محكمة النقض: تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٣٩٦٧ لسنة ٨٨ قضائية، الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٢/٠٦، أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . 

الحكم 

باسم الشعب

محكمــة النقــض

دائرة السبت( هـ ) الجنائيه

الطعن رقم ١٣٩٦٧ لسنة ٨٨ قضائية

جلسة السبت الموافق ٦ من فبراير سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضى  / رفعت طلبة   نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة / جمال عبد المجيد ، عمروالحناوي ، محمد هديب

و كمال عبد اللاه    نواب رئيس المحكمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) حكم ” بيانات التسبيب ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده الأدلة على ثبوتها في حقهما على نحو يكفي لحمل قضائه. لا قصور

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها

(٢) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى “. مأمورو الضبط القضائي.

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً

وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي

أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟

انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش أو إمساكه عن ذكر أسماء القوة المرافقة له. لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى

(٣) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام محكمة النقض

مشاركة الشاهد الثاني للشاهد الأول في الشهادة على واقعة الضبط والتفتيش. النعي بانفراد الشاهد الأول بالشهادة. غير مقبول

(٤) نقض ” أسباب الطعن . وضوح أسباب الطعن وتحديدها . ما لا يقبل منها “.

النعي بالتناقض بين أقوال الشاهدين دون بيان أوجه هذا التناقض. غير مقبول

(٥) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل “.  نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.

تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم . حد ذلك؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز. أمام محكمة النقض

(٦) إثبات ” قرائن ” .استدلالات. تفتيش ” إذن التفتيش . إصداره ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير جدية التحريات “. حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب “. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “.

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات

(٧) دفوع ” الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش ” . تفتيش ” إذن التفتيش . إصداره”. قبض . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “. إثبات ” بوجه عام ” ” أوراق رسمية ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل”.

الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط . موضوعي. اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. كفايته رداً عليه

للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. حد ذلك؟

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة

(٨) إجراءات ” إجراءات التحريز ” . بطلان . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل”. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.

إجراءات التحريز. قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه. لم يرتب القانون بطلاناً على مخالفتها.

اطمئنان المحكمة إلى أن ما تم ضبطه من مواد مخدرة هو ما جرى تحليله. المجادلة في ذلك. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير جائزة.

(٩) إثبات ” شهود ” . إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . بطلان. قبض . تفتيش . حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب “

الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه. حد ذلك؟

انتهاء الحكم سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش. مفاده: صحة التعويل في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة

(١٠) دفوع ” الدفع بتلفيق التهمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره “. حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب “. إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل”. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها “.

الدفع بعدم معقولية الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه. موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلي المتهمين. تعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما. غير لازم. علة ذلك؟ الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز. أمام محكمة النقض.

(١١) ارتباط . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الارتباط ” . نقض ” حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ” . محكمة النقض ” سلطتها”

تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي. كون وقائع الدعوى – حسبما أثبتها الحكم – تستوجب تطبيق المادة ٣٢ عقوبات. أثره: وجوب تدخل محكمة النقض لتصحيح هذا الخطأ القانوني. ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن. المادة ٣٥ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم …… لسنة ٢٠١٧ جنايات قسم ثان المنتزة (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ….. لسنة ٢٠١٧ شرق الإسكندرية ) بأنهما في ٧ من أكتوبر سنة ٢٠١٧ بدائرة قسم ثان المنتزة – محافظة الإسكندرية :-

أولاً:ــــ حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ” حشيشاً ” وذلك في غير الأحوال المرخص بها قانوناً.

ثانياً:ـــــ تعديا وقاوما بالعنف المجني عليهما النقيبين / …… ، …… – معاوني مباحث قسم شرطة المنتزة ثان – والقائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات وذلك أثناء تأديتهما لوظيفتهما وبسببها وذلك بأن قام المتهم الأول بإشهار سلاح أبيض ” مطواة ” وأشهر المتهم الثاني سلاحاً نارياً ” فرد خرطوش” في مواجهتهما وهدداهما باستخدامهما قاصدين من ذلك منع المجني عليهما من ضبطهما إلا أنهما تمكنا من السيطرة عليهما وضبطهما وقد نتج عن ذلك إصابة النقيب /…… بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

ثالثاً:ـــــ حازا وأحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين ” بندقية خرطوش – فرد خرطوش” وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

رابعاً:ــــ حازا وأحرزا ذخيرة ” طلقة واحدة ” مما تستخدم على السلاحين الناريين محل الاتهام السابق حال كونهما غير مرخص لهما بحيازتهما أو إحرازهما.

خامساً:ــــ حازا وأحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض ” مطواة ” .

سادساً:ــــ حازا وأحرزا بقصد الاتجار أقراصاً مخدرة تحتوي على مادة البنزوديازبين وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ ٥ من أبريل سنة ٢٠١٨ عملاً بالمواد ١ ، ٢، ٣٨/١ ، ٤٠/٢،١ ، ٤٢/١ ، ٤٤ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين رقمي ٦١ لسنة ١٩٧٧ ، ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ١٥٢ من القسم الثاني من الجدول رقم ١ والبند (د) من الجدول رقم ٣ الملحقين بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم ٤٦ لسنة ١٩٩٧ والمعدل بقراري وزير الصحة رقمي ٨٩ لسنة ١٩٨٩ ، ١٢٢ لسنة ٢٠٠٤ ، والمواد ١/١، ٦ ، ٢٥ مكرراً/١ ، ٢٦/٤،١ ، ٣٠/١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، ١٦٥ لسنة ١٩٨١ ، والبند رقم (٥) من الجدول رقم ١ والجدول رقم ٢ الملحقين بالقانون – بعد أن أعملت في حقهما المادة ١٧ من قانون العقوبات بالنسبة للتهمة الثانية والمادة ٣٢/٢ من ذات القانون بالنسبة للتهمتين الأولى والسادسة من ناحية والتهم الثالثة والرابعة والخامسة من ناحية أخرى – بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريم كلاً منهما مبلغ مائتي ألف جنيه عن التهمتين الأولى والسادسة ، وبمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كلاً منهما خمسين ألف جنيه عن التهمة الثانية ، ومعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كلاً منهما خمسة آلاف جنيه عن التهم الثالثة والرابعة والخامسة ، وألزمتهما بالمصاريف الجنائية وأمرت بمصادرة المضبوطات وذلك باعتبار أن الإحراز والحيازة للجوهر والأقراص المخدرة بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون.

فقرر المحكوم عليهما بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ١٧ من أبريل سنة ٢٠١٨.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليهما بتاريخ ٣١ من مايو سنة ٢٠١٨ موقع عليها من الأستاذ المحامي.

وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :ـــ

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم مقاومة الموظفين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات بالقوة والعنف أثناء تأدية وظيفتهم وبسببها حال كونهما حاملين أسلحة نارية ” بندقية خرطوش ، فرد خرطوش ” وعدد طلقة واحدة مما تستخدم عليهما بدون ترخيص وسلاح أبيض ” مطواة ” وإحراز جوهرين مخدرين ” حشيش ، بنزوديازبين ” بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن حرر في عبارات عامة شابها القصور والغموض في بيان الواقعة، واعتنق تصويراً لواقعة الدعوى مستمداً من أقوال ضابطي الواقعة رغم عدم معقوليتها ، فضلاً عن تناقض شهادتهما وانفرادهما بها وحجب باقي أفراد القوة المرافقة عنها ، ورد بما لا يسوغ على دفعيه ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ، وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة التلاحق الزمني للإجراءات ، ودون أن يفطن لدلالة البرقية التلغرافية المرسلة من زوجة الطاعن الأول ، واطرح الحكم دفاعه القائم على اختلاف ما تم ضبطه وتحريزه عما جرى تحليله برد غير سائغ ، وعول على شهادة ضابطي الواقعة والدليل المستمد منها رغم عدم مشروعية ما قاما به من إجراءات ، وأشاح الحكم عن دفاعه بعدم معقولية حدوث الواقعة وفق رواية ضابطي الواقعة بدلالة وجود عاهة بإصبع اليد اليمنى للطاعن الأول تحول دون استعماله السلاح ، وكذلك دفاعه بكيدية الاتهام وتلفيقه ، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الواقعة ومما ثبت من تقرير المعمل الجنائي والكيماوي والتقرير الطبي ، فإن هذا بحسب الحكم بياناً لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعنين وكاف لحمل قضاء الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش أو إمساكه من ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى. لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين وصحة تصويرهما للواقعة على النحو الذى حصله حكمها ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع أو في تصديقها لأقوال الضابطين أو محاولة تجريحها إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن شاهد الإثبات الأول لم ينفرد بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش خلافاً لما يدعي الطاعنان بأسباب الطعن ، بل شاركه فيها الشاهد الثاني ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن أوجه التناقض بين أقوال الشاهدين ، بل ساقا قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة –، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات بقوله ” …. وكان البين من الاطلاع على محضر التحري المؤرخ ٢٠١٧/١٠/٦ الساعة ٧ صباحاً بمعرفة الشاهد الأول وبالاشتراك مع الشاهد الثاني أنه تضمن اسم المتهمين وعمرهما ومحل إقامتهما وبأن تحرياته السرية التي أجراها والشاهد الثاني أسفرت عن أن المتهمين يحوزا ويحرزا المواد المخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، ومن ثم تكون هذه التحريات قد اشتملت على مفردات وعناصر جديتها ، ويكون الإذن الصادر بناء عليها بضبط المتهمين وبتفتيشهما له ما يسوغ إصداره على الوجه الذي صدر به، ومن ثم فإن الدفع ببطلانه يكون على غير أساس “. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت  – على السياق المتقدم – بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعنان في أن لها أصل ثابت بالأوراق ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة واطرحه بقوله ” فمردود بأن المحكمة تطمئن إلى شهادة شاهدي الإثبات من أن القبض والتفتيش تما نفاذاً لإذن التفتيش الصادر صحيحاً بتاريخ ٢٠١٧/١٠/٦ الساعة ١,٣٠ مساء وتحرير محضر بإجراءات ضبط وتفتيش المتهمين والمضبوطات في تاريخ ٢٠١٧/١٠/٧ في الساعة ٢,٣٠ صباحاً وتطرح لذلك دفاع المتهمين في هذا الصدد كونه دفاعاً مرسلاً لا يوجد في الأوراق ما يدلل على صحته”. وهو رد سائغ وكاف في اطراح الدفع ؛ لما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي توردها – وهو الشأن في الدعوى الماثلة – ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم التفاته عن البرقية التلغرافية المرسلة من زوجة الطاعن الأول يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العبث ، وكان جدل الطاعنين والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها ، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنين منعاهما في هذا الشأن. لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون النعي في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلي المتهمين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى – كما أوردها الحكم المطعون فيه – تستوجب قيام الارتباط بين هذه الجرائم وإعمال حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية في تكييف علاقة الارتباط والتي تقتضي تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح عملاً بالحق المخول لها بالمادة ٣٥ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه بأسباب الطعن. لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان لواقعة الدعوى مفاده أن الجرائم التي دان الطاعنين بها تجمعها وحدة الغرض على نحو يقتضي إعمال المادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات بالنسبة لها جميعاً والاكتفاء بالعقوبة المقررة لأشدها وهي العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة التعدي مع حمل السلاح على أحد الموظفين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات مما يؤذن لهذه المحكمة بأن تنقض الحكم لمصلحة الطاعنين نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به الحكم من عقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة مائتي ألف جنيه عن الاتهامين الأول والسادس ، وعقوبة السجن ثلاث سنوات وغرامة خمسة آلاف جنيه عن الاتهامات الثالث والرابع والخامس ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

فلهــــذه الأسبــــــــــاب

حكمت المحكمة : ــــ بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء العقوبات المقضي بها عن الاتهامات الأولى والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى