لتحرشه بطالبات بالقول والفعل.. «الإدارية العليا» تفصل مدرس.. وتوضح: زميلته شهدت بأنه دأب على تلك الممارسات منذ 2009
كتب: محمد علاء
قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة ب مجلس الدولة، بمجازاة المدرس (إ.م.خ) معلم خبير بإحدى مدارس الثانوية الصناعية بنات التابعة لإدارة شبرا التعليمية، بعقوبة الإحالة إلى المعاش، لأنه في غضون عامي 2015 و2016 تحرش بمعظم طالبات المدرسة على نحو ممن وردت شهادتهن داخل المدرسة، بوضع يده على بنطلونات الطالبات وملامسة أرجلهن بمقر المدرسة وتحسس وجوههن وملامسة صدورهن.
كما اصطحب بعض الطالبات المتفوقات بسيارته الخاصة إلى مسابقة أوائل الطلبة يومي 6/3/2016 و 13/3/2016 وتحرش بهن بوضع يده على كتف إحداهن ووضع يده على رجل أخرى تجلسان بجواره، ولم يكتف بالتحرش بالطالبات داخل مقر المدرسة بل امتد التحرش إلى بيوتهن أثناء قيامه بإعطائهن دروسا خصوصية بمنزل إحداهن بطلبه رفع رجل إحداهن للاتكاء عليها والإمساك بيدها وتقبيلها، وطلبه من جميع الطالبات فلوس المجموعة وعليها بوسة من كل طالبة، وقام بالعض على شفتيه والغمز، واعتاد روايته لطالبات مدرسة ناصر الثانوية الصناعية بنات واقعات بشأن بنات سيئة السمعة والخوض معهن في أمور تخدش الحياء حال قيامه بالتدريس لهن، كما اعتاد الإتيان بحركات وإيماءات تحمل إيحاءات جنسية أمام طالبات المدرسة، وعلى نحو ما شهدت به زميلاته من أنه تحرش بكثير من طالبات المدرسة على مدار عدة أجيال منذ عام 2009 حتى 2016 .
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي ونبيل عطالله وشعبان عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة .
وأكدت المحكمة أن التحرّش الجنسي يقع من الموظف العام بأي صيغة من الكلمات والأفعال التي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر المرأة تجعلها تشعر بالإهانة والإساءة والانتهاك، وأن طالبات المدرسة أجمعن بأن المدرس يلمس الأيادي والوجه والأكتاف والصدور وحضنهن والتحدث بكلمات تتعفف المحكمة عن ذكرها.
كما أكدت المحكمة أن سيل الطعون التي فصلت فيها المحكمة لمعلمين تحرشوا بالتلميذات والطالبات والأطفال بالمدارس، تستنهض همة وزارة التربية والتعليم عن طريق أجهزتها التربوية المختصة إلى طرح الظاهرة ووضع النظم اللائحية الصارمة وإيجاد العلاج، وأن عدد القضايا تعطي مؤشرا واقعيا وموضوعيا لحجم ظاهرة التحرش الجنسي في المدارس يجب التعامل معها باعتبارها فعلا وسلوكا اجتماعيا معيبا يستحق الدراسة والتحليل لخلق الوعي التضامني في المجتمع وأنه على وزارة التعليم مع الجهات ذات الصلة المختصة بشئون المرأة والطفل وضع الحلول الكفيلة بمواجهة ظاهرة التحرش المدرسي والحد من أثارها.
وقالت المحكمة، إن الدستور جعل الأسرة أساس المجتمع، وقوامها الدين والأخلاق والوطنية، وأناط بالدولة السعي على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، كما حدد أهداف التعليم كحق لكل مواطن التي تمثلت في بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وهو ما يلقى بالعبء الأكبر على المنظومة التعليمية ومدرسيها بالعمل على تحقيق تلك الأهداف في إطار المقومات التي حددها الدستور.
وذكرت المحكمة، أن التحرّش الجنسي يقع من الموظف العام بأي صيغة من الكلمات والأفعال ذات الإيحاء الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر فتاة أو امرأة تجمعه بها مكان العمل بمناسبة وظيفته وتجعلها تشعر بالإهانة والإساءة والانتهاك، وبذلك يقع التحرش الجنسي في المجال الوظيفي على أي شكل من الأشكال باللمس والتحسس والنغز والحك والاقتراب غير المألوف أو بالنظر المتفحّص والتحديق غير اللائق إلى جسم المرأة أو تعبيرات الوجه التي تحمل معنى ذو نوايا جنسية مثل مص الشفاه وعضها و الغمز و فتح الفم أو النداءات الإيحائية كالهمس أو الصراخ الموحى للفُحش، أو التعليقات ذات الطابع الجنسي عن الجسد أو الملابس أو طرح حكايات تتضمن تفصيلات ودقائق جنسية، وعلى هذا النحو لا يمكن أن يُترك الأمر للمتحرّش ليقرر هو ما الذي يُعدّ تحرشًا وما الذي لا يُعدّ كذلك، وإنما يستقل القاضي التأديبي في تحديد تلك الصور في ضوء القانون والعرف وتقاليد المجتمع وعاداته.
وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق، أن الطاعن بصفته معلم خبير بإحدى مدارس الثانوية الصناعية بنات التابعة لإدارة شبرا التعليمية حال عمله وفي غضون عامي 2015 و2016، اعتاد روايته للطالبات واقعات بشأن بنات سيئة السمعة والخوض معهن في أمور تخدش الحياء حال قيامه بالتدريس لهن، وتحرش بمعظم طالبات المدرسة، ولم يكتف بالتحرش بطالبات المدرسة في المدرسة ذاتها بل تحرش بطالبات المدرسة الأخريات خلال درس خصوصي بمنزل إحداهن، بطلبه رفع رجل إحداهن للاتكاء عليها والإمساك بيدها وتقبيلها .
كما اعتاد الإتيان بحركات وإيماءات تحمل إيحاءات جنسية أمام طالبات المدرسة كمص شفتيه وعضها والغمز بعينيه، والتحرش بوضع يده على بنطلونات الطالبات وملامسة أرجلهن بمقر المدرسة في العام الدراسي 2015/2016، وتحسس وجوههن وملامسة صدرهن فى فبراير 2016، كما تحرش بأخريات قام بإعطائهن الدروس الخصوصية بمنزل إحداهن بطلبه رفع رجل إحداهن للاتكاء عليها والإمساك بيدها وتقبيلها، وهي مخالفات ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً بما حوته الأوراق وشهادة معظم طالبات المدرسة ممن سمعت شهادتهن.
والثابت بالأوراق كذلك أن المعلم الخبير اصطحب بعض الطالبات بسيارته الخاصة إلى مقر مسابقة أوائل الطلبة يومي 6/3/2016 و 13/3/2016 ووضع يده تارة على أكتافهن وتارة أخرى على أرجلهن، والإتيان بحركات وإيماءات تخدش الحياء كالغمز بعينه ومص شفته وعضها، رغم عدم تكليفه بذلك في سيارته الخاصة واضعا نفسه موضع الشبهات والريبة بأن طلب من إحداهن وزميلتها الركوب بجواره بالكرسي الأمامي وتحرش بهما بوضع يده على كتف الأولى ووضع يده على رجل الثانية، ثم قام بتطبيق دواسة السيارة أسفل قدمهما وكان يلمس رجلهما بباطن كفة يده وكانتا ترتدين تنورات وجيب وهو ما شهدت به الطالبات، بأن الطاعن كان يفعل أشياء غريبة معهن والإتيان بحركات وإيماءات تخدش الحياء كالغمز بعينه ومص شفته وعضها، وكان يضرب الطالبات بالمدرسة بكف يده على مناطق حساسة بأجسادهن، وشهدت الطالبات أن الطاعن كان يلمس طالبات المدرسة بدون مبرر وأنه يلمس الأيادي ويضع ذراعه بمنطقة الكتف والصدر وكلما حاول نقل فتيس السيارة كان يلمس رجلها وبصورة ملحوظة وقد اعترضت الطالبات على ذلك .
والثابت بالأوراق أيضا، أن المدرس المعلم الخبير كان يعامل الطالبات اللاتي ترتدين بنطلونات الجينز الممزقة فوق الركبة معاملة خاصة بوضع يده على موضع فتحة البنطلون ملامسا جسدهن، وشهدت الطالبات بأن الطاعن كان يلمسهن كمسك الأيدي ولمس الوجه والتحدث بكلمات تتعفف المحكمة عن ذكرها.
وأوضحت المحكمة أن السيدة (ي.ا.ي) زميلة الطاعن بالمدرسة ومسئولة المكتبة بالمدرسة، شهدت بأنها تعمل بالمدرسة منذ عام 2005 وأن الطاعن دأب على التحرش بطالبات المدرسة منذ عام 2009، وحضر أولياء أمورهن لمدير المدرسة في ذلك الوقت لتقديم الشكوى الشفهية من قيام الطاعن بالتحرش ببناتهن والتحدث معهن في أمور تخدش الحياء، إلا أن المدير رحمة الله عليه حل الموضوع وديا وأعطاها أصل تلك الشكاوى وقدمتها ضمن أوراق التحقيق وكلها تفيض بالتحرش مع الطالبات ، كما شهدت السيدة (ھ .م.ع) المدرسة بالمدرسة أنها شاهدت بعينيها الطاعن يتحسس وجه الطالبات وأمسك بأيديهن ثم مرر يده يتحسس منطقة الصدر أثناء تواجده أمام غرفة المدرسين فى طرقة الفصول عام 2016 وهو ما شهد به كذلك المدرس (أ.ح.ح).
وأشارت المحكمة إلى أنه ترتيباً على إجماع كثير من طالبات المدرسة ممن سمعت شهادتهن التي أدلين بها في التحقيقات والمتحرش بهن من قبل الطاعن، وكذا شهادة زملائه تكون هذه المخالفات ثابتة في حق الطاعن على نحو ما ورد بأقوال الطالبات والتحرش بهن على النحو الوارد تفصيلاً بالتحقيقات، ومن ثم فإن ما نسب إليه بهذا الشأن يكون قد ثبت في حقه ثبوتا قطعيا لا شك فيه مشكلا ذنبا إداريا جسيما ومسلكا معيبا لا يتفق وكرامة الوظيفة ويعد ما اقترفه بحسبانه معلما وما أتاه من تلك الأفعال مع طالبات قاصرات وهو القائم على تعليمهن وتربيتهن كافياً أن يفقده الصلاحية للعمل في هذه المهنة المقدسة ، إذ كان يتعين عليه أن يتحلى بالفضائل والأخلاق وحسن التربية خاصة في علاقته مع تلميذاته والبعد عن كل ما يخدش حياءهن والمساس بعفتهن والحرص علي أن يكون القدوة الصالحة لهن لا التعدي عليهن.
وقد ذخرت الأوراق بتأييد جميع الطالبات اللاتي سمعت أقوالهن وما أدلي به باقي الشهود تلوك سمعة الطاعن المنحرف بما يشكل في حقه إخلالا جسيما بكرامة وظيفته وانحدارا بمسلكه إلي الدرك الأسفل , وإثماً تأديبيا يستوجب بتره من المؤسسة التعليمية , ويؤكد علي عدم صلاحيته لشغل تلك الوظيفة بعد ثبوت هذا الجُرم الأخلاقي، كما أن ما اقترفه من إثم في نطاق ممارسته لمهام وظيفته المقدسة ومهنته المعظمة وهي التدريس يعد اعتداء علي المجتمع كله، لارتباطه بحسن سير المرفق وحتي يكون عبرة وعظة لكل من تسول له نفسه الاعتداء علي حرمه التلميذات في محراب العلم المقدس بالإحالة إلى المعاش.
واستطردت المحكمة، أن الأوراق كشفت أن المدرس الطاعن قد اعتاد التحرش بطالبات المدرسة سنين عددا ومنذ عام 2009 حتى الآن ، غير خائف من عقاب من لا يغفل ولا ينام وغير عابئ بحرمات الطالبات وغير متذكر لصغيراته اللاتي تركهن بمنزله في مثل سن المتحرش بهن وهو الرجل المتزوج المحصن الذى عليه التعفف عن الدنايا، بيد أن الشيطان زين له إكمال مخططه الإجرامي بلا وازع من ضمير أو خُلق أو دين، وحيث أن ما ثبت بحق المذكور هو خروج سافر على مقتضيات وكرامة الوظيفة العامة وتلويثه لشرفها وفقدانه لشرط حسن السمعة والسلوك يقتضى بتره منها تطهيراً لمحرب العلم من دنسه جزاء ما اقترفته يداه الآثمة وردعاً لكل من تسول له نفسه الاعتداء على كرامة الوظيفة العامة والخروج على مقتضيات الواجب الوظيفي.
وأوضحت المحكمة أنها تسجل – إزاء كم الطعون التي عرضت عليها عن حالات التحرش بطالبات المدارس في جميع المراحل العمرية – أنه على الرغم من أن المشرع المصري قد بادر إلى تجريم ظاهرة التحرش الجنسي ذلك في نص في المادة 306 مكرر أ من قانون العقوبات على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة ألاف جنيه ولا تزيد على خمسة ألاف أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية , وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
واعتبر المشرع بموجب المادة 306 مكرر ب من القانون المذكور تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة بقصد حصول الجاني على منفعة ذات طبيعة جنسية أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه، إلا أن سيل الطعون التي فصلت فيها المحكمة لكثير من المعلمين الذين تحرشوا بالتلميذات والطالبات بل والأطفال في جميع مراحل التعليم تستنهض همة وزارة التربية والتعليم عن طريق أجهزتها التربوية المختصة إلى طرح الظاهرة ووضع النظم اللائحية الصارمة وإيجاد العلاج إزاء ما كشفت عنه الأوراق وما ذكرته زميلات الطاعن في المدرسة من أنه اعتاد على التحرش بطالبات المدرسة دون استثناء منذ عام 2009 وضجت منه العائلات على مدار ثمان سنوات ولم تتخذ الوزارة ضده أية إجراءات طيلة هذه السنوات إلا عام 2016 مما يكشف عن خلل في مواجهة الظاهرة .
وانتهت المحكمة، أن عدد القضايا تعطي مؤشرا واقعيا وموضوعيا لحجم ظاهرة التحرش الجنسي في المدارس مما يجب التعامل معها باعتبارها فعلا و سلوكا اجتماعيا معيبا يستحق الدراسة والتحليل لخلق الوعي التضامني في المجتمع مع تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والجهات ذات الصلة المختصة بشئون المرأة والطفل، ولوضع الحلول الكفيلة بمواجهتها والحد من أثارها , وأخرها السيف البتار لهذه المحكمة تشهره في مواجهة كل من يعبث بالكيان الجسدي أو المعنوي للمرأة المصرية أيا كان عمرها .