من تراب الطريق (1215)
بقلم : الأستاذ رجائى عطية، نقيب المحامين
الإمام الطيب والقول الطيب (48)
الأزهر جامعُا وجامعة
نشر بجريدة المال الأحد 7/11/2021
اكتمل بناء الجامع الأزهر واحتفل بإفتتاحه يوم صلاة الجمعة فى رمضان سنة 361هـ / 972 م .
وأول درس عقد فيه صحن المسجد كان فى صفر 365 هـ / 975 م , وعقدت فيه أول حلقة علمية , فأوردا المقريزي , أن أول أستاذ جلس بالتدريس فى الأزهر : هو قاضى القضاه , أبو الحسن على ابن النعمان القيراونى المتوفى سنة 371 هـ , وأول كتاب درسه هو كتاب « الإختصار » فى فقه الشيعة , أو فقه آل البيت فى بعض المسميات , وهو من تأليف أبيه ؛ أبى حنيفة النعمان المغربى المتوى سنة 360هـ .
ثم توالى إلى عقد حلقات القراءة والدرس فى الجامع الأزهر ؛ حيث عين الخليفة العزيز بالله , سنة : 378 هـ/ 988 م طوائف من الفقهاء ليعقدوا مجالسهم العلمية بالأزهر فى كل يوم جمعة , فيما بين صلاتى الجمعة والعصر وكان عددهم سبعة وثلاثين فقيهًا , وقد رتَّب لهم الخليفة رواتب وجرايات مُجزية , وأنشأ لهم دارًا للسكن بجوار الأزهر , كما أجرى عليهم الوزير ابن كلس أرزافًا كثيرة من أمواله الخاصَّة .
وهنا نجد أنفسنا أمام حدَث جامعى حقيقى ؛ فقد كان أولئك الفقهاء الذين رتَّبهم ابن كلس للقراءة والدرس بالأزهر , وأقرَّهم العزيز بالله ــ أول فوج من الأساتذة الرسمين الذين عُينوا بالجامع الأزهر , وأجرت عليهم الدولة أرزاقًا ثابتة , وباشروا مهمتهم العلمية تحت إشراف الدولة بطريقة منظمة مستقرة ؛ وبذلك يكتسب الأزهر لأول مرة صفته العليمة الحقيقة كمعهد للدراسة المنظمة , ويبدأ حياته الجامعية الحافلة المديدة .
ومنذ يومئذ اتَّخذ الأزهر مكانته ككعبة للثقافة الدينية والدنيوية , وظل يرفد هذه الثقافة بأهم مكوناتها ومقوماتها ؛ سواء فى مصر , أو فى العالم الإسلامى .
ولم تكن حلقات العلم فى الأزهر آنذاك قاصرةً على الرجال ؛ حيث وجدت حلقات دارسية خاصة بالنساء , سُمَّيت فى ذلك الوقت مجالس الحكمة .
وكان نظام التعليم فى الأزهر حلقات دراسية ، يتصدرها أستاذ يجلس فيها على كرسي ، يتحلق أمامه الطلاب والمستمعون ، يقرؤون عليه الفنون المختلفة ، ويستمعون إلى شرحه ، ثم يناقشونه أو يستوضحونه فيما قرؤوه وفيما التبس عليهم .
وقد تميز الأزهر بهذا النظام التدريسى منذ نشأته ، واستمر هكذا حتى سنة 1911 م ؛ حيث صدر القانون الذى نظم الدراسة فى الأزهر على أسس جديدة , ونص على إنشاء مجلس أعلى للأزهر ، وهيئة لكبار العلماء ، وإنشاء معاهد دينية فى بعض عواصم الأقاليم ، وإضافة مواد جديدة للدراسة ؛ مثل : التاريخ والجغرافيا ، والرياضة ، ومبادئ الطبيعة ، والكيمياء .
أما إنشاء الجامعة بكلياتها الثلاث ؛ الشريعة ، وأصول الدين ، واللغة العربية ؛ فقد تم بموجب قانون صدر فى نوفمبر ، سنة 1930 م .