كيف حصّن القانون الزوج من الزوجة؟.. المشرع اعتبر إقامتها مع زوجها بمسكن الزوجية مهما طال أمدها لا يجعل منها حائزة.. ويحق للزوج طردها من مسكن الزوجية حال الإقامة بغير أرادته
كتب: عبدالعال فتحي
قضت محكمة النقض في إحدى الطعون المنظورة أمامها والمقيد برقم الطعن رقم 20135 لسنة 61 القضائية جلسة 27 من أكتوبر سنة 2002 حيث قالت: «إقامة الزوجة مع زوجها بمسكن الزوجية مهما طال أمدها لا يجعل منها حائزة له ولا يرتب لها أي حق من حقوق الإقامة فيه بغير إرادته، وبالتالي يكون إدانة الحكم المطعون فيه للزوج بمقتضى المادة 370 عقوبات لقيامه بطرد زوجته ومنعها بالقوة من دخول مسكن الزوجية بمثابة خطأ في تطبيق القانون، كما أن التنازل عن جريمة السرقة بين الأزواج ينسحب أثره إلى جريمة التبديد وكل جرائم الأموال بين الأزواج لاتحاد العلة وهى الحفاظ على الأواصر العائلية».
وأكدت «المحكمة»، أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها زوجة للطاعن، وأنهما يقيمان بعين النزاع بحسبانها مسكنًا للزوجية، فإن تعرض الطاعن لها ومنعها من دخول مسكن الزوجية لا يعدو مجرد إخلال بالتزام قانونى لا تقوم به الجريمة المنصوص عليها فى المادة 370 من قانون العقوبات موضوع التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن، ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن تلك الجريمة قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يجيز لمحكمة النقض عملاً بنص المادة 35/ 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها وتقضى بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به في جريمة دخول مسكن بقصد منع حيازته بالقوة وببراءة الطاعن من هذه الجريمة.
والقانون المصري ألزم الزوج المطلق بتوفير المسكن المستقل المناسب لأطفاله الصغار من مطلقته ولحاضنتهم خلال مدة العدة، وإذا لم يفعل ذلك تستمر الزوجة المطلقة في حيازة مسكن الزوجية بدون أي حق له فيه طوال المدة القانونية لحضانة الصغار، وبناء على ذلك أصبح مسكن الحضانة حق مكتسب لكل أم مطلقة حاضنة، أو غيرها ممن تنتقل لهم الحضانة للوفاة أو عدم الصلاحية، باعتبار أن مرحلة طفولة الأبناء يعجزوا خلالها على مراعاة مصالحهم وحدها.
ويجب أن نعلم أن الزوجة تستمد حيازتها لمسكن الزوجية من حيازة زوجها، سواء كان مالكًا له أو مستأجرًا بما لازمه أن حيازتها لمسكن الزوجية رهن بمشيئته له أن يبقيها كما أن له أن ينهيها بغير التزام عليه، وكانت حيازة الزوج لمسكن الزوجية لا صلة له بما يربطه بزوجته من التزامات قانونية وواجبات أدبية مصدرها رابطة الزوجية التي تجمع بينهما وهى ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتعديل ومتعلقة به وحده، فإن إقامة الزوجة مع زوجها بمسكن الزوجية مهما طال أمدهما لا تجعل منها قوة حائزة له ولا ترتب لها حقًا في الإقامة فيه معه على غير إرادته، لما كان ذلك، فإن تعرض الزوج للزوجة ومنعها من دخول مسكن الزوجية لا يعدو مجرد إخلال بالتزام قانونى لا تقوم به الجريمة المنصوص عليها في المادة 370 من قانون العقوبات.
ويحق للزوج طردها من مسكن الزوجية حال الإقامة بغير أرادته
والمادة 370 من قانون العقوبات قد نصت على أن: «كل من دخل بيتًا مسكونًا أو معد للسكن أو في أحدى ملحقاته، أو في سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة أخر قاصدًا من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانونى وبقى فيها بقصد ارتكابه شيء، مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري».
وجاء في تعليقات الحقانية على قانون العقوبات الصادر سنة 1904 الذى نقلت عنه أحكام الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الذى ورد به المادة المذكورة أن الغرض الأصلي من هذا الباب هو معاقبة الأشخاص الذين يدخلون لغرض معاقب عليه قانونًا في أماكن حيازة الغير، أو يوجدون لمثل هذا الغرض في أماكن من هذا القبيل، مما مفاده أنه يشترط لقيام الجريمة المؤثمة بالمادة 370 من قانون العقوبات أن تكون الحيازة خالصة للمجنى عليه وأن يكون الجاني من غير حائزي المكان أو المشاركين في حيازته، وبذلك تخرج عن نطاق تطبيق هذه المادة المنازعات المدنية بين حائزي المكان الواحد أو المشاركين فيه.
التنازل عن جريمة السرقة بين الأزواج ينسحب أثره إلى جريمة التبديد
لما كان يبين من الأوراق أن الطاعن قدم رفقة أسباب الطعن إقرارًا من المطعون ضدها بتنازلها عن دعواها واستلامها منقولاتها الزوجية ووثيقة زواج تفيد عودتها إلى عصمة الطاعن – لما كان ذلك – وكانت المادة 312 من قانون العقوبات تنص على أنه: «لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضرارًا بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجنى عليه، وللمجنى عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما أن له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء»، وكانت هذه المادة تضع قيدًا على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفًا على طلب المجنى عليه كما تجيز للمجنى عليه التنازل عن دعواه، فتنقضي الدعوى الجنائية عملاً بنص المادة (10) من قانون الإجراءات الجنائية.
وإذ كانت الغاية من هذا التنازل الوارد في باب السرقة هي الحفاظ على الأواصر العائلية التي تربط بين المجنى عليه والجاني تلزم أن ينبسط أثرها إلى جريمة التبديد موضوع الدعوى الماثلة لوقوعها كالسرقة إضرارًا بمال من ذكرهم بالنص، ولما كانت المطعون ضدها المدعية بالحقوق المدنية – قد تنازلت عن دعواها واستلمت منقولاتها وعادت الحياة الزوجية بينها وبين الطاعن بعد انفصام عراها، فإن هذا النزول يرتب أثره القانوني وهو انقضاء الدعوى الجنائية عملاً بحكم المادة 312 من قانون العقوبات والمادة (10) من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكانت أسباب انقضاء الدعوى الجنائية تتعلق بالنظام العام فإنه يجوز للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها لصالح المتهم – الطاعن – ما دامت مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر القضاء بها ثابتة بالأوراق – كما في الطعن الراهن – بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.