محكمة النقض توضح مناط تحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ من قانون العقوبات

كتب: عبدالعال فتحي

أكدت محكمة النقض خلال حكمها بالطعن رقم ٢٥٥٨٣ لسنة ٨٦ قضائية ـ الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٦/١٢/٢٨، مكتب فنى ( سنة ٦٧ – قاعدة ١٢١ – صفحة ٩٧٢ )، من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين ١١١ ، ١١٩ من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد ؛ لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

الحكم

جلسة ٢٨ ديسمبر سنة ٢٠١٦

برئاسة السيد القاضي / يحيى خليفه نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / رفعت طلبه ، علاء مرسي ، علي نور الدين الناطوري

وهشام فرغلي نواب رئيس المحكمة .

(١٢١)

الطعن رقم ٢٥٥٨٣ لسنة ٨٦ القضائية

(١) إثبات ” خبرة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

مثال .

(٢) محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .

جدل الطاعن والتشكيك فيما اطمأنت إليه محكمة الموضوع من أدلة . غير جائز .

مثال .

(٣) اختلاس أموال أميرية . جريمة ” أركانها ” .

جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ من قانون العقوبات . مناط تحققها ؟

(٤) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة . علة ذلك ؟

(٥) إثبات ” بوجه عام ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .

المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . النعي على الحكم التفاته عن أقوال من سئلوا أمام المحكمة . غير مقبول .

(٦) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . محضر الجلسة . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .

الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟

خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم .

نعي الطاعن بمصادرة محكمة الموضوع دفاعه غير المكتوب بمحضر الجلسة أمام محكمة النقض . غير مقبول .

مثال .

(٧) إثبات ” بوجه عام ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل “. حكم “تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” .

الخطأ في الأسناد لا يعيب الحكم . ما دام لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة . إثبات الحكم أن المجني عليه قدم للطاعن أصل ترخيص السلاح في حين أنه قدم له تصريح سلاح . لا يعيبه . طالما وجود المستند المختلس في حيازة الطاعن بسبب وظيفته .

مثال لنفي قالة الخطأ في الإسناد .

(٨) اختلاس أموال أميرية . أمر الإحالة . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . ارتباط . عقوبة ” العقوبة المبررة ” . نقض ” المصلحة في الطعن ” .

نعي الطاعن على الحكم إدانته عن جريمة اختلاس إيصال الترخيص التي لم ترد بأمر الإحالة دون لفت نظر الدفاع . غير مجد . ما دامت العقوبة المقضي بها بعد تطبيق المادة ٣٢ عقوبات مقررة لجريمة اختلاس الذخائر الواردة بأمر الإحالة وشملها الدفاع .

(٩) وصف التهمة . أمر الإحالة . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . قانون ” تفسيره ” .

إضافة المحكمة عبارة خال من الرصاص إلى وصف التهمة التي لم ترد بأمر الإحالة . لا يعيب الحكم . نعي الطاعن عليها تغيير وصف التهمة . غير مقبول . علة ذلك ؟

تغيير وصف التهمة المحظور على المحكمة إجراءه عملاً بنص المادة ٣٠٧ إجراءات جنائية . ماهيته ؟

(١٠) نقض ” حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ” ” أسباب الطعن . ما يقبل منها ” .

معاملة الطاعن بالرأفة والحكم عليه بالحبس دون تأقيت عقوبة العزل . خطأ في تطبيق القانون يستوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟

—————

١- لما كان البيّن مما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الأدلة الجنائية كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .

٢- لما كان البيّن من جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم فحصه إن هو إلَّا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية الفحص التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الخصوص واطرحه في قوله ” …. مردود بأن الثابت من تقرير المعمل الجنائي الخاص بفحص السلاح الناري المضبوط مع المجني عليه بمعرفة المتهم أن السلاح الناري محل الفحص ” مسدس حلوان بماسورة مششخنة يحمل الرقم ٩٢٥٥٣٠ ” وبمطابقته على بيانات الترخيص بإيصال الرخصة تبين انطباقه من حيث النوع والماركة والعيار والرقم ٩٢٥٥٣٠ إلَّا أنه قصوده غير منتظمة ، ومن ثم يكون السلاح محل الفحص هو بذاته المرخص بحمله وإحرازه للمجني عليه ، وأن عدم انتظام الرقم ليس بدليل على أنه ليس السلاح المرخص بحمله وإحرازه ، وأن المحكمة تطمئن إلى أن السلاح المضبوط مع المجني عليه والمرخص له بحمله وإحرازه هو الذي تم فحصه معملياً …. ” ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

٣- من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين ١١١ ، ١١٩ من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد ؛ لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

٤- لما كان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض وللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .

٥- لما كان من المقرر إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن أقوال من سئلوا أمام المحكمة لا يكون مقبولاً .

٦- لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافعين عن الطاعن وإن كانوا قد طلبوا لدى مرافعتهم بالجلسات الأولى للمرافعة بعض طلبات التحقيق وسماع شاهد نفي ، إلَّا أنهم لم يعودوا للتحدث عن طلباتهم في الجلسات اللاحقة واقتصروا في ختام مرافعتهم بجلسة …. والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه على طلب البراءة ، ولما كانت هذه الطلبات بهذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها الدفاع في ختام مرافعته ، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل ، هذا إلى أن الثابت بمحضر جلسة …. أن المحكمة استمعت لأقوال شاهد النفي الذي طلب الطاعن سماع أقواله بجلسة …. على خلاف ما يزعمه الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلَّا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .

٧- لما كان من المقرر أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أورد حال تحصيله لواقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات على خلاف الثابت بالأوراق وبما يحمله من جهة أخرى من اعتناق الحكم لصورتين متعارضتين أن المجني عليه قدم للطاعن أصل ترخيص السلاح في حين أن المجنى عليه قدم له تصريح سلاح ، ولما كان هذا الخطأ – على فرض وجوده – لم يظهر له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها طالما أن وجود المستند المختلس في حيازة الطاعن كان بسبب وظيفته – وهو ما أثبته الحكم – يستوى في ذلك أن يكون هذا المستند هو أصل الترخيص أو تصريح بحمل السلاح ، ويكون ما نعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

٨- لما كان البيّن من الأوراق أن الطاعن أحيل من النيابة العامة لمحاكمته عن جريمة اختلاس ذخائر وجدت في حيازته بسبب وظيفته ، دون تهمة اختلاس إيصال الترخيص التي لم ترد بأمر الإحالة والتي دانه الحكم المطعون فيه عنها وعن باقي الجرائم الأخرى المقدم بها بعد أن طبق في حقه المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، ودون أن يلفت نظر الدفاع إلى هذه الإضافة ، إلَّا أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره في هذا الشأن ، لأن العقوبة المقضي بها عليه وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة ، مقررة لجريمة اختلاس الذخائر التي وردت بأمر الإحالة وشملها الدفاع ، وقد أثبت الحكم قيامها وتوافر كافة عناصرها القانونية في حقه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

٩- لما كان ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إدانته باختلاس ذخائر وكذا إيصال ترخيص وإضافة عبارة ” خال من الطلقات ” لوصف الاتهام الثاني لم يردا في أمر الإحالة بالمخالفة للمادة ٣٠٧ من قانون الإجراءات الجنائية ، لا يعيب الحكم . ذلك أنه وإن كان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليه إلَّا أن التغيير المحظور هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمة ، أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة أن يلم المتهم بموضوع الاتهام ، ككيفية ارتكاب الجريمة ، فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ، ما دامت فيما تجريه لا تخرج عن نطاق الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث ، ومن ثم فلا يعيب الحكم ما انتهى إليه من قيام الطاعن باختلاس الذخائر وإيصال الترخيص ، خلافاً لما جاء بأمر الإحالة ما دام الحكم لم يتناول بالتعديل التهمة التي رفعت بها الدعوى ، وهي تهمة الاختلاس ، وما دام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقعت بها الجريمة ، أخذاً من كافة ظروف الدعوى وأدلتها المطروحة والتي دارت عليها المرافعة ، وهو وصف غير جديد ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ، ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن ، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة وتحديد الأشياء محل الاختلاس موضوع الجريمة المسندة إليه ، إذ إن الطاعن لم يسأل في النتيجة إلَّا عن جريمة الاختلاس التي كانت معروضة على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بدعوى تغيير المحكمة لوصف التهمة لا يكون قويماً .

١٠- لما كان البيَّن من أن الحكم المطعون فيه عامل الطاعن بالرأفة فحكم عليه بالحبس فقد كان من المتعين عليه – عملاً بنص المادة ٢٧ من قانون العقوبات – أن يؤقت عقوبة العزل ، أما وهو لم يفعل ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يستوجب تصحيحه بتوقيت عقوبة العزل وجعلها لمدة سنتين .

—————

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

١- بصفته موظفاً عاماً اختلس الذخائر المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه/ …. والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن سلمها إليه فرفض ردها واختلسها بنية تملكها على النحو المبين بالتحقيقات .

٢- بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمي وهو محضر الشرطة رقم …. إداري قسم ثان …. حال كونه مختصاً بتحريره بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة ضبطه للمدعو/ …. حال إحرازه سلاحاً نارياً بغير ترخيص مع علمه بتزويره وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

٣- استعمل المحرر المزور سالف البيان فيما زور من أجله مع علمه بتزويره بأن قدمه عقب تحريره للنيابة العامة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

٤- قبض على المجني عليه/ …. دون وجه حق واحتجزه بقسم شرطة ثان …. دون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة .

وأحالته إلى محكمة جنايات …. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى المجني عليه قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وجنيه واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت . والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد ١١٢/١ ، ١١٨ مكرراً/(أ) ، ١١٩ مكرراً/١ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢٨٠ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين ١٧ ، ٣٢/٢ من القــانون ذاته ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبعزلة من وظيفته وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ .

—————

المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس وتزوير محرر رسمي واستعماله والقبض والحجز بدون وجه حق ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، ذلك بأن عوّل على تقرير المعمل الجنائي ، واكتفي بإيراد نتيجته دون أن يورد مضمونه وأسقط منه أن الرقم المثبت على جسم السلاح والمنزلق جاء بصورة غير منتظمة مما يشير إلى أن السلاح الثابت بالرخصة يخالف ما تم ضبطه وإرساله للفحص ، وهو ما قام عليه دفاع الطاعن واطرحه الحكم بما لا يسيغه ، ودانه الحكــم رغــم انتفاء صفـة المال العام عن المال المختلس محل الاتهام ، وبعد أن أورد في أحد مواضعه أن المجني عليه قدم للطاعن أصل الترخيص الصادر له بحمل السلاح المضبوط ، عاد وأورد في موضع آخر منه أن ما قدمه المجني عليه للطاعن هو إيصال ذلك الترخيص ، كما حصل واقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات بما مفاده تقديم المجني عليه للطاعن وقت الضبط أصل الترخيص ، وذلك على خلاف ما جرت عليه أقوال الآخرين بالتحقيقات من أن ما قدمه المجني عليه للطاعن مجرد تصريح بحمل سلاح وعوّل على أقوال شهود الإثبات رغم ما بينه وبين بعضهم من خلافات بسبب العمل ، والتفت عما تحمله في ثناياها من أمور تثبت براءته وتشكك في صحة الواقعة وكذا عن أقوال الشهود الذين سئلوا أمام المحكمة ، وتمسك الطاعن بسماع أقوال شاهد نفي والتصريح له باستخراج مستندات ، غير أن المحكمة لم تجبه إلى ذلك على الرغم من تأجيلها الدعوى أكثر من مرة وإصرار الطاعن على ما تمسك به دون إثبات ذلك بمحاضر الجلسات ، ودان الحكم الطاعن بتهمة اختلاس إيصال الترخيص التي لم ترفع بها الدعوى ، وأضاف لوصف الاتهام الثاني عبارة ” خال من الطلقات ” بالمخالفة للمادة ٣٠٧ من قانون الإجراءات الجنائية ، وأخيراً فقد أوقع الحكم بالطاعن عقوبة العزل دون أن يؤقت مدتها على الرغم من أنه عامله بالرأفة وقضى عليه بالحبس لمدة سنة بالمخالفة لحكم المادة ٢٧ من قانون العقوبات . كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الجنائي والاستعلامين الصادرين من نادي …. وشركة …. ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الأدلة الجنائية كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم فحصه إن هو إلَّا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية الفحص التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الخصوص واطرحه في قوله ” …. مردود بأن الثابت من تقرير المعمل الجنائي الخاص بفحص السلاح الناري المضبوط مع المجني عليه بمعرفة المتهم أن السلاح الناري محل الفحص ” مسدس حلوان بماسورة مششخنة يحمل الرقم …. ” وبمطابقته على بيانات الترخيص بإيصال الرخصة تبين انطباقه من حيث النوع والماركة والعيار والرقم …. إلَّا أنه قصوده غير منتظمة ، ومن ثم يكون السلاح محل الفحص هو بذاته المرخص بحمله وإحرازه للمجني عليه ، وأن عدم انتظام الرقم ليس بدليل على أنه ليس السلاح المرخص بحمله وإحرازه ، وأن المحكمة تطمئن إلى أن السلاح المضبوط مع المجني عليه والمرخص له بحمله وإحرازه هو الذي تم فحصه معملياً …. ” ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ١١٢ من قانون العقوبات تتحقق متى كان الشيء المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادتين ١١١ ، ١١٩ من ذلك القانون بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالاً عاماً مملوكاً للدولة أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد ، لأن العبرة هي بتسليم المال للجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . وللمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود ولو كانت بينهم وبين المتهم خصومة ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر إن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن أقوال من سئلوا أمام المحكمة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافعين عن الطاعن وإن كانوا قد طلبوا لدى مرافعتهم بالجلسات الأولى للمرافعة بعض طلبات التحقيق وسماع شاهد نفي ، إلَّا أنهم لم يعودوا للتحدث عن طلباتهم في الجلسات اللاحقة واقتصروا في ختام مرافعتهم بجلسة …. والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه على طلب البراءة ، ولما كانت هذه الطلبات بهذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها الدفاع في ختام مرافعته ، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل ، هذا إلى أن الثابت بمحضر جلسة …. أن المحكمة استمعت لأقوال شاهد النفي الذي طلب الطاعن سماع أقواله بجلسة …. على خلاف ما يزعمه الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلَّا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أورد حال تحصيله لواقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات على خلاف الثابت بالأوراق وبما يحمله من جهة أخرى من اعتناق الحكم لصورتين متعارضتين أن المجني عليه قدم للطاعن أصل ترخيص السلاح في حين أن المجنى عليه قدم له تصريح سلاح ، ولما كان هذا الخطأ – على فرض وجوده – لم يظهر له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها طالما أن وجود المستند المختلس في حيازة الطاعن كان بسبب وظيفته – وهو ما أثبته الحكم – يستوى في ذلك أن يكون هذا المستند هو أصل الترخيص أو تصريح بحمل السلاح ، ويكون ما نعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن أحيل من النيابة العامة لمحاكمته عن جريمة اختلاس ذخائر وجدت في حيازته بسبب وظيفته ، دون تهمة اختلاس إيصال الترخيص التي لم ترد بأمر الإحالة والتي دانه الحكم المطعون فيه عنها وعن باقي الجرائم الأخرى المقدم بها بعد أن طبق في حقه المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، ودون أن يلفت نظر الدفاع إلى هذه الإضافة إلَّا أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره في هذا الشأن ، لأن العقوبة المقضي بها عليه وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة ، مقررة لجريمة اختلاس الذخائر التي وردت بأمر الإحالة وشملها الدفاع ، وقد أثبت الحكم قيامها وتوافر كافة عناصرها القانونية في حقه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ، وكان ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إدانته باختلاس ذخائر وكذا إيصال ترخيص وإضافة عبارة ” خال من الطلقات ” لوصف الاتهام الثاني لم يردا في أمر الإحالة بالمخالفة للمادة ٣٠٧ من قانون الإجراءات الجنائية ، لا يعيب الحكم . ذلك أنه وإن كان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليه إلَّا أن التغيير المحظور هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمة ، أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة أن يلم المتهم بموضوع الاتهام ، ككيفية ارتكاب الجريمة ، فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ، ما دامت فيما تجريه لا تخرج عن نطاق الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث ، ومن ثم فلا يعيب الحكم ما انتهى إليه من قيام الطاعن باختلاس الذخائر وإيصال الترخيص ، خلافاً لما جاء بأمر الإحالة ما دام الحكم لم يتناول بالتعديل التهمة التي رفعت بها الدعوى ، وهي تهمة الاختلاس ، وما دام يحق للمحكمة أن تستبين الصورة الصحيحة التي وقعت بها الجريمة ، أخذاً من كافة ظروف الدعوى وأدلتها المطروحة والتي دارت عليها المرافعة ، وهو وصف غير جديد ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ، ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن ، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة وتحديد الأشياء محل الاختلاس موضوع الجريمة المسندة إليه ، إذ إن الطاعن لم يسأل في النتيجة إلَّا عن جريمة الاختلاس التي كانت معروضة على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بدعوى تغيير المحكمة لوصف التهمة لا يكون قويماً . لما كان ما تقدم ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه عامل الطاعن بالرأفة فحكم عليه بالحبس فقد كان من المتعين عليه – عملاً بنص المادة ٢٧ من قانون العقوبات – أن يؤقت عقوبة العزل ، أما وهو لم يفعل ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يستوجب تصحيحه بتوقيت عقوبة العزل وجعلها لمدة سنتين ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

زر الذهاب إلى الأعلى