قضية غريبة تنظرها «6 أكتوبر الابتدائية».. دعوى فسخ عقد بيع وحدة سكنيه لتربية عدد كبير من الكلاب.. المحكمة أحالت الدعوى مسبقًا إلى مكتب الخبراء.. «الدفاع»: المشرع وضع قيودًا على حق الملكية و«النقض» أكدت أنه ليس مطلقًا

تقرير: علي عبدالجواد

قضية غريبة من نوعها، تنظرها محكمة 6 أكتوبر الابتدائية، تتمثل في دعوى مقامة من إدارة شركة دريم لاند، ضد مالك أحد الوحدات السكنية بمدينة دريم لاند بالسادس من أكتوبر، تطالب فيها بفسخ عقد البيع المحرر له عن الوحدة، بعد أن قام شاغل الوحدة وزوجته بتربية عدد كبير من الكلاب داخل الوحدة، وما سببه ذلك في متاعب كبيرة لقاطني العقار والعقارات المحيطة، بسبب الإزعاج المستمر والروائح الكريهة المنبعثة من وجود هذه الحيوانات، فضلا عما يشكله وجود هذا العدد من الكلاب من ترويع لأطفال قاطني ومالكي وحدات العقار وباقي الجيران.

 

بداية الأزمة.. مطالبات ودية للمالك بنقل الكلاب والقطط خارج الشقة

أجلت المحكمة، أمس، الجلسة إلى 9/2/2021، وتعود الواقعة إلى عام 2017، حيث وجه مالكو الوحدات بالعقار الكائن به الشقة، محل الواقعة العديد من المطالبات الودية لمالك الوحدة وزوجته بنقل هذه الكلاب والقطط خارج الشقة، إلا أنه لم يستجب وتلى ذلك أحداث كثيرة، منها تعرض أحد الملاك ونجله للاعتداء بالضرب عليه من مالك الشقة محل واقعة تربية الكلاب، وثبت ذلك في محاضر رسمية قضى فيها بأحكام بالحبس، بالإضافة إلى العديد من الشكاوى من الملاك، لتضررهم البالغ من وجود هذه العدد من الكلاب وسط المكان الذين يعيشون فيه وأسرهم، والمفترض أن يكون هذا المكان هادئ وآمن لهم ولأسرهم، إلا أن ما حدث لهم غير ذلك، وهو ما جعلهم يستغيثون برئيس اتحاد ملاك دريم والشرطة والنيابة وجهاز مدينة 6 أكتوبر.

كما أن هناك شكاوى عديدة أكدت عليها العديد التقارير الصادرة عن إدارة الوقاية بمديرية الطب البيطري بالجيزة، وجهاز مدينة 6 أكتوبر، وإدارة شؤون البيئة، وجميعها تؤكد وجود عدد كبير من الكلاب بالشقة والحديقة، وانبعاث روائح كريهة من الشقة والحديقة، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لتربية هذا العدد من الكلاب بمنطقة سكنية، ما يسبب تلوثا بيئيا وأذى سمعي وإضرار للجيران.

 

قرارات وإجراءات من جهاز مدينة 6 أكتوبر

وكان جهاز مدينة 6 أكتوبر سبق أن أصدر القرار رقم 3051 بتاريخ 20/11/2017، ضد شاغلي الشقة، بسبب تربية عدد كبير من الكلاب، وألزم شاغليها بإزالة هذه المخالفة، كما قرر رفع عداد استهلاك الكهرباء.

آخر هذه التقارير صادر من إدارة الصحة العامة، بمديرية الطب البيطري بالجيزة، وموجه إلى رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر، وثابت أن اللجنة التي تشكلت لمعاينة الشقة محل الشكوى أثبتت صدور أصوات مجموعة كبيرة من الكلاب داخل الوحدة السكنية محل البلاغ.

كما أجريت معاينة حديثة، بتاريخ 13/10/2020 من نيابة قسم 6 أكتوبر أول، أثبتت وجود عدد من الكلاب بعين التداعي، كما تبين لحظة المعاينة من الخارج.

 

إحالة الدعوى إلى مكتب خبراء الجيزة

وكانت محكمة 6 أكتوبر الابتدائية، قد أصدرت حكما تمهيديا، بتاريخ سابق بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء الجيزة، ليضع تقريره في الدعوى بعد المعاينة، وبالفعل باشر الخبير المأمورية، وانتقل إلى الشقة وأودع تقرير انتهى فيه بعد أن عاين الشقة، واستمع لأقوال الشهود أنه “طبقا للمعاينة الظاهرية لعين التداعي، وما جاء بأقوال من تقابلنا معه أثناء المعاينة، فإنه يتم تربية مجموعة من القطط والكلاب بالشقة عين التداعي”.

 

المشرع وضع قيودًا على حق الملكية في القانون المدني

من جانبه قال علاء العيلي، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، وكيلا عن سكان دريم الذين تدخلوا هجوميا في الدعوى، إن المشرع في القانون المصري وضع قيودًا على  حق الملكية في القانون المدني.

وتابع: “نصت المادة 806 من القانون المدني على أنه (على المالك أن يراعى في استعمال حقه ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة)، وعليه أيضا مراعاة الأحكام الواردة في المادة 807 من القانون المدني، والتي تنص على (على المالك ألا يغلو في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار)”.

 

«النقض»: حق الملكية ليس حقا مطلقا

وواصل المحامي حديثه: كما أن محكمة النقض لها قضاء مستقر في هذا الشأن  بأن مؤدى نص المادة 806 من القانون المدني أن حق الملكية ليس حقا مطلقا، وأن المالك في استعماله إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح، فإذا أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح، كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب المسؤولية التقصيرية، ومن ثم فإن الجار الذى يخالف القيود القانونية، يرتكب خطأ، فإذا ترتب على خطأ هذا ضرر للجار، فإنه يلتزم بتعويض الجار عن هذا الضرر مهما ضئل ويستوى في ذلك أن يكون الضرر ماديا أصاب الجار في مصلحة مالية أو أدبيا أصاب الجار في معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حق له”.

وواصل “العيلي”: “هذه قواعد قانونية آمرة، فالمشرع لم يطلق العنان للمالك بل جعل هذا الحق مرهون بعدم الإضرار بالغير أو بالمصلحة العامة أو الخاصة، وما يخالف ذلك هو غلو في استخدام حق الملكية يتصدى له المُشرع”.

 

المسئول عن فعل الحيوان هو حارسه

وتابع قائلاً: “إن المقرر قانوناً هو أن المسئولية عن فعل الأشياء لها خصائص عدة، منها أن الخطأ مفترض افتراض لا يقبل إثبات العكس، ومنها أيضا أن المسؤول هو الحارس، وطبقاً لنص المادة 176 مدنى “حارس الحيوان ولو لم يكن مالكاً له مسؤول عما يحدثه الحيوان من ضرر، ولو ضل الحيوان أو تسرب وهو ما تواتر عليه قضاء محكمة النقض أيضاً من أن المشرع، قد قرر المسئول عن فعل الحيوان هو حارس الحيوان ولا يلزم أن يكون الحارس مالكاً للشىء أو منتفعاً به أو له عليه حق مشروع، فليست العبرة بحق الشخص على الحيوان وإنما العبرة بالحراسة”.

وأضاف أن ملاك الوحدات بالعقار الكائن به الشقة محل الواقعة، وملاك الوحدات الأخرى من الجيران بالفعل متضررين ضرر بالغ من واقعة تربية هذا العدد الكبير من الكلاب، كما أن هناك العديد من البلاغات التي أثبتت الواقعة وتضرر السكان، وهناك تقارير رسمية صادرة عن جهات رسمية، ومنها إدارة الوقاية بمديرية الطب البيطري بالجيزة، وجهاز مدينة 6 أكتوبر، وإدارة شئون البيئة، وإدارة الصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالجيزة، فكل هذه الجهات الرسمية وغيرها، أثبتت في تقارير المعاينة حجم الكارثة، التي يتعرض لها السكان المجاورين للشقة محل الواقعة، وأكدوا أن هذه مخالفة صريحة وضرر مباشر للسكان وتلوث بيئي وسمعي.

وقال إنه تقدم أمام المحكمة بهذه المستندات ومستندات أخرى قدمت أمام الخبير، وأكد على ما تضمنته هذه التقارير من وجود روائح وانبعاثات لروائح كريهة، وما يشكله هذا من خطر، في ظل ما يمر به العالم أجمع من ظروف بالغة الخطورة بشأن أزمة وباء كورونا وتأكيد وزارة الصحة المصرية، وكل الجهات الطبية العالمية، على ضرورة المحافظة على تطبيق الإجراءات الاحترازية وضرورة المحافظة على النظافة الشخصية والبيئة الملائمة صحيا، والبعد عن أي مصدر تلوث.

زر الذهاب إلى الأعلى