محكمة النقض: جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري بدون ترخيص تتحقق بمجرد الحيازة المادية للسلاح أيًا كانت مدتها أو الباعث عليها عن علم وإدراك

كتب: علي عبدالجواد  

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث ينعي الطاعنون على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب طعنهم – أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمس أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص حال حملهم أسلحة نارية وبيضاء واستعراض القوة والتلويح بالعنف وحيازة وإحراز سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” وذخيرة مما تستعمل فيه بدون ترخيص والاشتراك في تظاهرة للإخلال بالأمن العام وتعريض حياة المواطنين للخطر دون إخطار الجهات المختصة بها وحيازة وإحراز أدوات ” زجاجات مولوتوف ” مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماه شابها الغموض والإبهام لا يبين منها واقعات الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ولم يورد مؤدي الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ووجه استدلاله بها ملتفتاً عن دفعهم بانتفاء أركان الجرائم في حقهم ، ودانهم بجريمة حيازة سلاح ناري رغم عدم ضبط ثمة أسلحة بحوزتهم ، فضلاً عن خلو الأوراق من دليل أو شاهد رؤية ، ولم يدلل على اتفاق الطاعنين وباقي المشاركين في التجمهر والتظاهر على ارتكاب الجرائم التي دانهم بها ودور كل طاعن في ارتكابها ، ولم يعن الحكم باستظهار أركان جريمتي التجمهر والتظاهر التي دانهم بها ، هذا إلى ما قام عليه دفاعهم من عدم دستورية المادتين ٣٧٥ مكرراً ، ٣٧٥ مكرراً ” أ ” من قانون العقوبات التي دان الطاعنين بها ، واطرح بما لا يسوغ دفاع الطاعنين ببطلان القبض عليهم لانتفاء حالة التلبس ولتجهيل القائم بالضبط ، واعتنق صورة غير صحيحة لواقعة الدعوى استمدها من أقوال الضابطين شاهدي الإثبات رغم تناقض أقوالهما بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة فضلاً عن انفرادهما بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة المرافقة ، وعول الحكم على تحريات الأمن الوطني وأقوال مجريها رغم عدم صلاحيتها كدليل وعدم جديتها وقصر مدة إجرائها وعدم بيان مصدرها وبطلانها كون الضابط القائم بإجرائها ليس من مأموري الضبط القضائي لعدم نشر القرار الصادر بإنشاء جهاز الأمن الوطني بالجريدة الرسمية فضلاً عن عدم اختصاصه مكانياً واطرح برد قاصر دفاع الطاعنين في هذا الشأن ، هذا إلى ما قام عليه دفاع الطاعنين من بطلان شهادة ضابطي الواقعة كونها مستمدة من قبض وإجراءات باطلة ، وأغفل الحكم الرد على دفوع الطاعنين ببطلان أمر الإحالة لصدوره من غير مختص – المحامي العام لنيابة جنوب الجيزة – وليس من نيابة أمن الدولة العليا بالمخالفة لقرار وزير العدل وتعليمات النيابة العامة ، وقصور تحقيقات النيابة لعدم إجراء معاينة لمكان الواقعة وعدم سؤال شهود نفي الطاعنين ، وانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة والإحراز المضبوطة وتلفيق الاتهام وشيوعه ولم تعن المحكمة بإجراء تحقيق في هذا الصدد بما يفصح عن رغبتها في الإدانة ، وأخيراً فقد أوقع الحكم عليهم عقوبة أشد من تلك التي قضي بها على متهمين آخرين في ذات الدعوى ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : ” …. تتحصل في أن قيادات جماعة الإخوان الإرهابية كلفت أنصارها بالقيام بأعمال التظاهر لإثارة الرعب لدي المواطنين وزعزعة الاستقرار في البلاد تزامنا مع احتفالات السنة الثالثة للخامس والعشرين من يناير ونفاذاً للتكليف فقد قام المتهمون…………و………….و………و……….و……….و……….و ………..بتاريخ ٢٥ / ١ / ٢٠١٤ بالاشتراك مع آخرين سبق الحكم عليهم وآخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر ، الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والتأثير على السلطات بمنعها من ممارسة عملها باستعمال القوة وهم عالمين بهذا الغرض حال حملهم بالذات وبالواسطة أسلحة نارية وذخائر نارية خرطوش ومواد حارقة بدون ترخيص وتوجهوا إلى المناطق السكنية بالحي العاشر والحادي عشر بدائرة قسم ثان أكتوبر لتنفيذ الغرض من التجمهر فاستغاث الأهالي بالشرطة ولدي وصول الرائد / ……… رئيس مباحث قسم ثان أكتوبر والقوة المرافقة له فأبصرهم أكثر من ألف شخص فطلب منهم فض التظاهرة فلم يستجيبوا واستعرضوا القوة والعنف أمام المارة والمواطنين القاطنين ورجال السلطة العامة وذلك بقصد ترويع المواطنين وتكدير الأمن والسكينة العامة ومنع رجال الشرطة من تأدية عملهم بأن قاموا بقطع الطرق باستخدام إطارات السيارات المشتعلة وإطلاق الأعيرة النارية الخرطوش والمولوتوف والألعاب النارية تجاه المواطنين ورجال الشرطة وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفوسهم وتكدير أمنهم وسلامتهم وطمأنينتهم وتعريض حياتهم للخطر حال كون التظاهرة بغير ترخيص وإزاء ذلك قام رجال الشرطة باستعمال القدر الكافي من القوة ومطاردة المتظاهرين وأثناء المطاردة قبضوا على المتهمين سالفي الذكر وآخرين سبق الحكم عليهم وضبط مع / ……….. السابق محاكمته سيارة وحقيبة عثر بداخلها على قناع واقي من الغاز وقفاز جلدي وماسك فانديت وكيس بلاستيك بداخله كمية من البلي والمسامير وضبط مع / ……… سلاحاً نارياً عبارة عن فرد خرطوش محلي الصنع عيار ١٢مم وطلقتين غير مطروقتين الكبسولة عيار ١٢ خرطوش ، كما تم ضبط دراجة بخارية بثلاث عجلات بدون لوحات معدنية على متنها شنطة بلاستيك عثر بداخلها عشر زجاجة مياه فارغة بها مولوتوف واثنين زجاجة بهما سائل مجهول وزجاجة مياه غازية مملوءة بالبنزين وثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية إن السلاح الناري خرطوش صناعة محلية بماسورة واحدة غير مششخنة عيار ١٢ مم سليم وصالح للاستعمال وأن الطلقتين عيار ١٢ خرطوش غير مطروقتين الكبسولة وسليمتين وصالحتين للاستعمال وأن التسع عشرة زجاجة عثر بداخلهم على مادة الجازولين المعجلة للاشتعال ” ، ثم أورد الحكم مؤدى أدلة الثبوت التي استند إليها في قضائه والمستمدة من شهادة الضابطين ……… و……..ومما ثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية ، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وأنه لم يبين أدلة الدعوى يكون ولا محل له .
لما كان ذلك ، وكان يكفي لتحقق جريمة إحراز أو حيازة سلاح ناري بدون ترخيص مجرد الإحراز أو الحيازة المادية طالت أو قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإرادة ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها – إلا ما استثني بنص خاص – جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال وأن جريمة حيازة السلاح الناري التي دين الطاعنين بها لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، ومن ثم فإن الحكم إذ استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعنين من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير قسم الأدلة الجنائية ، فإن استدلاله يكون سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ، ولا يقدح في سلامة استدلال الحكم عدم ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعنين أو وجود شهود رؤية ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أنهم كانوا حائزين بالواسطة للسلاح والذخيرة المضبوطين مع أحد المحكوم عليهم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت وجود كل من الطاعنين على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم – والحال كذلك – أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل متهم على حدة فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة واعتبرها كلها جريمة واحدة وأوقع عليهم العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم – وهي جريمة حيازة سلاح ناري غير مششخن في أحد أماكن التجمعات – بعد أن بين أركانها وتوافره في حق الطاعنين وقد سلم الحكم مما نعوه بشأنها بما لا يجديها النعي على الحكم بشأن ما عداها من جرائم ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس ولتجهيل القائم بالضبط واطرحه في قوله : ” أنه من المقرر وفقاً للمادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية إن الجريمة تكون متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ذلك ببرهة يسيرة وهي حالة تجيز لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة ٣٤ أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاث أشهر .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من شهادة ضابط الواقعة أنه أبصر المتهمين وآخرين يتظاهرون بدون ترخيص ويطلقون الأعيرة النارية الخرطوش والمواد الحارقة على المواطنين وعلى رجال الشرطة لبث الرعب في نفوسهم ومن ثم فإن المتهمين في هذه الحالة يكونوا متلبسين بجنح وجنايات ويحق لمأمور الضبط القبض عليهم ، وأنه لا يشترط لصحة القبض أن يكون مأمور الضبط هو الذي قبض عليهم بنفسه طالما أن القبض من غيره من القوات المرافقة قد وقع تحت إشرافه ويكون ما أثاره الدفاع غير صحيح ” ، وكان ما أورده الحكم – على ما سلف – تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنين من عدم توافر هذه الحالة وبطلان القبض كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة – على النحو الذي حصله حكمها – فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها بالإدانة على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيبها عدم الكشف عن مصدرها أو وسيلة التحري ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط التحريات على النحو الذي شهد به ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها فإن منازعة الطاعنين في ذلك لا تعد وأن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدي محكمة النقض بما يكون نعي الطاعنين في هذاالصدد غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن بطلان التحريات التي أجراها ضابط الأمن الوطني – الشاهد الثاني – لكونه ليس من مأموري الضبط القضائي بعد إلغاء وحل جهاز مباحث أمن الدولة ، فهو قول غير سديد تأسيساً على ما جاء بصريح نص المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية : ” يكون من مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم ١ – …. ٢ – ضباط الشرطة وأمناؤها ” ، وقد نص قرار وزير الداخلية رقم ٤٤٥ لسنة ٢٠١١ على : ( مادة ” ١ ” يلغي قطاع مباحث أمن الدولة ….. ينشأ قطاع جديد بمسمي قطاع الأمن …. يختص بالحفاظ على الأمن الوطني والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية وجمع المعلومات ومكافحة الإرهاب وذلك وفقاً لأحكام الدستور والقانون ) الأمر الذي يستفاد منه أن إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بقرار وزير الداخلية المشار إليه لم يخلع عن العاملين بقطاع الأمن الوطني صفتهم كضباط شرطة بل حرص على النص على ذلك صراحة وفقاً لما جاء بعجز المادة الثانية من القرار المشار إليه من أنه ينهض بالعمل بقطاع الأمن الوطني ضباط يتم اختيارهم من ضباط الشرطة بناء على ترشيح القطاع ، ومن ثم فأعضاء القطاع ضباط شرطة يتمتعون بصفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم وفق نص الفقرة الثانية من المادة ٢٣ من القانون سالف الذكر ، ومن ثم تضحي التحريات التي يقومون بها في دوائر المحافظة التي يعملون بها صحيحة ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على دفاع الطاعنين ، فإنه يكون قد اقترن بالصواب ويكون ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد ولا محل له .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيروه الطاعنون بشأن عدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة – الشاهد الثاني – مردوداً بأنه لما كان الطاعنون أو المدافعون عنهم لم يدفعوا بعدم اختصاص الضابط – الشاهد الثاني – مكانياً بإجراء التحريات وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفى هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص
فلا يجوز لهم أن يثيروا هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها .
لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة الإجراءات التي قام بها ضابطي الواقعة – شاهدي الإثبات – ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوالهما ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر في القانون أن أوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات السابقة على المحاكمة يجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان قرار الإحالة فلا يجوز لهم إثارة الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا هو قرار تنظيمي لم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً للنيابات بالمحاكم العادية أو ينقص من اختصاصها الشامل لكافة أنواع الجرائم وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة التحقيق – أو الإحالة للمحاكم المختصة – في أية جريمة من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا ، فإن مباشرة نيابة جنوب الجيزة الكلية التحقيق في الدعوى وإحالتها إلى المحكمة المختصة يتفق وصحيح القانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحي معه النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الواقعة وسؤال شهود نفي الطاعنين لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهدين .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة والإحراز المضبوطة وتلفيق الاتهام وشيوعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين لم يطلبوا إلى المحكمة تحقيق الدفاع المار بيانه ، فليس له – من بعد – النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليهم كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .
لما كان ذلك ، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعنون عن مقدار العقوبة التي أوقعها الحكم عليهم بالمقارنة بالعقوبة التي أوقعها على متهم آخر لا يكون مقبولاً .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين على سند من نص المادة ٢٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بفقرتها الخامسة والتي جري نصها على : ” …. ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثاني مكرراً من قانون العقوبات تكون العقوبة السجن المشدد أو المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه لمن حاز أو أحرز بالذات أو بالواسطة بغير ترخيص سلاحاً من الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقمي ( ٢ ، ٣ ) من هذا القانون أو ذخائرها مما تستعمل في الأسلحة المشار إليها أو مفرقعات وذلك في أحد أماكن التجمعات أو وسائل النقل العام أو أماكن العبادة ” ، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها بالمادة سالفة البيان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن المحكمة لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتي لا يضار الطاعن بطعنه هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعنين عقوبة واحدة وذلك بعد إعماله المادة ٣٢ / ٢ من قانون العقوبات وأغفل ما توجبه الفقرة الأخيرة من المادة ٣٧٥ مكرراً من ذات القانون – والتي دان الطاعنين بها أيضاً – من ضرورة القضاء في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه باعتبارها عقوبة تكميلية ذات طبيعية وقائية ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد .
لما كان ذلك ، وكان إغفال الحكم المطعون فيه توقيع عقوبة وضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليها ، يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بوضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات ، إلا أنه لما كان الطعن مقدم من الطاعنين وحدهم دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعنين بطعنهم عملاً بنص المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

 

زر الذهاب إلى الأعلى