كسب الملكية بالتقادم الخمسي
بقلم/ الأستاذ: أشرف الزهوي المحامي
يعتبر وضع اليد المكسب للملكية بالتقادم الخمسي، واقعة مادية، يجوز اثباتها بكافة طرق الإثبات، وبناء عليه فإنه يجوز للمحكمة أن تعتمد في ثبوت الحيازة على القرائن التي تستنبطها من وقائع الدعوى، مادام استخلاصها سائغا، ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ولها أن تعتمد في ذلك على تقارير الخبراء.
حتى وإن كانت متعلقة بدعاوي أخرى وأسوق مثال في هذا؛ إذا كانت المعاينة التي أجراها الخبير في دعوى أخرى قد أثبت بها وجود هذا الشخص الذي يطلب اكتساب الملكية كجار وقام الخبير، بسؤاله كشاهد في مكان المعاينة، فإن ذلك يدلل على حيازته ووضع يده على العقار في تاريخ إجراء المعاينة كذلك يمكن أن تأخذ من القرائن أيضًا ما تطمئن إليه من شهادة الشهود الذي سمعهم الخبير، دون حلف يمين بشرط أن تكون التقارير مضمومة إلى ملف الدعوى وأصبحت من أوراقها.
وللمحكمة أن تطرح مالم تطمئن إليه، فلا عليها وهي بصدد بحث كسب الملكية بالتقادم، أن هي استبعدت القرينة المستفادة من تكليف الاطيان باسم حائزها، إذا وجدت في أوراق الدعوى ما تطمئن معه إلى أنه لم يكن يحوزها حيازة أصلية لحساب نفسه، ولا أن تتقيد بتسجيل عقد، مادام قد ثبت لها، أنه صدر من غير مالك، لأن ذلك ليس سببا بذاته لكسب الملكية، كما أنها لا تلتزم بتعقب الخصوم في شتي مناحي دفاعهم، والرد على كل قرينة غير قانونية يستندون إليها، مادامت قد أقامت قضاءها على الأسباب الكافية لحملة، ولا أن تجيب طلب إحالة الدعوى للتحقيق مادامت قد وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
وجدير بالذكر أن الحيازة التي يعتد بها في اكتساب الملكية بالتقادم الخمسي هي الحيازة التي تجتمع مع السبب الصحيح وتستطل إلى مدة الخمس سنوات، فإن بدأت الحيازة قبل قيام السبب الصحيح يلحقها عيب ما، فإن التمسك بهذا العيب الذي اعتري الحيازة في تاريخ سابق على قيام هذا السبب لا يكون منتجا، ولا مجديا، طالما كان المعول عليه في نطاق التقادم الخمسي، هي الحيازة منذ أن تجتمع بالتصرف المسجل الصادر من غير مالك، فيكون عندئذ هو سببها الصحيح الذي يركن إليه الحائز في حيازته، ويتمكن بمقتضاه من التملك، أن اقترنت حيازته بحسن النية وقت تلقى الحق تطبيقا لما تقضي به المادة ٩٦٩من القانون المدني.
وأخيرًا، فإن حسن النية يفترض دائما مالم يقم الدليل على العكس، وأن مناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي، هو ثبوت علم المتصرف إليه، وقت تلقى الحق، بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه.