قناة السويس من يعوض من!!

بقلم الأستاذ/ يحيى المليجي

تلقيت يوم الثلاثاء الموافق 23 مارس 2021 خبر جنوح سفينةٍ في بداية المدخل الجنوبي لقناة السويس بكل ترقّب، وكانت كل الاحتمالات التي تتعرض لها دراستي للقانون الدولي والنقل البحري تدور في ذهني، منذ تأكدي من خبر جنوح السفينة وشحوطها بالشكل الذي أدى إلى إغلاق المجرى الملاحي، لاسيما وأن هذا من أسوء المواقف التي تؤدي إلى خسائر اقتصاديةٍ كبيرةٍ – حسب قصر وطول وقت حل الموقف- ومن المعروف أن حل مثل ذلك الأمر قد يأخذ أيامًا أو أسابيع في ظل العوامل الجغرافية والمناخية التي تُعد على رأس الأسباب التي أدت إلى خروج السفينة عن مسارها البحري، فضلًا عن العوامل الفنية الخاصة بطقم السفينة أو الإرشاد البحري.

وقبل الدخول في الجانب القانوني نحيطكم علمًا بأن «قناة السويس» ممر دولي لعبور الناقلات البحرية والسفن من خلالها، ومعظم السفن بالتأكيد هي سفن تجارية أو استثمارية؛ فقناة السويس تمثل 12 % من حجم التجارة العالمية وهذه نسبة كبيرة، الأمر الذي يجعل العالم كُلّه في ترقُّبٍ وانتظارٍ لحجم الخسائر التي قد يتعرض لها الاقتصاد العالمي جرّاء هذا الحادث. .
وبالنظر إلى الجانب القانوني عن تحمل مسئولية الواقعة؛ هناك سؤالٌ بديهي: هل ستلتزم الشركة المالكة للسفينة «إيفرغيفن» بالتعويض عما أصاب القناة من توقف حركة الملاحة الدولية البحرية؟.

بدايةً “هيئة قناة السويس” موقفها القانوني قوي جدًا، استنادا على الاتفاقيات والقوانين الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية (القسطنطينية ) الموقّعة عام 1888م بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة.

ولكن على “هيئة قناة السويس” تقديم تقريرٍ فنيٍّ للمطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي أصابت القناة من جهة، والأضرار المتعلقة بتعطيل العبور البحري في القناة، والنظر إلى تاريخ السفينة وإذا كان هناك سابقة حوادث للسفينة الاحتجاج بالتقرير الفني عن هذا الحادث؛ لإثبات وجود عيب مخل بالسفينة من عدمه.

ويحق للسفن العالقة الآن في المجري الملاحي الرجوع بالتعويض كذلك على الشركة المالكة للسفينة عما أصابها من أضرارٍ نتيجة تأخير سندات الشحن التجارية وأيضا تستطيع أي شركة تجارية المطالبة بالتعويض عن أضرار التأخير في تسليم سند الشحن والبضائع.

كما ينبغي أن نعلم أن الدفع و التحجج بأن الطاقم الفني التابع لهيئة قناة السويس مسئولٌ عن خروج السفينة عن مسارها البحري هو دفعٌ مردودٌ عليه؛ فالقانون البحري الدولي لا يعطي المرشد البحري التحكم في مسار السفينة، وله مهام محددة وهي: التوجيه والإرشاد دون التدخل في قيادة السفينة، ومن ثم فإن طاقم السفينة هو المسئول الأول عن تجنح السفينة.

والشركة التي تدير السفينة الجانحة في قناة السويس اعترفت بمسؤولية الشركة المالكة عن تكاليف الأزمة ومسئوليتها عن نفقات عملية التعويم.

دعوني أوضح في النهاية أن كل حديثٍ عن أي تعويضٍ في مواجهة قناة السويس عن طريق (الالتزام الدولي القانوني) هو حديثٌ غير صحيحٍ و ليس له أيّ سندٍ قانوني، وإنما يقع التعويض على الشركة المالكة للسفينة لصالح كلا من هيئة قناة السويس والأطراف الاخرى (شركات السفن العالقة ) التي أصابتها أضرارٌ مادية عن تأخير سندات الشحن.

وهذا الحديث عن مسئولية الناقل البحري في عقد النقل البحري للبضائع الدولية وعقود الوكالات الدولية التجارية البحرية، والحديث هنا قد يذهب بنا إلى التعويض الدولي في مواجهة “الشركة المالكة للسفينة” لا سيما وأنه ذلك سيؤدي إلى تغيير في بنود العقد الدولي أو سند الشحن الدولي في بنوده من الناحية القانونية والموضوعية بعينها؛ مما يذهب بنا إلى “اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر (نيويورك 2008).

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى