مبدأ حظر التمييز في الإغاثة
الدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة
مقدمة
في الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر 2023م، ووسط الأزمة الإنسانية التي شهدها قطاع غزة على إثر عملية طوفان الأقصى وما استتبعها من هجوم إسرائيلي غاشم على القطاع الساحلي، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تعمل مع مصر وإسرائيل وقطر لفتح معبر رفح من غزة إلى مصر. وترتيباً على ذلك، قامت وزارة الخارجية الأميركية بتشجيع رعاياها الموجودين في قطاع غزة على التحرك جنوباً نحو معبر رفح مع مصر، ليكونوا مستعدين لمغادرة القطاع حال إعادة فتح المعبر الحدودي المحتملة، وفقاً لتقدير الوزارة. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية القول: «أبلغنا المواطنين الأميركيين في غزة الذين نتواصل معهم أنه إذا رأوا أن الوضع آمن، فقد يرغبون في الاقتراب من معبر رفح الحدودي». وأضاف المتحدث: «قد يأتي الإخطار قبل وقت قصير جدا إذا فُتح المعبر وقد يفتح فقط لمدة محدودة».
ولكن، وفي يوم السبت الموافق الرابع عشر من شهر أكتوبر 2023م، رفضت الحكومة المصرية مرور حملة الجنسية الأمريكية وغيرهم من رعايا الدول الأجنبية عبر معبر رفح، إلا في إطار اتفاق أشمل، يخفف من وطأة المعاناة الإنسانية في قطاع غزة مع دخول الحرب يومها الثامن. وبذلك، فإن مصر ربطت بين السماح بمرور الذين يحملون الجنسية الأميركية إلى أراضيها وبين التوصل إلى اتفاق يشمل إدخال المساعدات إلى غزة. ونتيجة لذلك، فإن عدداً من حملة الجنسية الأميركية، ومعظمهم من الفلسطينيين، الذين كانوا قد وصلوا إلى الجانب الفلسطيني من معبر رفح، حيث انتظروا هناك عدة ساعات، قد عادوا أدراجهم مع تعذر دخولهم إلى المعبر.
وبناء على ذلك، وبعد مرور أسبوعين على شن الهجمات الإسرائيلية الوحشية على القطاع، وانصياعاً للشرط الذي وضعته الحكومة المصرية، وفي الحادي والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023م، بدأ خروج الأجانب والفلسطينيين مزدوجي الجنسية من قطاع غزة عبر معبر رفح، وذلك بالتزامن مع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وهكذا، يبدو جلياً أن إرادة الحكومة المصرية قد اتجهت بشكل واضح وصريح إلى أن يكون السماح بخروج رعايا الدول الأجنبية مرهوناً بدخول المساعدات الإغاثية، حرصاً منها على تطبيق مبدأ المساواة وحظر التمييز في أعمال الإغاثة، وأن تمتد الجهود الإغاثية إلى جميع المدنيين من سكان القطاع، سواء اتخذت الجهود الإغاثية شكل الإجلاء بالنسبة للأجانب أو شكل السماح بدخول المساعدات الإنسانية بالنسبة لسكان القطاع المحاصرين فيه. وحسناً، فعلت الحكومة المصرية بهذا الربط بين الأمرين، والإصرار على تنفيذه، وذلك على الرغم من قيام بعض المواطنين المصريين بنشر مناشدات متكررة – عبر وسائل التواصل الاجتماعي – إلى السلطات المصرية، بمساعدتهم أو مساعدة ذويهم على الخروج من غزة.
أهمية الدراسة
لا نغالي إذا قلنا إن حظر التمييز في الإغاثة هو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي الإنساني. وجدير بالذكر في هذا الصدد أن المؤتمر العالمي الثالث المناهض للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب المتعلق بذلك قد انعقد في جنوب أفريقيا في بداية الألفية الثالثة، وعلى وجه التحديد خريف العام 2001م. وحسبما ورد على الموقع الالكتروني للجنة الدولية للصليب الأحمر، فقد شاركت اللجنة بشكل فعال في الإعداد لهذا المؤتمر، وذلك بقصد تذكير الحكومات والأطراف الأخرى بأن عدم التمييز العنصري ليس مبدأً مرشداً لقانون حقوق الإنسان فحسب، بل إنه أيضاً قاعدة أساسية من قواعد القانون الدولي الإنساني.
ومنظوراً للأمور على هذا النحو، يبدو سائغاً القول إن العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب المتعلق بذلك ليست مجرد مشاكل يتعين على كل دولة، ومعها المجتمع الدولي، بحثها وعلاجها في وقت السلم فقط، وإنما يجب أيضاً أن تنال القدر ذاته من الاهتمام في أوقات النزاع المسلح. وقد أوضحت عدة نزاعات مسلحة متواصلة، نشبت في العقود الأخيرة في أنحاء متفرقة من العالم، أن عدم المساواة أو إقصاء الشعوب والمجموعات والأفراد هو من أهم أسباب النزاع، وقد يكون كذلك من أبرز النتائج المترتبة عليه. ومن ثم، ومن وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن الاستعدادات للمؤتمر، وصياغة وثائق المؤتمر، ينبغي أن تعكس أهمية عدم التمييز في حالات النزاع المسلح، سواء كان دولياً أو غير دولي. وينبغي أن يحث المؤتمر الحكومات على الانضمام، دون أي تحفظ، إلى اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، إضافة إلى صكوك القانون الدولي الإنساني. وينبغي أيضاً دعوة الدول إلى الالتزام الكامل بتعهداتها، بموجب القانون الدولي الإنساني، كوسيلة لكفالة عدم التمييز في أوقات النزاعات المسلحة.
وعلى هذا النحو، وإدراكاً لأهمية مبدأ حظر التمييز في الإغاثة، ارتأينا من المناسب أن نقوم بإلقاء الضوء على هذا الموضوع من خلال هذه الدراسة. وغني عن البيان أن أهمية أي دراسة تنبع من أهمية الموضوع الذي تتناوله، وتعدد الإشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع، وندرة الدراسات والبحوث السابقة في شأنه. ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الدراسات السابقة في شأن الموضوع الذي نحن بصدده نادرة جداً. ومن هنا، تبدو أحد أوجه الأهمية التي تحظى بها هذه الدراسة. كذلك، فقد تبين من خلال هذه الدراسة العديد من الإشكاليات المثارة بمناسبة الأحداث التي يشهدها قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الوحشي على القطاع منذ عملية طوفان الأقصى، والتي حدثت خلال الفترة اللاحقة على السابع من شهر أكتوبر 2023م.
ومن ناحية أخرى، ورغم أهمية موقف الحكومة المصرية في رفض مرور حملة الجنسية الأمريكية وغيرهم من رعايا الدول الأجنبية عبر معبر رفح، إلا في إطار اتفاق أشمل، يخفف من وطأة المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، فإن هذا الموقف لم يجد ما يستحقه من الاهتمام الواجب، ولم يحظ بالعناية اللازمة من جانب وسائل الإعلام والشعوب العربية والإسلامية، وبحيث تاه في خضم الأحداث المتسارعة والمتلاحقة والمتعاظمة. وربما يعكس ذلك إحدى آفات الثقافة العامة في بلادنا، والتي تلقى فيها المواقف السلبية اهتماماً أكبر بكثير من المواقف الإيجابية، وذلك على الرغم من أن ثقافة الحرب تقتضي التكاتف والتعاضد وتعظيم المواقف الإيجابية والإشادة بها، والتغاضي مؤقتاً عن المواقف السلبية، ريثما تضع الحرب أوزارها، وتحين لحظة الحساب والحقيقة. ومن هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة، والتي تلفت الانتباه إلى أحد المواقف الحكومية العربية التي تستحق الإشادة والتنويه، وصولاً إلى وضعها في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية والاستفادة منها والاقتداء بها في أي حرب قادمة. فكما يقول الأديب المصري الكبير، نجيب محفوظ، «آفة حارتنا النسيان».
منهج الدراسة
نظراً لأن الوقائع التي استدعت كتابة هذا المقال تتعلق بإحدى حلقات ما أُطلق عليه «الصراع العربي الإسرائيلي»، أو ما يطلق عليه البعض مؤخراً «الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، وحتى لا يعتقد البعض أن الآراء الواردة في هذه الدراسة تنبع من التحيز إلى الموقف العربي أو الموقف الفلسطيني في هذا الصراع، لذا ارتأيت من المناسب الاعتماد بشكل أساسي على أحد المقالات المنشورة على موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لشخصية قانونية غير محسوبة على أهل الضاد، وتمت كتابته في ظروف غير مرتبطة بنزاع محدد.
راجع: جيلينا بيجيك، عدم التمييز والنزاع المسلح، المجلة الدولية للصليب الأحمر، العدد 841، 31 مارس 2001م. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن جيلينا بيجيك عملت مستشارة قانونية في الشعبة القانونية باللجنة الدولية للصليب الأحمر.
Jelena Pejic, Non-discrimination and armed conflict, International Review of the Red Cross, No. 841, 31 Mars 2001.
وتعود ظروف كتابة المقال سالف الذكر إلى فترة الإعداد للمؤتمر العالمي الثالث المناهض للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب المتعلق بذلك، والمنعقد بمدينة دربان بدولة جنوب أفريقيا خلال الفترة من 31 أغسطس إلى 7 سبتمبر سنة 2001م، حيث ارتأت كاتبة المقال من الضروري إيلاء الاهتمام الواجب لمشكلة عدم التمييز في أوقات النزاع المسلح، وأن يستمر ذلك الاهتمام خلال أعمال المؤتمر نفسه. إذ تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية عدم التمييز كمبدأ أساسي في القانون الدولي الإنساني، وكمبدأ يقود عمل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وكمبدأ يشكل أساس العمل الإنساني.
خطة الدراسة
انطلاقاً مما سبق، وللوقوف على مقدار الأهمية التي يحظى بها مبدأ حظر التمييز في الإغاثة، والإحاطة بكل جوانبه، نرى من الملائم أن نلقي الضوء أولاً على المكانة التي يتمتع بها مبدأ عدم التمييز في القانون الدولي الإنساني، متبعين ذلك بالحديث عن تطبيق المبدأ في النزاعات المسلحة الدولية، ثم نتطرق بعد ذلك إلى تطبيق المبدأ في النزاعات المسلحة غير الدولية. ونتطرق أخيراً إلى مبدأ عدم التحيز كمبدأ أساسي حاكم لحركة الصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر.
وعلى هذا النحو، تتضح خطة الدراسة في هذا البحث، كما يلي:
المطلب الأول: عدم التمييز والقانون الدولي الإنساني.
المطلب الثاني: تطبيق مبدأ حظر التمييز في النزاعات المسلحة الدولية.
المطلب الثالث: تطبيق مبدأ حظر التمييز في النزاعات المسلحة غير الدولية.
المطلب الرابع: عدم التحيُّز كمبدأ أساسي لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
المطلب الأول
عدم التمييز والقانون الدولي الإنساني
القانون الدولي الإنساني هو مجموعة القواعد الرامية إلى حل المشاكل الإنسانية الناجمة بشكل مباشر عن النزاعات المسلحة. وبعبارة أخرى، الهدف من القانون الدولي الإنساني هو حماية الأعيان والأشخاص الذين يكونون، أو ربما يكونون، عرضة للتأثر من النزاع المسلح، ووضع قيود على حقوق أطراف النزاع في استخدام وسائل وأساليب الحرب التي يختارونها بأنفسهم. ويسعى القانون الدولي الإنساني إلى تنظيم النزاعات المسلحة، سواء كانت هذه النزاعات دولية أو غير دولية، وذلك على البيان والتفصيل الذي سيرد لاحقاً.
وتجدر الإشارة إلى أن المستفيدين من القانون الدولي الإنساني هم أشخاص لا يشاركون، أو لم يعودوا يشاركون، في الأعمال العدائية. وتستهـدف اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م حماية الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان (اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال جرحى ومرضى القوات المسلحة في الميدان، المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949) وجرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار (اتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار، المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949) وأسرى الحرب (اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949) والأشخاص والسكان والمدنيين (اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949).
ووفقاً للمادة الخمسين من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، فإن تعريف «المدنيين» يشمل اللاجئين والأشخاص عديمي الجنسية والصحفيين وفئات أخرى من الأفراد الذين يجب منحهم وضع الشخص المحمي عندما يقعون في قبضة طرف معادٍ.
ويشكل مبدأ عدم التمييز حجر الأساس في القانون الدولي الإنساني. فقد كانت الحاجة الملحة لتقديم المساعدة للجرحى والمرضى من المتحاربين، على أساس عدم التمييز، هي الدافع الذي حدا بهنري دونان، الأب المؤسس للجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى حشد الجهود لصياغة أول معاهدة قانونية دولية إنسانية في التاريخ، وهي اتفاقية جنيف الأصلية لعام 1864م. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن هذه الاتفاقية وضعت أسُس مبدأ ضرورة العناية بالجرحى والمرضى في صفوف المتحاربين، بصرف النظر عن جنسيتهم، ونصت على ضرورة الاعتراف بحياد أفراد الخدمات الطبية، وأدت بالتالي إلى اعتماد الشارة المميزة للصليب الأحمر. ومنذ ذلك الوقت، ظل مبدأ عدم التمييز قاعدة أساسية في القانون الدولي الإنساني، ومُلزماً لأطراف النزاع المسلح بوجوب معاملة الأشخاص دون أي نوع من التمييز، باستثناء الحالات التي تتطلب احتياجاتها سرعة في تلبيتها. لقد وجد مبدأ عدم التمييز ما يعبر عنه ويوضحه في كثير من القواعد المحددة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين، على حين توسعت الأسباب المحظورة للتمييز نتيجة لذلك ولم تعالج بعد معالجة شاملة (راجع: اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى الجيوش في الميدان، المؤرخة في 22 أغسطس/ آب 1864م).
وهكذا، وبوجه عام، يمكن القول إن مبدأ عدم التحيز وعدم التمييز يشكل أساساً ومرشداً للعمل الإنساني بشكل عام، بما في ذلك الأنشطة التي تهدف إلى تقديم المساعدة للأشخاص الذين هم في حاجة إليها.
المطلب الثاني
تطبيق مبدأ حظر التمييز في النزاعات المسلحة الدولية
النزاعات المسلحة الدولية هي الحروب التي تشترك فيها دولتان أو أكثر، بصرف النظر عما إذا كان قد جرى إعلان بالحرب أو إذا كانت الأطراف تعترف بوجود حالة حرب.
وفيما يتعلق بهذه الطائفة من النزاعات المسلحة، تنص المادة الثانية عشرة من الاتفاقيتين الأولى والثانية من اتفاقيات جنيف على وجوب معاملة الجرحى والمرضى وضحايا السفن الغارقة من أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأفراد المحميين بطريقة إنسانية ومعاملتهم معاملة حسنة من الطرف المشارك في النزاع الذين يخضعون لسلطته، وذلك دون أي تمييز مجحف قائم على أساس الجنس أو العنصر أو الجنسية أو الديانة أو الآراء السياسية أو أي معايير مماثلة أخرى. كما تحظر بقوة أي محاولة للاعتداء على حياتهم أو القيام بأعمال عنف ضدهم، ويُحظَر على وجه الخصوص اغتيالهم عمداً أو إبادتهم جسدياً أو تعريضهم للتعذيب أو للتجارب المعملية أو تركهم عمداً دون عناية أو مساعدة طبية أو تركهم في ظروف تعرضهم لالتقاط عدوى الأمراض أو خلق ظرف للعدوى بها.
وتعطي هاتان الاتفاقيتان للمبررات الطبية العاجلة وحدها الحق في ترتيب الأولوية في نظام العلاج الذي يقدم للمرضى، كما تؤكدان على ضرورة معاملة النساء بالتقدير الواجب نحو جنسهن.
إن مفهوم عدم التمييز المجحف – الذي يمكن أن توجد له نظائر في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان – يطبق في كل حالات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ويعني ذلك أنه يجوز بل يجب في ظروف معينة، وبسبب الاحتياجات الخاصة لمجموعات معينة من الضحايا منحهم معاملة تفضيلية، قد تكون بالغة الضرورة لهم. ويتضمن القانون الدولي الإنساني أحكاماً عديدة صيغت، على سبيل المثال، لتقديم حماية خاصة للنساء والأطفال الذين يمكن أن يتأثروا بالنزاع المسلح.
كما تعطي الاتفاقية الثالثة المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب مثالاً آخر على المساواة الإلزامية في المعاملة بموجب القانون الدولي الإنساني. وتنص المادة السادسة عشرة على ما يلي: «مع مراعاة أحكام هذه الاتفاقية فيما يتعلق برتب الأسرى وجنسهم، ورهناً بأية معاملة مميزة يمكن أن تمنح لهم بسبب حالتهم الصحية أو أعمارهم أو مؤهلاتهم المهنية، يتعين على الدولة الحاجزة أن تعاملهم جميعاً على قدم المساواة، دون أي تمييز ضار على أساس العنصر أو الجنسية أو المعتقدات الدينية أو الآراء السياسية أو أي معايير مماثلة أخرى».
وتنص المادة الثالثة عشرة من الاتفاقية الرابعة بالمثل على أن الإجراءات الخاصة بالحماية العامة للسكان المدنيين من عواقب معينة للحرب (على سبيل المثال إنشاء المستشفيات ومناطق آمنة ومناطق محايدة وحماية المستشفيات المدنية والعاملين بها والمرور الآمن لإمدادات الإغاثة … إلخ) تشمل كل سكان الدول المشاركة في النزاع دون أي تمييز مجحف يقوم، خاصة، على أساس العنصر أو الجنسية أو الديانة أو الآراء السياسية. وبموجب المادة 27 من الاتفاقية فإن من حق المدنيين، في كل الأحوال، أن يعاملوا باحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم الأسرية ومعتقداتهم الدينية وممارسة هذه المعتقدات وعاداتهم وتقاليدهم. ويجب في كل الأوقات أن يلقوا معاملة إنسانية مع توفير الحماية لهم، خاصة، من أعمال العنف والتهديد بذلك والإهانات وفضول الجماهير. كما يجب حماية النساء، على وجه الخصوص، من أي اعتداء على شرفهن وحمايتهن بخاصة من الاغتصاب أو الإجبار القسري على ممارسة البغاء أو أي شكل غير لائق لخدش حيائهن.
ومع مراعاة الأحكام المتعلقة بالحالة الصحية والسن والجنس، يجب أن يعامل كل الأشخاص المحميين بنفس الاعتبار والمراعاة للمشاعر، من جانب الطرف الذي يخضعون لسلطته، ودون تمييز مجحف قائم، على وجه الخصوص، على أساس العنصر أو الديانة أو الرأي السياسي.
وبالمثل، يُذكَر عدم التحيز كشرط لتسليم مواد الإغاثة التي تقدمها المنظمات الإنسانية لسكان المناطق المحتلة، وذلك بموجب المادة 59 من الاتفاقية الرابعة.
كما يتضمن البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية، أحكاماً هامة تتعلق بعدم التمييز. فالمادة 75 المعنونة «الضمانات الأساسية» تهدف إلى ضمان حد أدنى من معايير معاملة الأشخاص الخاضعين لسيطرة أحد أطراف النزاع الدولي، والذين لا يستفيدون من معاملة أفضل بموجب أحكام أخرى. وتنص هذه المادة على أن يعامل هؤلاء الأشخاص معاملة إنسانية وأن يتمتعوا، كحد أدنى، بالحماية التي تكفلها لهم هذه المادة دون أي تمييز مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي السياسي أو خلافه أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع اجتماعي آخر أو على أساس أي معايير مماثلة أخرى.
وبموجب المادة السبعين من البروتوكول الإضافي الأول، يُعَد عدم التحيز شرطاً أساسياً لأعمال الإغاثة التي تتم في حالة النزاع المسلح الدولي. وينص البروتوكول على أن أعمال الإغاثة تقدم عندما لا تتوفر لدى السكان المؤن الكافية. وتحدد هذه المادة أن هذه الأعمال يجب أن تكون «إنسانية وغير متحيزة من حيث الطابع وتجرى دون تمييز مجحف».
وتحظر المادة 75 الأفعال الآتية: ممارسة العنف إزاء حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية (وبوجه خاص القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه) وانتهاك الكرامة الشخصية (وبوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والمُحِطَة من قدره والإكراه على الدعارة أو أية صورة من صور خدش الحياء) وأخذ الرهائن والعقوبات الجماعية والتهديد بارتكاب أي من الأفعال السابقة.
كما تتضمن مجموعة من الأحكام المتعلقة بالضمانات القضائية التي يجب مراعاتها في سير الإجراءات الجنائية ضد أشخاص مشتبه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالنزاع المسلح، إضافة إلى المبادئ التي تطبق في مقاضاة ومحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية.
كما يورد البروتوكول الإضافي الأول قائمة بالأعمال التي تعد مخالفات جسيمة للبروتوكول. ومن بين هذه المخالفات «ممارسة الفصل العنصري وغيرها من الممارسات غير الإنسانية المحطة من قدر الإنسان بما فيها انتهاك الكرامة الشخصية على أساس التمييز العنصري». وتعد الانتهاكات الجسيمة أعمالاً ضارة للغاية بمصالح المجتمع الدولي وتخضع لأحكام السلطة القضائية العالمية الإلزامية، وهذا يعني أن على كل الدول الالتزام بالبحث عن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية وتقديمهم، بصرف النظر عن جنسيتهم للمحاكمة أمام محاكمها، أو محاكمتهم في دولة أخرى استطاعت أن تجد أسباباً كافية لمحاكمتهم وإثبات واقعة الدعوى (راجع: البروتوكول الأول، المادة 85, الفقرة 4 ج).
إن احترام القانون الدولي الإنساني يعني أن الدول عليها واجب اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ واحترام الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات. ومن بين هذه التدابير الالتزام باعتماد تشريع لتنفيذ المعاهدات، وعلى وجه الخصوص، الالتزام بإعداد قانون وطني لمحاكمة ومعاقبة الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة للاتفاقيات والبروتوكول الإضافي الأول. وكما سبق أن أشرنا، فإن قائمة المخالفات الجسيمة تضم «ممارسات الفصل العنصري، وغيرها من الممارسات غير الإنسانية والمُحِطَة من القدر، والتي تشمل امتهان الكرامة الشخصية على أساس التمييز العنصري». إن الاستجابة لالتزامات المعاهدات تشمل أيضاً واجب الحكومات لنشر قواعد القانون الدولي الإنساني على أوسع نطاق ممكن بين أفراد القوات المسلحة وبين السكان المدنيين في وقت السلم وفي وقت النزاع المسلح على السواء.
وثمة مظهران للمخالفات الجسيمة. أولهما على الحكومات اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لإقامة نظام ملائم لمعاقبة الأشخاص الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب المخالفات الجسيمة. وثانيهما وجوب خضوع المخالفات الجسيمة للسلطة القضائية العالمية الإلزامية.
وطبقاً لمبدأ إما التسليم أو المحاكمة، فإن على الحكومة أن تقدم مرتكب الجريمة، بصرف النظر عن جنسيته، للمحاكمة أمام محاكمها، أو تسلم هذا الشخص للمحاكمة في دولة أخرى استطاعت أن تجد أسباباً ظاهرية كافية للمحاكمة (راجع: المادة 49 (و) من اتفاقية جنيف الأولى؛ المادة 50 (و) من اتفاقية جنيف الثانية؛ المادة 129 (و) من اتفاقية جنيف الثالثة؛ المادة 146 (و) من اتفاقية جنيف الرابعة).
وعلى حين لم تحدد المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني صراحة المسئولية الجنائية الدولية للأشخاص المتهمين بانتهاك أحكامها، فإن الأمر قد استقر حالياً على اعتبار أعمال معينة ترتكب في النزاعات المسلحة غير الدولية على أنها أيضاً جرائم حرب، يجب أن تمارس الدولة عليها السلطة القضائية العالمية. وجاء الدليل على صحة وجهة النظر هذه فيما حدث في الفترة الأخيرة من إخضاع جرائم الحرب التي ارتكبت في نزاعات داخلية للسلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية إضافة إلى ما قامت به اللجنة التحضيرية التابعة للأمم المتحدة حول المحكمة الجنائية الدولية من عمل، أوضحت فيه العناصر التي تشكل مثل هذه الجرائم.
المطلب الثالث
تطبيق مبدأ حظر التمييز في النزاعات المسلحة غير الدولية
النزاعات المسلحة غير الدولية هي ما يدور من قتال بين قوات الحكومة من جهة، وقوات متمردة أو مجموعات مسلحة تقاتل لصالحها الخاص من جهة أخرى. ولا يخفي على أحد أن العالم شهد العديد من هذه النزاعات في العقود الأخيرة، الأمر الذي يبدو معه من السائغ القول إن النزاعات المسلحة غير الدولية تعد أكثر أنواع النزاعات انتشاراً في الوقت الراهن.
ونظراً لأن القانون الدولي الإنساني يتعامل مع حالات استثنائية – النزاعات المسلحة – فإنه يُحظَر في كل الأحوال أي انتقاص من أحكامه. ويأتي، وعلى قدر مساوٍ من الأهمية، دور القانون الدولي الإنساني في أنه ملزِم ليس فقط للدول، ولكن أيضاً لأطراف النزاع التي ليست لها صفة الدولة.
وعلى حين تم إعداد مجموعة القواعد المُطَبَّقَة في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية (المادة الثالثة المشتركة بين كل اتفاقيات جنيف الأربع؛ والبروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977)، لتراعي أن الأشخاص المشاركين في هذه النزاعات هم مواطنون لنفس الدولة، فإنها تحمي أيضاً الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو الذين لم يعودوا يشاركون فيها. وعلى سبيل المثال، فإن ثمة فئة هامة من هؤلاء الأشخاص، هم النازحون داخلياً بسبب النزاع (راجع: البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أغسطس/ آب 1949، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية المؤرخ في 8 يونيو/ حزيران 1977).
تتضمن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف قواعد تنطبق في النزاع المسلح غير الدولي. ووفقاً لهذه المادة، فإن المعاملة الإنسانية وعدم التمييز هما من بين المبادئ الأساسية التي يجب أن توجه سلوك أطراف النزاع تجاه الأشخاص غير المشاركين فيه، وتتضمن هذه المادة أيضاً قائمة بالقواعد التي تعد، طبقاً لمحكمة العدل الدولية، تعبيراً عن الاعتبارات الأولية للإنسانية (راجع: حكم محكمة العدل الدولية بشأن الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في وضد نيكاراجوا، نيكاراجوا ضد الولايات المتحدة الأمريكية Merits, Judgment, I.C.J. –، تقارير 1986، الفقرة 218).
ولكل ما سبق، يمكن القول إن قواعد القانون الدولي الإنساني ليست فقط مجرد قانون تعاهدي ملزم، ولكنها أيضاً جزء من القانون الدولي العرفي الذي يدخل ضمن قائمة القواعد الآمرة ذات الأولوية المطلقة.
وتنص المادة الثالثة على أنه «في حالة نشوب نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:
(1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية, بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا بأسلحتهم, والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الإصابة بالجروح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر, يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز ضار يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقدات أو الجنس أو المولد أو الثروة أو معايير مماثلة أخرى. ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية، وتظل محظورة، فيما يتعلق بالأشخاص السابق ذكرهم في كل وقت وكل مكان:
(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه، والمعاملة القاسية والتعذيب:
(ب) أخذ الرهائن؛
(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المعاملة المهينة والمحطة بالكرامة؛
(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشَكَّلَة بطريقة قانونية وتُكفَل جميع الضمانات القضائية التي لا غنى عنها في نظر الشعوب المتمدنة».
وبالنسبة للبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977م، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، فهو يطور ويكمل المادة الثالث المشتركة بين اتفاقيات جنيف. ويُطبَّق البروتوكول في النزاعات التي تندلع في أراضي دولة تكون طرفاً في نزاع مسلح ناشب بين قواتها المسلحة النظامية وقوات مسلحة متمردة تمارس تحت قيادة مسئولة نوعاً من التحكم في جزء من الأراضي بدرجة تجعلها قادرة على شن عمليات عسكرية منسقة ومتواصلة.
ونظراً إلى أنه تتوفر للبروتوكول مجالات أوسع في التطبيق عن المادة الثالثة المشتركة بين الاتفاقيات، فهو يؤكد أيضاً الأهمية الأساسية لمبدأ عدم التمييز. وتنص المادة الثانية من البروتوكول وعنوانها «المجال الشخصي للتطبيق» على أن البروتوكول يسري على كافة الأشخاص الذين يتأثرون بنزاع مسلح دون أي تمييز مجحف على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الآراء السياسية أو غيرها أو الانتماء الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو أي معايير مماثلة أخرى.
ويتكرر التزام الأطراف بعدم ممارسة التمييز فيما يتعلق بأحكام البروتوكول حول «الضمانات الأساسية» تحت عنوان «المعاملة الإنسانية». فوفقاً للمادة الرابعة من البروتوكول الإضافي الثاني، «يكون لجميع الأشخاص الذين لا يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في الأعمال العدائية – سواء قيدت حريتهم أو لم تقيد – الحق في التمتع بالاحترام لأشخاصهم وشرفهم ومعتقداتهم وممارستهم لشعائرهم الدينية. ويجب أن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز مجحف». ويحظر البروتوكول بشكل خاص «في كل الأوقات والأماكن» الأفعال الآتية:
«(أ) الاعتداء على حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية، ولاسيما القتل والمعاملة القاسية، كالتعذيب أو التشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية؛
(ب) العقوبات الجماعية؛
(ج) أخذ الرهائن؛
(د) أعمال الإرهاب؛
(ه) انتهاك الكرامة الشخصية، وبخاصة المعاملة المهينة والمُحِطَة من قدر الإنسان والاغتصاب والإكراه على الدعارة وكل ما من شأنه خدش الحياء؛
(و) الرق وتجارة الرقيق بكل أشكالها؛
(ز) السلب والنهب؛
(ح) التهديد بارتكاب أي من الأفعال السابق ذكرها».
المطلب الرابع
عدم التحيُّز كمبدأ أساسي لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر
إن عدم التمييز هو العنصر الأساسي لمبدأ عدم التحيز، وهو واحد من سبعة مبادئ أساسية توجه عمل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. فوفقاً لنظامها الأساسي، فإن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر – التي تشكل اللجنة الدولية للصليب الأحمر جزءاً منها – لا تمارس أي تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو المعتقدات الدينية أو الطبقة الاجتماعية أو الآراء السياسية. وهي تسعى إلى تخفيف معاناة الأفراد، مسترشدة فقط باحتياجاتهم، وإلى إعطاء الأولوية لأكثر الحالات كرباً وإلحاحاً (راجع: النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، أكتوبر/ تشرين الأول 1986م، الديباجة «عدم التحيز»).
وهذا يعني وجوب الاعتراف بكل الأفراد على أساس المساواة الكاملة، وضرورة معاملتهم على هذا الأساس، وأن احتياجات الضحايا هي المعيار الوحيد الذي يتم بناء عليه تزويدهم بالمساعدات والحماية.
بالإضافة إلى ذلك، وطبقاً للمبدأ الأساسي للحياد، فإن حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر لا تساند أي طرف خلال الأعمال العدائية أو تتورط في أي وقت في مجادلات ذات طابع سياسي أو عرقي أو ديني أو مذهبي (راجع: النظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، أكتوبر/ تشرين الأول 1986، الديباجة «الحياد»).
ولأن أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تستند إلى هذه المبادئ الأساسية، فإن اللجنة تعتقد أنه من المفيد تذكير الحكومات بضرورة التطبيق المستمر والمنتظم لهذه المبادئ. ومن ذم، ترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الضروري أن تكون كل الأطراف المعنية في النزاعات المسلحة أن يكونوا على وعي بأهمية المبادئ الأساسية التي توجه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في أدائها لكافة أنشطتها والسماح لعناصر الحركة في كل الظروف بممارسة أنشطتها والالتزام بهذه المبادئ.
وهكذا، يمكن القول إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بصفتها الحارس الأمين على القانون الدولي الإنساني، تبدي اهتماماً خاصاً بضرورة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وكفالة هذا الاحترام في جميع الأحوال، كما تنص على ذلك المادة الأولى من اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول.