قانون الإيجارات الجديد

كتب: الأستاذ أشرف الزهوي المحامي

بدأ مجلس النواب في مناقشة تعديلات قانون الإيجارات القديم، ويحظى الأمر بترقب كبير من أغلب أطياف الشعب المصري، لأن قانون الإيجارات القديم كان استثنائيًا في ظل التحول من القضاء على الإقطاع وعصر البشوات إلى عصر المساواة والعدالة الاجتماعية.

أعطى القانون القديم للمستأجر حق الإقامة دون تحديد مدة (مشاهرة) وحتى بعد وفاة المستأجر يستمر العقد لصالح ورثته، وهو نظام جائر يمكن المستأجرين من مشاركة الملاك في أملاكهم. كانت المناقشات التي يتم طرحها بشأن هذا القانون تصطدم بين المؤيدين من أصحاب العقارات المغتصبة بموجب هذا القانون الجائر، وبين المستأجرين لأفضل الأماكن من العقارات التجارية والسكنية بجنيهات قليلة لا علاقة لها بالتغيرات المادية والقوة الشرائية للجنيه المصري، وأصبح المالك زاهدًا في صيانة هذه العقارات لأن تكلفة صيانتها الضرورية تفوق كثيرًا القيمة الإيجارية التي يقوم بتحصيلها سنويًا.

كانت ولا تزال في مصر بعض الشقق الفخيمة التي تطل على النيل تخضع لقانون الإيجارات القديمة، والتي تقارب قيمتها الإيجارية الشهرية عشر جنيهات، ويقابلها شقق مماثلة تخضع لباب الإيجارات المنصوص عليه في القانون المدني، قيمتها التأجيرية من عشرة إلى عشرين ألف جنيه مصري، أضف إلى ذلك تحديد العقد بمدة زمنية تخضع لإرادة المالك في تحديدها. ضجت أصوات المستأجرين المستفيدين بهذا القانون الحالي من القول بأن تكلفة البناء قديمًا كانت تتناسب مع تحديد القيمة الإيجارية بهذه المبالغ البسيطة، وأنه مع مرور الزمن فإن الملاك قد استطاعوا تغطية قيمة العقار، وهذا قول مردود، لأنه لا يجب أن يشارك المستأجر المالك في ملكه، فالذي يبني عقارًا من ماله الخاص له أن ينتفع به كما يشاء، ولا يجب أن يشاركه أحد في ملكه أو الحديث عن كيفية استثماره ونتائج ذلك.

ولك أن تتصور قدر المأساة التي يعيشها أصحاب الأملاك وورثتهم من بعدهم، وهم يرون عقاراتهم، التي هم في أشد الحاجة إليها، تقع تحت أيدي ورثة المستأجرين منذ سنوات تزيد عن الخمسين والستين عامًا، ولا يملكون إلا الحسرة والندامة. وحتى التعديلات التشريعية التي حدثت لم تحرّك القيمة الإيجارية خلال كل السنوات لكي تقترب من القيم الإيجارية المماثلة الآن. لذلك، فإن طرح المناقشات حول تعديل قانون الإيجارات يجب أن يخضع لدراسات حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، كما أنه يجب التأصيل القانوني الصحيح لهذا التعديل، بحيث تكون تلك التعديلات هي الطريق نحو تطبيق القانون المدني في مجال العلاقة الإيجارية على المدى المتوسط. ويمكن قياس مستوى المستأجر من خلال استهلاكاته الشهرية من الكهرباء والغاز والمياه، ووجود التكييفات والديكورات، بما نستطيع معه حصر الحالات التي يجب على الدولة أن تساعدها في إيجاد مساكن بديلة. وفي كل الأحوال، فإن معظم الشعب المصري ينفق في مجال السكن ما يقارب ثلث دخله، وعلى الجانب الآخر سنجد من أصحاب العقارات وورثتهم من لا يجدون حاليًا قوت يومهم… وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى