هل يمكن أن يتحول المُحقق إلى مدان.. “الإدارية العليا” في حكم هام توضح الأصول الفنية في التحقيق

كتب: أشرف زهران

عاقبت المحكمة التأديبية العليا، الاثنين، محام بقطاع الأمن بالهيئة الوطنية للإعلام، بخصم ٥ أيام من راتبه، لقيامه بترهيب شاكي بأحد التحقيقات التي قام بها وتسليط الاتهامات عليه حال كونه شاكيًا من مظلمة.

وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى التأديبية لـ«م.م» مدير عام التحقيقات بذات الهيئة، صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم داوود، نائب رئيس مجلس الدولة، وسكرتارية محمد حسن.

ونسبت النيابة الإدارية للمحال الأول، بأنه انتهى بالرأي القانوني في التحقيق الإداري رقم 207 لسنة 2008 إلى التقرير بحفظ المخالفات، تأسيسًا على أن الشاكي في التحقيق قرر أنه قدم شكواه للعلم والإحاطة فقط حال كون الشاكي لم يصرح بذلك، مما أدي إلى التقرير بنتيجة غير محمولة على أسبابها.

ونُسب للثاني، بأنه اعتمد الرأي القانوني المعد في التحقيق الإداري رقم 209 لسنة 2018 حال ما شابه من قصور على النحو السالف بيانه، وقام بالتأشير على مذكرة الرأي في هذا التحقيق بتأشيرة مؤداها اعتراف الشاكي بشكواه على رئيس الإدارة المركزية للشؤون المالية والإدارية بوقائع على خلاف الحقيقة، ورغم أن الأوراق قد جاءت خالية من ثمة دليل مادي على ما ادعاه في هذا الشأن.

وتبين للمحكمة أن المحقق قبل أن يتبين من صحة ادعاء الشاكي من عدمه قام بتوجيه اتهامات له بالخروج على مقتضى الواجب الوظيفي، باتهام رؤسائه والادعاء كذبًا عليهم، الأمر الذي حدا بالمشكو في حقه إلى الإجابة على هذه الاتهامات، أنه لم يدع كذبًا على المشكو في حقه وإنما أراد القول بأنه كان على علم بكل من حدث ويحدث له.

وثبت للمحكمة، أن المحال خالف بلا شك الأصول الفنية في التحقيق، والتي توجب عليه أن يمكن الشاكي من الإدلاء بأقواله في حرية تامة دون ترهيب أو ترغيب، وأن يمكنه من تقديم سند تلك الأقوال والاستعانة يما يرى سماعه من الشهود، وألا يسلط عليه الاتهامات حال كونه شاكياً من مظلمة تعرض لها دفعته إلى ولوج الطريق القانوني لدرأ هذه المظلمة، فضلًا عما تبين للمحكمة من أن المحال اجتزأ أقوال الشاكي من سياقها لينحرف بالتحقيق عن الحق باعتبار أن الشاكي لم يقصد من شكواه إلا العلم والإحاطة وينتهي إلى حفظ الشكوى.

وبذلك فإن هذا المسلك من المحال يؤكد ارتكابه للمخالفة المنسوبة إليه، وخروجًا على مقتضى الواجب الوظيفي، ومخالفة للأصول الفنية المستقر عليها عند إجراء التحقيقات، وعدم مراعاة للدقة والأمانة في مباشرة أعمال وظيفته، الأمر الذي يشكل ذنبًا إداريًا يتعين مجازاته عنه بالجزاء المناسب.

زر الذهاب إلى الأعلى