كيفية سحب القرارات الإدارية وإلغاءها

 

بقلم: أ. أسامة حمد

قبل أن أشرح فكرة سحب القرارات الإدارية ومدها يجب أولا أن نشير إلى تعريف القرار الإداري الذي قام بتعريفه مجلس الدولة المصري بأنه إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطه بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث من إصدار القرار الإداري ابتغاء تحقيق مصلحه عامه.

وبذلك يتضح أن القرارات الإدارية لا تصدر إلا من جهة إدارية أو جهة يكون لها حق إصدار القرار الإداري وفق سلطاتها واختصاصها لتنظيم وإحداث مركز قانوني من أجل المصلحة العامة ويجب أن يكون القرار الإداري يصدر وفق صحيح القانون واحتراما لمبدأ المشروعية وإلا كان قرار باطلا.

والجدير بالذكر أن القرار الإداري له أركان لابد أن تكتمل هي الاختصاص – الشكل – المحل – السبب – الغاية حتى يكون القرار صحيح وساري وملزم وإذ نقص ركن من ذلك الأركان أصبح القرار مشوب بالعيب في أركانه.

ورغم أن هناك دعوى الالغاء القضائي هي ضمانة أكيدة في الاستعمال ضد أي قرار باطل نتيجة تخلف أحد أركان القرار أو مخالفته للقانون، إلا أنه يحق لجهة الادارة ايضا مصدرة القرار الإداري إذا اتضح لها بطلان القرار الذي أصدرته ومخالف القرار للقانون أن تقوم بسحب قرارها الباطل من نفسها وأن تقوم بسبحه بأثر رجعي وذلك احتراما والتزام جهة الإدارة لصحيح القانون واحترام مبدأ المشروعية.

ويمكن أن نعرف السحب بأنه رجوع السلطة الإدارية فيها أصدرته من قرارات بحيث يزول القرار منذ صدوره ويعتبر القرار وكأنه لم يوجد إطلاقا بسحبوا وهذا يختلف بينه وبين الالغاء الذي تلجأ إليه الإدارة لإلغاء القرار الباطل بالنسبة للمستقبل فقط، وقد يفضل البعض من الفقه استعمال مصطلح الرجوع في القرار الإداري بدل من مصطلح السحب وقد يكون السحب من الجهة الإدارية بناء على تظلم قدم إليها من القرار وقد يكون السحب من تلقاء نفسها ويكون قرار السحب وفق سلطاته العامة ويتخذ صفه تنفيذية.

ويوجد مدة قانونية للتظلم من القرار الإداري من تاريخ العلم بالقرار وهي ستون يوما لجهة الادارة وكذلك نفس المدة بالنسبة لرفع دعوى الالغاء امام مجلس الدولة بطلب الإلغاء من تاريخ العلم بالقرار بالوسيلة القانونية النشر أو الإعلان وبعد فوات ذلك المدة يصبح القرار محصنا غير قابل للسحب وذلك المدة تسمى تحصين القرار الإداري مع مراعاة مدة الوقف أو الانقطاع   المقررة قانونا في ذلك المدة أن وجد وقف وانقطاع في المدة القانونية.

وأن السلطة المختصة بسحب القرار الإداري الباطل أو المعيب هي الجهة الذي أصدرته أو السلطة الرئاسية لها مع مراعاة القيود الواردة على السلطة المختصة بالرجوع في القرارات المعيبة الذي نظمها القانون.

وسحب القرار الإداري قد يتم بصورة كلية أو جزئية للقرار أيضا بمعنى يكون بصورة كاملة أو كلية إذ كان القرار غير قابل للتجزئة ومعيب أو مخالف للقانون كله فيكون السحب بصورة كاملة أما السحب الجزئي أو الرجوع الجزئي إذا كان القرار مخالف في جزئية فقط من القرار فيجوز سحب الجزء المخالف من القرار مع بقاء الجزء الصحيح الذي لم يخالف القانون.

وقد يتم أيضا السحب بإحدى صورتين أولا بصورة صريحة بأن تعلن الإدارة عن سحب القرار الإداري وقد يكون بصورة ضمنية بأن يصدر من الجهة التي تملك السحب ما يدل أو يشير إلى عدولها عن القرار الإداري.

وإذ رفع دعوى لإلغاء القرار الإداري المخالف للقانون فيكون من حق السلطة الإدارية أن ترجع في القرار الإداري الذي أصدرته خلال مراحل الدعوى وقبل النطق بالحكم وتعلن جهة الإدارة الشخص الرافع للدعوى عن سحب الجهة الادارية للقرار وبذلك تنتهي الدعوى المثارة في المحكمة أما إذا تم الغاء القرار الإداري من جهة الإدارة خلال مراحل الدعوى فتأخذ الدعوى مجراها الطبيعي.

لابد أن نفرق بين إلغاء جهة الإدارة للقرار وسحب جهة الإدارة للقرار، فالإلغاء من جهة الإدارة يكون بالنسبة للمستقبل فقط، أما السحب الإداري يكون بأثر رجعي للماضي والمستقبل، ومع العلم أن حكم الإلغاء القضائي يلغى القرار الإداري بأثر رجعى ويكون حكمها وفق ولايتها القضائية في الخصومة المثارة بشأن إلغاء القرار المعيب والمخالف المطلوب إلغاؤها إما إلغاء القرار الاداري من جهة الإدارة يكون وفق سلطاته العامة.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى