تجلى هذا الاتجاه في الدستور المصري لعام 1971م ، حيث قرر في المادة 45 منه، تجريم كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق التي يكفلها الدستور) وعرقها الفقه بانها(حرمة الحياة الخاصة هي قطعة غالية من كيان الإنسان لا يمكن انتزاعها منه، وإلا تحوّل إلى أداة صمّاء عاجزة عن القدرة على الإبداع الإنساني ويتجسّد الكيان الشخصي للإنسان في عنصرين؛ أحدهما طبيعي والآخر قانوني، أما العنصر الطبيعي فيتمثل في شخص الإنسان من النواحي العضوية والنفسية والعقلية، ويبدو العنصر القانوني في الحقوق اللصيقة بشخصيته، والتي يقررها القانون؛ كالحق في الاسم والصورة والحق في الشرف والاعتبار والحق في الخصوصية).
( د. أحمد فتحي سرور، الضمانات الدستورية للحرية الشخصية في الخصومة الجنائية، ص160) انتهاء بالدستور الحالي بنصه في المادة 57وتنص المادة على أن للحياة الخاصة حرمة, وهى مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون. كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها , ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك. ومع مراعاة حرمة الحياة الخاصة التى يكفلها الدستور، يلتزم مقدمو الخدمة بأن يوفروا حال طلب أجهزة الأمن القومى،ووفقا لاحتياجاتها، كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج، والتى تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقا للقانون.