كيفية إثبات الزوج نشوز الزوجة شرعا وقانونا والآثار المترتبة عليه.. المشرع حدد إنذار الدخول فى الطاعة على يد محضر لإنهاء الأزمة.. وأجاز للزوجة الاعتراض خلال 30 يوما
كتب: عبدالعال فتحي
نلقي الضوء خلال التقرير التالي على إشكالية النشوز من الناحية الشرعية والقانونية، وذلك من حيث الماهية والشروط والآثار المترتبة عليها فى الوقت الذى أصبحت فيه المحاكم تكتظ بدعاوى “النشوز” مع ارتفاع معدلات الخلافات الزوجية بين الرجل وزوجته – وفقا للخبير القانونى المتخصص فى شئون الآسرة والمحامى أحمد عبد القادر.
النشوز من الناحية الفقهية
النشوز الفقهى هو معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته، فكأن الزوجة تترفّع عن طاعة الزوج، وفسره ابن عباس وعطاء، بأنه معصية الزوج فيما يلزمها من طاعته، وعند الدردير: إذا خرجت عن طاعته، أو تركت حقوق الله، أو أغلقت الباب دونه، أو خانته فى نفسها أو ماله.
نشوز الزوجة
ويُعرف النشوز، من أمور كثيرة، لا سبيل إلى حصرها أو الإحاطة بها، أهمها: تغيّر طباع الزوجة عما كانت عليه قبلاً، جاء فى روح البيان: “هو أن يكون إذا دعاها أجابته بالتلبية، وإذا خاطبها أجابته بكلام جميل حسن، ثم صارت بعد ذلك، لا تجيب بالتلبية، ولا تكلمه بكلام جميل”، وكما لو أنها صارت تأتيه إلى فراشه مكرهة دون عذر، بعد أن كانت تأتى طائعة، أو كانت تستقبله هاشة واقفة، فلم تعد كذلك، أو أنها تخرج من المنزل بدون إذنه، وبلا ضرورة.
حالات نشوز الزوج
هذا بالنسبة لنشوز الزوجة، أما نشوز الزوج، فله أيضاً صورٍ كثيرة، فمن ذلك مثلاً: أن يكلمها بكلام غير لَيّنٍ، أو يهجرها في الفراش بدون حق، أو يقوم بظلمها، أو بمنعها حقاً من حقوقها، أو يبخل عليها بنفقتها أو كسوتها، أو يسيء إليها، بالإساءات التى سبق أن ذكرناها فى أكثر من موضع، وتختلف أسباب النشوز من رجل إلى آخر، حسب تعليمه ودرجة ثقافته، وبيئته التى يعيش فيها.
النشوز قانوناَ
أما النشوز فى القانون فهو امتناع الزوجة عن متابعة زوجها رغم تحقق شروطه وصدور قرار قضائى بذلك، ولا يتحقق هذا النشوز إلا بعد صدور قرار باعتبارها ناشزا وصاحب الصلاحية فى اصدار هذا القرار هو رئيس التنفيذ الشرعى وليس القاضى الشرعى كما قد يتوهم البعض، ويترتب على النشوز القانونى حرمان الزوجة من نفقتها فقط اما نفقة الأولاد فلا يجوز أن تحرم منها لأى سبب من الاسباب، وتزول صفة النشوز عن المرأة وبالتالى آثاره عند رجوعها عن رأيها ومتابعتها له شريطة توافر شَرطى النشوز “قبض المهر المعجل وتوافر المسكن الشرعى”.
كيف يتحقق النشوز؟
يتحقق النشوز بخروج الزوجة عن طاعة زوجها بهجرها لمنزل الزوجية الأمر الذى معه ينتفى شرط الاحتباس الذى هو أساس النفقة وتعتبر الزوجة ناشزا فى إحدى الحالتين:
-الفرض الأول: أن يوجه الزوج إنذار بالدخول في الطاعة لزوجته فلا تعترض عليه في المواعيد القانونية “30 يوما من تاريخ الانذار”، فإن انقضت تلك المدة دون الاعتراض تصبح الزوجة ناشزا ويحق للزوج إقامة دعوى لإثبات هذا النشوز .
-الفرض الثانى: وهى أن تعترض الزوجة على إنذار الدخول فى الطاعة ويقضى فيه برفض اعتراضها بحكم نهائى فى هذه الحالة أيضا يحق للزوج أقامة دعوى لأثبات نشوز الزوجة .
– كيفية أو طريقة إثبات النشوز؟
يتم إثبات النشوز فى حقيقة الأمر يتم بتوجيه إنذار رسمى على يد محضر للزوجة يخطر فيه الزوج زوجته بضرورة أن تكف الزوجة عن معصية النشوز وأن تدخل فى عصمة زوجها على أن يشترط فى هذا الانذار أن يتم توجيه للزوجة في المكان التي تقيم فيه ليتصل علمها به وأن يبين الزوج فى صدر الإنذار مسكن الطاعة الذى يرغب فى أن تدخل الزوجة فيه لعصمته، على أن ينتظر الزوج الميعاد القانونى للاعتراض على هذا الإنذار قبل تحريك دعوى أثبات النشوز.
ما هى الأثار المترتبة على النشوز؟
الآثر المترتب على النشوز يرتب على نشوز الزوجة وقف نفقتها من اليوم التالى لتاريخ إنذار الدخول فى الطاعة ويرتب على ذلك سقوط نفقتها، وعدم قدرتها على المطالبة بأية نفقة لها كونها قد خرجت عن طاعة زوجها.
-السند القانونى لإثبات حالة النشوز: نظم المشرع المصرى مسألة النشوز في المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929، التى تنص على أن: “إذا أمتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعه دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن… إلخ”.
-هل تمتد أثار حكم النشوز إلى ما بعد الطلاق؟
أما عن مسألة امتداد أثار حكم النشوز إلى ما بعد الطلاق، فإن حكم النشوز يرتبط ارتباط وثيق بالحياة الزوجية فهو يدور وجودا وعدما مع العلاقة الزوجية، فإن انقضت العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالوفاة أنقطع آثر حكم النشوز وعليه فالزوجة الناشزا إذا ما طلقت أن تطالب بنفقة لمتعتها إذا توافرت شروطها على أن تخصم مدة نشوزها من نفقة المتعة، ويحق لها كذلك المطالبة بنفقة عدة وكافة حقوق المترتبة على الطلاق.
-وهل كل الطلاقات تقطع أثار حكم النشوز؟
تختلف حالات الطلاق بمدى تأثيرها على حكم النشوز، فالطلاق الرجعي لا يقطع أثار النشوز فتظل الزوجة ناشزا فى عدتها وأن أرجعها الزوج قبل انقضاء العدة ظلت ناشزا أما الطلاق البائن فهو الذى يقطع أثار النشوز وفى هذا يمكنا الاستناد لحكم محكمة النقض الذى يقضى بالتالى:
“الطلاق الرجعى، أثره هو انتقاص عدد الطلقات التى يملكها الزوج عدم زوال حقوق الزوج علي الزوجة إلا بانقضاء العدة، أما الرجعة فماهيتها امتداد للزوجية القائمة مع عدم اشتراط الاشهاد عليها ولا رضاء الزوجة أو علمها، وإعلان الزوج زوجته للدخول في طاعته وتطليقه لها ثم مراجعتها قبل العدة، أما عدم امتثالها للإنذار أثره هو اعتبارها ناشزا دون حاجة لتوجيه إنذار أخر”، وذلك طبقا للطعن رقم 326 لسنة 63 ق جلسة 30/3/1998 .
– كيف للزوجة أن تنهى حالة النشوز؟
يحق للزوجة إنهاء حالة النشوز بدخولها لطاعة زوجها وتمكين زوجها منها علي أن يشترط لأثبات كف الزوجة عن معصية النشوز أن يصاحب هذا الكف أية مظاهر مادية، وذلك للأثبات كأن تقوم الزوجة بتسليم نفسها على يد محضر للزوج لتثبت أنها ترغب في الكف عن النشوز ورغبتها في الدخول الي طاعته أو أن تقيم دعوى لأثبات اقلاعها عن معصية النشوز.
“ويتعين علي الزوجة التي اقعلت عن معصية النشوز أن تقيم ضد الزوج الدعوي بطلب الحكم بأثبات أقلاعها عن النشوز وعودتها إلى طاعة الزوج، التي لها أثباتها بالبينة الشرعية وكافة طرق الإثبات، أن الحكم بالنشوز إنما يكون بطبيعته حكما مؤقتا مرهون بإقلاع الزوجة عن معصية النشوز والعودة إلى طاعة الزوج وهذه العودة يمكن أن تتم بطريقة أو أخرى كثر منها في العمل قيام الزوجة بتوجيه إنذار إلى الزوج على يد محضر ومصاحبة المحضر إلى منزل الزوجية عارضه نفسها عليه، بحيث أنه إذا أمتنع عن قبولها في مسكن الزوجية أثبت المحضر ذلك في إجابته على الإنذار الموجه إلى الزوج”
– هل حكم النشوز تمتد أثاره لحقوق الصغار؟
حكم النشوز لا يمس الصغار ولا حقوقهم مطلقا كون أن الحكم الصادر بنشوز الزوجة هو حكما شخصيا لا تمتد أثاره إلا على الزوجة فقط وهو حكما مؤقتا ينتهى بكف الزوجة عن معصية النشوز.
– الأسباب التى يمكن للزوجة الاحتجاج بها على طلب الدخول في الطاعة في هذا الصدد يجب أولا أن نتحدث عن شروط صحة المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول فيه لطاعته فيشترط أن يكون بين جيران صالحين تأمن فيه الزوجة على نفسها ومالها، وأن يكون متناسب مع حالة الزوجة الاجتماعية وأن لا يقل عن منزل الزوجية إذا كان منزل الطاعة غير منزل الزوجية، فإن انتفت تلك الشروط عن المسكن الذي يطالب الزوج زوجته للدخول في طاعته فيه فيحق لها أن تعترض علي هذا المسكن وعلى المحكمة متى تأكدت من صحة أسباب الاعتراض على الدخول في الطاعة أن تقضي بعدم الاعتداد بإنذار الدخول في الطاعة.
-هل يحق أن يذكر فى إنذار الدخول فى الطاعة مسكن غير مسكن الزوجية ليكون مسكن للطاعة؟
يحق للزوج أن يوجه إنذار الطاعة متضمنا منزل للطاعة غير مسكن الزوجية إذا ما كانت هناك أسباب تبرر ذلك كأن ينتقل الزوج للعمل في مدينة أو محافظة غير التي كان يقيما فيها وعلى الزوجة أن تتبع زوجها أينما سار وأينما حل، “الأصل أن للزوج شرعا أن يقوم بتغير مسكن الزوجية كلما رأي ذلك وطبقا لمقتضيات حياته المعيشية والأصل أيضا أن تتبعه الزوجة في ذلك”.
– الآثر المترتب علي القضاء بعد الاعتداد بإنذار الدخول في الطاعة: إذا ما قضي في الاعتراض الذي أقامته الزوجة للاعتراض على إنذار الدخول في الطاعة الموجه من قبل الزوج بعدم الاعتداد جاز للزوجة المطالبة بنفقته السابقة ولا حجة للزوج في الامتناع عن سداد النفقة.
إجراءات رفع دعوى النشوز
الخطوة الأولى: تتمثل فى اللجوء لمحاكم الأحوال الشخصية وتعبئة نموذج صحيفة الدعوى، ويمكن الحصول عليه عن طريق قسم صحائف الدعاوى فى المحكمة.
الخطوة الثانية: أخذ موعد عن طريق قسم الإحالات والمواعيد بالمحكمة.
الخطوة الثالثة: الحضور فى الموعد المحدد وتقديم الدعوى مكتوبة أو مشافهة، ويقوم القاضى بضبط حضور الزوج أو وكيله وحضور الزوجة المدعية ويذكر المعرف بها أو وكيلها.
الخطوة الرابعة: تسمع دعوى الزوج على زوجته بالنشوز ومطالبته إياها بلزوم بيت الزوجية.
الخطوة الخامسة: إذا ثبت أن نشوز الزوجة لا مبرر له حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية، وأنها إذا لم ترجع فتعد ناشزاً ساقطة الحقوق ولا تجبر على الرجوع بالقوة عملاً بالتعميم رقم 8/ت/105، وتطبيقاً لمنصوص المادة الخامسة والسبعين من نظام التنفيذ.
الخطو السادسة: إذا ذكرت الزوجة أسباباً لنشوزها فيسأل الزوج عنها، فإن أنكرها أو أمكن معالجتها فرفضت الزوجة الرجوع أو عجزت الزوجة عن إثباتها، فيتم العمل بقرار هيئة كبار العلماء السالف ذكره.
الخطوة السابعة: لمن لم يقتنع بالحكم من الطرفين حق طلب رفعه لمحكمة الاستئناف لتدقيقه وفق التعليمات.