قراءة في بعض جرائم الاعتداء على العرض (الاغتصاب – هتك العرض)

بقلم الأستاذ/ محمد صابر صالح 

تحت عنوان هتك العرض وإفساد الأخلاق  سطر المشرع المواد من (267) إلى (279) في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، لتشمل جرائم اغتصاب الإناث، هتك العرض، الفعل الفاضح، الـــزنا، انتهاك حرمة الآداب العامة، وتحريض المارة على الفسـق ، وبالإضـافة إلى تلك الجـــرائم قام الشــــارع بتجريم انتهاك حرمة الآداب العامة في المادة 178 من قانون العقوبات، بغية الحفاظ على حياء الأفراد وسلامة حياتهم الخاصة، وعدم إثارة الغرائز.

وسوف نفرد لكل جريمة من جرائم الاعتداء على العرض بالنسق التالي :

■أولا: جريمة الاغتصاب

تمثل جريمة الاغتصاب انتهاكا صارخا لحرية المجني عليها الجنسية واعتدى على عرضها وعلى شرفها والأضرار الفج بحالتها النفسية بل قد تؤثر تلك الجريمة على حياتها ككل، إذ قد تؤثر على استقرار حياتها الزوجية إن كانت متزوجة أو على فرص زواجها في المستقبل، وقد تفرض عليها أيضا أمومة غير شرعية ، او تقبل وضع ما كانت ابدا لتقبل به في حال حرية الاختيار.

وتنص المادة 267 من قانون العقوبات على أنه من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المشدد، فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد .

▪أركان جريمة الاغتصاب

تنهض جريمة الاغتصاب على ركنين:

– ركن مادي     – ركن معنوي

ويتمثل الركن المادي لجريمة الاغتصاب في أمرين هما

* فعل الوقاع   *عدم رضاء الأنثى.

أولا – فعل الوقاع:

وهو العنصر الذي يميز جريمة الاغتصاب عن باقي جرائم الاعتداء على العرض، إذ المقصود به اتصال رجل بامرأة اتصالا جنسيا طبيعيا غير مشروع.

ثانيا – عدم رضاء الأنثى :

إذ أن جريمة الاغتصاب لا يمكن وصفها بهذا إلا في حالة عدم رضاء الأنثى ، والذى يتحقق به وحده جرم الاعتداء على حريتها الجنسية.

أما الركن المعنوي في جريمة الاغتصاب

فأنه يتمثل في صورة القصد الجنائي، حيث إنه لا يتصور قيامها بخطأ غير عمدي ، ويعد القصد الجنائي متوافرا في حالة توافر العلم لدي الجاني بكافة عناصر الجريمة فضلا عن اتجاه إرادته إليها.

▪عقوبة جريمة الاغتصاب

أما عن عقوبة الاغتصاب فهي تأتى على ثلاث صور

– البسيطة    -المشددة   -المقترنة بجناية الخطف

أولا – عقوبة الاغتصاب في صورتها البسيطة:

إذا لم تقترن جريمة الاغتصاب بظرف يشدد من العقوبة، تكون العقوبة هي السجن المشدد ، وذلك دون الإخلال بسلطة القاضي في تخفيف العقوبة استنادا إلى المادة 17 من قانون العقوبات .

ثانياً – عقوبة الاغتصاب في صورتها المشددة:

تشدد عقوبة جريمة الاغتصاب إذا اقترنت بإحدى الظروف المشددة الواردة في القانون على سبيل الحصر، وهذه الظروف تتحقق إما لتوافر صفة معينة في الجاني أو بسبب ما يتمتع به من نفوذ على المجني عليها فيسيء استعماله. وقد رصد المشرع عقوبة السجن المؤبد إذا توافر أحد هذه الظروف. وفيما يأتي نوضح حالات التشديد:

1 – إذا كان الجاني من أصول المجني عليها.

2 – إذا كان الجاني من المتولين تربيتها أو ملاحظتها.

3 – إذا كان الجاني خادما عند المجني عليها أو عند من تقدم ذكرهم.

ثالثاً – عقوبة الاغتصاب كظرف مشدد في جناية الخطف:

نصت المادة 290 عقوبات على أن كل من خطف بالتحايل أو الإكراه أنثى بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالسجن المؤبد. ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوفة بغير رضائها.

■جريمة هتك العرض

هتك العرض يمثل أيضا اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه شأنه شأن جريمة الاغتصاب إلا أنه يختلف عنها بالنظر إلى جسامة الفعل، فبينما لا تقع جريمة الاغتصاب إلا بالاتصال الجنسي الكامل فإن هتك العرض يقف عن حد الإخلال الجسيم بحياء المجني عليه في جانبه العرضي، ويتحقق في أغلب الأحوال عن طريق المساس بأحد عورات المجني عليه.

وقد نص المشرع على صورتين لجريمة هتك العرض في المادتين 268 و269 من قانون العقوبات

* الصورة الأولى : هي جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد *الصورة الثانية : هي جريمة هتك العرض دون قوة أو تهديد

▪أركان جريمة هتك العرض

تقوم جريمة هتك العرض بصورتيها على ركنين:

– ركن مادي   -ركن معنوي.

ويقوم الركن المادي في جريمة هتك العرض بوقوع أي فعل من الجاني من شأنه المساس بحياء المجني عليه من حيث اتصاله بالناحية الجنسية ويستطيل إلى جسمه وعورته.

ولا يشترط أن يترك الفعل أثراً على جسم المجني عليه. فيكفي لتوافر الركن المادي في جريمة هتك العرض أن يكشف الجاني عن جزء من جسم المجني عليه مما يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء.

أما عن الركن المعنوي في جريمة هتك العرض فهو متمثل في أن ينصرف قصد الجاني إلى ارتكاب العناصر المادية لجريمة هتك العرض، فيلزم أن يعلم الجاني بأن فعله خادش لعرض المجني عليها، واتجاه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل وإلى تحقيق النتيجة، فلا يتوافر القصد إذا حصل الفعل الخادش لحياء المجني عليه عرضا، كما إذا لامس شخص عورة آخر في زحام دون قصد الملامسة أو في حالة قيام شخص بتمزيق ملابس شخص آخر خلال مشاجرة مما تسبب دون قصد في الكشف عن جزء من جسمه.

و عن جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد فأن المادة 268 تنص على  كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالسجن المشدد من ثلاث سنين إلى سبع .

وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للسجن المشدد. وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالسجن المؤبد .

ومما تقدم يتبين أن نص المادة 268 عقوبات تتطلب لقيام جريمة هتك العرض بالقوة – بالإضافة إلى الأركان المشتركة التي سبق بيانها – استخدام الجاني وسيلة معينة في الاعتداء هي القوة أو التهديد .

وعن مدلول القوة أو التهديد:

فأنه من غير المتصور أن تقع هذه الجريمة إلا في حالة عدم رضاء المجني عليه ، إذ في هذه الحالة وحدها يتحقق الاعتداء على حريته الجنسية.

ويتحقق عدم الرضاء إذا قام الجاني باستخدام القوة أي الإكراه المادي كضرب أو تكتيف المجني عليه ، ويتحقق أيضًا عدم الرضاء بتوافر التهديد وهو ما يتحقق به الإكراه المعنوي كالتهديد باستخدام سلاح أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليه فيسلبه الإرادة أو يفقده المقاومة.

وركن القوة في هذه الجناية – لا يقتصر على استعمال القوة المادية – بل يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدي المجني عليه ومنها صغر السن .

▪العقوبة والظروف المشددة لجريمة هتك العرض :

يعاقب مرتكب جناية هتك العرض بالسجن المشدد من ثلاث سنين إلى سبع ، وقد ساوى المشرع في المادة 268 من قانون العقوبات بين الجريمة التامة والشروع فيها خروجا على القواعد العامة.

وقد رصد المشرع عقوبة أشد وهي الحد الأقصى المقرر للسجن المشدد إذا توافر أحد الظرفين الآتيين:

الأول: إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة.

الثاني : إذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267.

وعن جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد فإن القانون يعاقب عليها في حالة ما إذا كان سن المجني عليه أقل من ثماني عشرة سنة كاملة ، وتنص على هذه الحالة المادة 269 من قانون العقوبات حيث تذهب إلى أن كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس ، وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد .

ويتطلب لقيام هذه الجريمة – بالإضافة إلى الركن المادي والركن المعنوي – شرطين هما :

أن يكون الفعل قد وقع برضاء المجني عليه، فإذا انتفى شرط الرضاء غدت الجريمة جناية هتك عرض بالقوة وفقا لنص المادة 268 عقوبات.

وعدم بلوغ سن المجني عليه ثماني عشرة سنة كاملة.

ويعاقب مرتكب هذه الجريمة بالحبس ،وتشدد العقوبة لتصبح السجن المشدد في حالة توافر أحد الظرفين الآتيين:

الأول : أن يكون المجني عليه دون السابعة أي عديم التمييز.

الثاني : أن يكون مرتكب الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267، وهو نفس الظرف المشدد المنصوص عليه في جريمة اغتصاب الإناث وهتك العرض بالقوة أو التهديد.

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى