محكمة النقض توضح.. 3 شروط لانتقال ملكية العقار من البائع إلى المشتري
أوضحت محكمة النقض أن مؤدى نص المادتين ٩، ١٧ من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقاري تشير إلى أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع، أو بتسجيل الحكم النهائي المثبت للتعاقد، أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بصحته ونفاذه إذا كانت قد سُجِّلت.
جاء ذلك في حكمها بالطعن رقم ٧٣٥٩ لسنة ٨٦ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢٢/٠٧/٠٤، والتي أكدت فيه المحكمة أن من المقرر في قضاءها أنه ليس ثمة ما يمنع من صدور تصرفينِ قانونيينِ عن عقار واحد، على أن تكونَ المفاضلةُ بين المتنازعين على ملكيته مؤسسةً على أسبقية التسجيل.
الوقائع: دعوى صحة ونفاذ عقدي بيع
تخلصُ الوقائعُ في أنَّ المطعونَ ضده الأول أقام على باقي المطعون ضدهم-عدا الثاني- الدعوى رقم … لسنة ٢٠١١ مدني كلي الجيزة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين ٥/١٢/١٩٩٦ و ٢٠/٦/٢٠٠٨، على سندٍ من أنه بموجب عقد البيع الأول اشترى المطعون ضده الثالث من المطعون ضدهما الرابع والخامس قطعة الأرض محل التداعي، وأقام عليها بناءً، ثم اشتراها منه المطعون ضده الأول بموجب عقد البيع الثاني، وإذ امتنع البائع عن نقل الملكية، فأقام الدعوى.
وقالت محكمة النقض في سردها الوقائع: «تدخل المطعونُ ضده الثاني هجوميًّا فيها بطلب الحكم برفض الدعوى الأصلية على سندٍ من شرائه لعقار التداعي من المطعون ضده الثالث بموجب العقد الابتدائي المؤرخ ٤/٧/٢٠١٠، والذي آلت إليه الملكية بالشراء من المطعون ضده الرابع بموجب عقد البيع المؤرخ ٢٥/٢/١٩٩٦، كما تدخل الطاعنُ هجوميًّا في الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين ٣١/٣/١٩٩٥ و ٨/٧/٢٠١٠ على سندٍ من شرائه لعقار التداعي من المطعون ضده الثالث بموجب العقد الابتدائي المؤرخ ٨/٧/٢٠١٠، والذي آلت إليه الملكية بالشراء من المطعون ضده الرابع بموجب عقد البيع المؤرخ ٢٥/٢/١٩٩٦».
وتابعت: «ندبت المحكمةُ خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريرَه، حكمت في موضوع الدعوى الأصلية والتدخل الهجومي من المطعون ضده الثاني برفضهما، وفي موضوع التدخل المبدى من الطاعن بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين ٢٥/٢/١٩٩٦ و ٨/٧/٢٠١٠. استأنف المطعونُ ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة ١٣٢ ق القاهرة، وبجلسة ١٦/٣/٢٠١٦ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن موضوعي الدعوى الأصلية والتدخل المبدى من المطعون ضده الثاني والقضاء مجددًا في موضوع الدعوى الأصلية بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين ٥/١٢/١٩٩٦ و ٢٠/٦/٢٠٠٨، وفي موضوع تدخل الطاحن برفضه والتأييد فيما عدا ذلك. طعن الطاعنُ في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابةُ مذكرةً أبدت فيها الرأيَ بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطَّعنُ على هذه المحكمـة، في غرفة مشورةٍ، حددت جلسةً لنظره، وفيها التزمت النيابةُ رأيَها».
أسباب الطغن
أشارت محكمة النقض إلى أن هذا الطَّعنَ أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنُ في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأَ في تطبيق القانون؛ إذ رفض الدفع ببطلان إجراءات شهر صحيفة الدعوى لإجرائها بمأمورية شهر عقاري بولاق الدكرور، رغم أنَّ العقار يخضع لمأمورية أوسيم، بما يبطل إجراءات شهر الصحيفة، مما يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.
وردت محكمة النقض على الطعن بقولها: «حيثُ إنَّ النعي مردودٌ؛ ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة بالقانون ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بشأن تنظيم الشهر العقاري قد نصت على أنه “يختص كلُّ مكتبٍ من مكاتب الشهر دون غيره بشهر المحررات المتعلقة بالعقارات التي تقع في دائرة اختصاصه”، ثم أورد في الفقرة الثالثة منها “ولا يكون للشهر الذي يتم في أحد هذه المكاتب أثرُه إلَّا بالنسبة إلى العقارات أو أجزاء العقارات التي تقع في دائرة اختصاصه” مما يدل على وجوب التزام كلِّ مكتبٍ من مكاتب الشهر العقاري بنطاق اختصاصه الجغرافي، وإلَّا كان عملُه حابطَ الأثر».
وقالت: «لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن العقارَ عينَ النزاع إنما يقع بمنطقة بولاق الدكرور، ومن ثم فإن المكتب الذي تم به شهر الصحيفة هو المنوط به إجراءُ هذا الشهر، وكان قول الطاعن في هذا الخصوص، إنما هو قولٌ مرسلٌ يعوزه الدليلُ، ومن ثم يضحى النعي غير مقبول».
وتابعت المحكمة «وحيثُ إنَّ الطَّاعنَ ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن مخالفةَ الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن العقار محل التداعي يقع بمنطقةٍ يسري عليها قانون السجل العيني، بما كان يوجب على المطعون ضده الأول اتباع الإجراءات المنصوص عليها بذلك القانون، بأن يقيد صحيفة دعواه بالسجل العيني، ويُضمِّن طلبه إجراء التغيير في بيانات السجل العيني، وإذ لم يتبع المطعونُ ضده الأول ذلك، وقضى الحكم بصحة ونفاذ العقد، فإنه يكون معيبًا، بما يوجب نقضه».
واستكملت: «حيثُ إنَّ هذا النَّعيَ غيرُ سديدٍ؛ ذلك أنَّ مناطَ سريان نظام السجل العيني على أحد الأقسام المساحية –وفقًا للمادة الثانية من مواد إصدار القرار بقانون ١٤٢ لسنة ١٩٦٤- هو صدور قرار من وزير العدل بسريان نظام السجل العيني على هذا القسم، ومن ثم فإن العمل به يقتصر على المناطق التي تم مسحها، وخصوصًا بالخرائط المساحية ودفاتر مساحة الملكية، وأمَّا غير تلك المناطق، فلا يسري عليها ذلك النظام. ولمَّا كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المنطقة الكائن بها عقار التداعي لم يصدر بشأنها قرارٌ من وزير العدل بخضوعها لنظام السجل العيني، مما يكون معه النعي على غير أساس».
وفي ردها على السبب الثالث قالت محكمة النقض: «حيثُ إنَّ الطاعنَ ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأَ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه عوَّل في قضائه بصحة ونفاذ عقدي البيع سند المطعون ضده الأول على سبق شهر صحيفة دعواه، وذلك بالمخالفة للقانون؛ إذ إن المفاضلة في هذه الحالة تكون للأسبقية في تسجيل العقد، أو الحكم الصادر بصحة التعاقد، مما يعيبه، ويستوجب نقضه».
وقالت: «حيثُ إنَّ هذا النَّعي سديدٌ؛ ذلك بأن المقرر -بقضاء محكمة النقض- أنه ليس ثمة ما يمنع من صدور تصرفينِ قانونيينِ عن عقار واحد، على أن تكون المفاضلةُ بين المتنازعين على ملكيته مؤسسةً على أسبقية التسجيل. وأن مؤدى نص المادتين ٩، ١٧ من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقاري أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلَّا بتسجيل عقد البيع، أو بتسجيل الحكم النهائي المثبت للتعاقد، أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بصحته ونفاذه إذا كانت قد سُجِّلت. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجرى المفاضلة بين المتنازعين على الأسبقية في تسجيل صحيفة الدعوى، رغم أن المعوَّل عليه في نقل الملكية ليس بأسبقية تسجيل صحيفة دعوى التعاقد، وإنما بتسجيل الحكم أو العقد، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون، ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة».