من حقك تعرف.. مدى دستورية عدم وضع حد أقصى لمدد الحبس الاحتياطي

كتب: عبدالعال فتحي

 

نرصد خلال التقرير التالي مدى دستورية عدم وضع حد أقصى لمدد الحبس الاحتياطي الذي آثار لغطاَ كبيراَ خلال الفترة المقبلة.

قال ياسر فاروق الأمير، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، لقد اضطر المشرع إلي إجازة الحبس الاحتياطي وقد دعاه إلي ذلك اعتبارات شتي احظاها قبولا لدينا الحيلولة بين المتهم والعبث بادله الجريمة، ونظرا لخطورة الحبس الاحتياطي وجب إحاطته بضمانات تتكافي مع شدته، ومنها تقييد مدته بحد أقصى لا يصح تجاوزها في سائر مراحل الدعوى الجنائية ليتحقق بذلك الطابع التقيدى للحبس الاحتياطي.

وأضاف أستاذ القانون الجنائى، في تصريحات له، أن هذا ما نحاه المشرع في عام 2006 إذ نص في المادة 143 إجراءات علي أنه لا يجوز في الجنايات أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي عن 18 شهرا ما لم تكن الجريمة معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد إذ يصح مد الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين.

وأشار إلى أن غير هذا النص أثار سخط القضاة وأعلنوا رفضه والامتناع عن تطبيقه بحجه أن تحقيق الدعوي الجنائية والفصل فيها بحكم بات من محكمة النقض قد يستغرق مده السنتين ولا يصح في الجرائم الخطيرة الإفراج عن المتهمين لمجرد فوات تلك المدة.

وأوضح “الأمير” أنه لهذا تدخل المشرع إزاء ضغط القضاة في عام 2007 إلي إطلاق مده الحبس الاحتياطي دون سقف محدد متي كانت العقوبة المقض بها من محكمة الجنايات الإعدام إذ أجاز لمحكمة النقض ومحكمة الإعادة عند نقض الحكم بأن تأمر بالحبس لمدة 45 يوما قابله للتجديد، ولكن عادت شكوى القضاة مرة أخري فتدخل المشرع عام 2013 وأضاف عقوبة السجن المؤبد، وبالتالي أضحت المادة 143 فقرة أخيره تخول لمحكمة النقض ومحكمة الإعادة أن تأمر بحبس المتهم مده 45 يوما قابله للتجديد دون التقييد بالحد الأقصى لمدد الحبس الاحتياطي متي كانت العقوبة المقضي بها هي الإعدام أو السجن المؤبد، فكان المشرع بذلك كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثها.

وأكد المحامي النقض، أنه لا نبعد عن الحقيقة إذا قررنا أن إطلاق مدة الحبس الاحتياطي علي هذا النحو ينطوي علي مخالفة دستورية للمادة 54 من الدستور التي ألزمت المشرع بتنظيم مدة الحبس الاحتياطي وليس في إطلاقها دون سقف معين ولا يمكن أن يكون إطلاق مده الحبس الاحتياطي لطائفة المحكوم عليهم بالإعدام أو السجن المؤبد مجرد تنظيم تملكه السلطة التشريعية بمقتضى المادة 54 من الدستور لأن تخويل المشرع سلطه تنظيم مده الحبس الاحتياطي لا يحله من التقييد بالمبادئ الواردة في الدستور وأهمها المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات.

وأضاف أن من شأن إطلاق مدة الحبس الاحتياطي للمحكوم عليهم بالإعدام أو السجن المؤبد في جرائم معينة كالقتل العمد مع سبق الإصرار مثلا المغايرة بينهم وبين نظرائهم من مرتكبي هذه الجريمة والمحكوم عليهم بعقوبة أخف كالسجن المشدد لأسباب رائفة تخص المحكمة ويخضعون بالتالي للمدد القصوى للحبس الاحتياطي في حين أن هؤلاء وهؤلاء يجمعهم أصل البراءة وارتكاب نفس الجريمة و في ذلك إهدار لمبدأ المساواة الدستوري مما يعني تجاوز المشرع لحدود التفويض الدستوري، مؤكداَ أن  الخلاصة أن الفقرة الأخيرة من المادة 143 إجراءات مشوبة بعيب عدم الدستورية. والقول بغير ذلك يرسخ لمقولة أن الحبس الاحتياطي هو اعتقال مقنع.

زر الذهاب إلى الأعلى