في حكم نهائي لها.. «الإدارية العليا»: بدل الجامعة حق لأعضاء هيئة التدريس دون قيد وليس منحة من الوزير

كتب: أشرف زهران

قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بإجماع الاَراء برفض الطعن الذي كان قد أقامه وزير التعليم في عهد جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013 على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بحظر الأخونة بالجامعات بإلغاء قرار وزير التعليم العالى وقتها بفرض التقارير الذاتية لصرف بدل الجامعة الذي رفعه الرئيس المعزول محمد مرسى لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية.

واشترطت الجماعة لصرفه إثبات هويتهم لصالح الجماعة المحظورة. تؤيد المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم ويصبح نهائيا وباتا. وأكدت المحكمة أن محمد مرسى رفع قيمة بدل الجامعة واشترط لصرفه أخونة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.

وأشارت المحكمة إلى أن هناك عدة مبادئ لحماية استقلال الجامعات، اولها ان بدل الجامعة حق لأعضاء هيئة التدريس دون قيد وليس منحة من الوزير، كما أن الإخوان استحدثوا أداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة المنارة المضيئة وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب. لأنهم اغتصبوا سلطة المشرع وقيدوا حرية العلم والفكر والإبداع ولا يجوز إجبار الأساتذة للانضمام لفصيل سياسي معين.

كما أن أساتذة الجامعات لا تخضع تقارير الوزارة وإنما للتقارير العلمية وضمير الأستاذية. وأن مفهوم مبدأ استقلال الجامعات منهجيا من النواحي الفكرية والإبداعية والاجتماعية وليس استقلالاً مالياً وإدارياً وعلمياً فحسب، أيضا أن الأستاذ هو وحدة الجامعة لا سلطان عليه إلا لضميره العلمي ولا يجوز التسلط على أدق بيانات العلماء الشخصية.

تعود وقائع القضية عندما تقدم العديد من أساتذة جامعة الإسكندرية من كليات التربية والحقوق والطب والزراعة والهندسة في مارس 2013 وقت حكم جماعة الإخوان بطعون لإلغاء قرار وزير التعليم الإخوانى الذي أخضع أساتذة الجامعات المصرية لتقارير أداء ذاتية تتحسس هويتهم للإنضمام للإخوان كشرط لصرف بدل قيمة الجامعة وترافع الأساتذة بأنفسهم أمام المحكمة.

قالت المحكمة في حكمها أن المشرع قرر زيادة بدل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات بالنسب الواردة بالجدول المرفق بالقانون واشترط شرطين صرف ذلك البدل، أولهما التفرغ الكامل لأعضاء هيئة التدريس للعمل بجامعاتهم بحد أدنى أربعة أيام أسبوعياً للقيام بالمهام والواجبات المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات، وثانيها عدم تقاضيهم أية مستحقات مالية عن عمل خلال أيام التفرغ من أي مصدر داخل الجامعة أو خارجها خلاف ما نصت عليه اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ولم يفوض المشرع رئيس مجلس الوزراء أو وزير التعليم العالي أو المجلس الأعلى للجامعات وضع شروط أخرى لاستحقاق هذا البدل، ومن ثم فلا يعتد بأية ضوابط أو توجيهات أو تعليمات تصدر من أية جهة على خلاف ما قرره المشرع.

وأشارت المحكمة إلى أن مبدأ استقلال الجامعات بات الركن الركين لتقدم المجتمعات، لذا حرص المشرع العادي على النص عليه، وارتفع به المشرع الدستوري إلى مصاف المبادئ الدستورية، ومن ثم أضحى على جميع سلطات الدولة احترامه، فلا تملك الحكومة خرقه أو العبث به، وهذا المبدأ مستمد من حق أعضاء هيئة التدريس والعلماء في تعليم الأجيال للمساهمة في رقي الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية.

وذكرت المحكمة أن وزير التعليم العالي قد فرض على أعضاء هيئة التدريس التقارير الذاتية عن الأنشطة والإنجازات لصرف الزيادة في بدل الجامعة وفي سبيل إحكام الوزير قبضته لنفاذ تلك التقارير أوجب عليهم رفع النسخة الإلكترونية لموقع الوزارة مباشرة بل أوجب كذلك على رؤساء الأقسام إرسالهم للنسخ الإلكترونية التي تصلهم من أعضاء هيئة التدريس إلى البريد الإلكتروني للوزارة بعد موافقة مجلس القسم عليها، متغولاً بذلك على مبدأ استقلال الجامعات، وعلى الرغم من أن القانون وسد لرؤساء الجامعات مسئولية تنفيذ القوانين واللوائح، كما أناط لمنظومة الجامعات وهي مجالس الجامعات والكليات ومجالس الأقسام ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء مجالس الأقسام مهمة إدارة الشأن الجامعي بكل دقائقه وتفصيلاته.

ولم يشأ القانون أن يعقد وزير التعليم العالي ثمة اختصاص بشأن الجامعات سوى رئاسة المجلس الأعلى للجامعات بحكم منصبه الاختصاصات الواردة حصراً بالقانون والتى ليس من بينها مخالفة القوانين الأعلى مرتبة ودرجة. واستطردت المحكمة أن وزير التعليم العالي أصدر قراره المطعون فيه في شأن التقارير الذاتية يعطل صرف استحقاقهم بدل الجامعة بالشروط التي قررها القانون، واستحداث أداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة، وقد تغافل الوزير عن أن استحقاق بدل الجامعة هو حق لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات فهو ليس منحة في يد الوزير إن شاء منحها وإن رغب منعها وإنما يستمدون حقهم من القانون مباشرة، وبهذه المثابة يكون قراره المطعون فيه قد صدر معيباً بخلل جسيم وافتئاتاً على سلطة المشرع في تقرير هذا البدل متعارضاً مع الشرعية وسيادة القانون. وانتهت المحكمة أن وزير التعليم العالي الإخوانى يدمغه عيب اغتصاب السلطة المعقودة للمشرع وصدر من غير مختص قانوناً باعتبار أن وزير التعليم العالي لا ولاية له في إصداره.

زر الذهاب إلى الأعلى