محاماة مرفوعة الرأس
ماهر الحريري
بمزيج من فرح وأنات حزن، أكتب، وتطغى أحزاني على أفراحي. فبإذني صدى صوته، وأمام عيني، ترتسم صورته.. إنه خالد الأمين، أسكنه الله فسيح جناته. تؤلمني شماتة الشامتين، وفقر أدب الحاقدين، فلم يسلم منهم الأحياء والأموات، لكن عزائي تحقيق أمنياته بتعديلات لقانون المحاماة. رحل خالد، وتحققت أمنياته، ولن أخوض كثيراً بالتعديلات، فجميعكم بها مني أعلم، لكن إقرارها يعود بي للوراء. وفوق السطح، تطفو كتابات مضت. أتتذكرون أساتذتي وزملائي حين قلت لكم ستثبت لكم الأيام أنه نقيب برتبة قائد عسكري يملك من فنون القتال الكثير والكثير، ويملك من أدواته أكثر وأكثر؟ ففي صمته الحكمة. وهجومه هو وسيلته للدفاع.. هكذا هو سامح عاشور، القائد والنقيب، يصمت كثيرا، ويتكلم قليلاً، لكنه يملك من عنصر المباغتة الكثير، ويعرف جيدا متى يرمي، وكيف يصيب الهدف ليصل لأفضل النتائج، فاختار لنفسه شعاراً: محاماة مرفوعة الرأس، وظن البعض أنه مجرد شعار يرفع. وتدور الأيام، ويظل عاشور صاحب الهدف مصمما على تنفيذه. وبالفعل، نجح في تحقيقه وكأنه يقول لخصومه: قولوا ما شئتم، وأنا أفعل ما أشاء. وكان عاشور في ذلك بعيد النظر من اختياره عضوا بلجنة الخمسين، ونقيبا للمحامين، ورئيسا لاتحاد النقابات المهنية، فاستطاع عاشور بدهائه وذكائه أن يستغل مواد النقابات المهنية ليحقق للمحاماة ما لم يستطع تحقيقه بشكل مباشر، رغم ما قدمه للمحاماة بالدستور من إنجازات، فهذا هو فن القيادة. وأقولها بحق، فقد لمست فيه من فن القيادة ما لم أره في غيره، وتحية لمجلسه الذي قبل بتقليص أعضائه من أجل المحامين والمحاماة.. فتحية لك أيها القائد، وتحية لجنودك الأبطال من أعضاء، وجمعية عمومية، ولكم جميعا نرفع القبعة لتعود إلينا المحاماة شامخة مرفوعة الرأس.