في حكم لها.. «النقض»: نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا
كتب/ عبدالعال فتحي
أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٣٣٦٦٤ لسنة ٨٤ قضائية ـ الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٦/١٢/٠٧، من المقر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من ادلة الثبوت التي اوردها الحكم .
الحكم
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع فى السرقة بالإكراه ليلاً مع تعدد الجناة وحمل السلاح ، قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب ، والفساد فى الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، واعتوره الخطأ فى القانون ، ذلك بأنه خلا من الأسباب التي تكفي لحمل قضائه بالإدانة ، واعتنق صوة للواقعة استمدها من أقوال المجني عليه ، رغم أنها لا تتفق مع العقل والمنطق ، فضلاً عن افتقارها لدليل آخر يؤيدها ، وتناقض أقواله فى محضر جمع الاستدلالات عنها فى تحقيقات النيابة العامة فى شأن ظروف الضبط ، ورد الحكم بما لا يسوغ على دفعه ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس ، واستند فى إدانته إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وجاءت ترديداً لأقوال المجني عليه هذا ولم يتم العثور على الأشياء المسروقة ، ولم يضبط ثمة أسلحة مع الطاعن مما ينبئ عن كيدية الاتهام وتلفيقه بدلالة المستندات المقدمة ، وأخيراً فقد التفت الحكم عن إنكاره للاتهام دون أن يعرض له ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن ولا محل له .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ، لها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولو كان قد انفرد بالشهادة وما دام القاضي الجنائي لا يتقيد بنصاب معين فى الشهادة ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود ، إلا ما تقيم عليه قضاءها ، ومن حقها التعويل على أقوال الشاهد فى أي مرحلة من مراحل الدعوى ، وكان تناقض الشاهد أو اختلاف روايته فى بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ، ولا يقدح فى سلامته ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولما كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة ، وقد حصلتها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ، وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أنه على أثر إستغاثة المجني عليه لاذ الطاعن والمتهم الآخر بالفرار بعد أن شرعا فى سرقته فتتبعهما المارة وقاموا بضبطهما ، فإن ذلك مما يرتب حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض والتفتيش ، ويكون ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ، ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً فى الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يعول فى قضائه بالإدانة على دليل مما أسفر عنه القبض ، فإن النعي عليه فى هذا الصدد لا يصادف محلاً .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن – بفرض صحته – يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالشروع فى السرقة ، وليس بجريمة السرقة التامة ، ولم تتضمن مدوناته أنه اختلس ما كان يرنو إليه ، فإن ما يثيره بشأن عدم العثور على الأشياء المسروقة لا يكون له محل .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يقدح فى سلامة الحكم عدم ضبط السلاح مع الطاعن ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أنه كان يحمل سلاحاً – مطواة – وقت الحادث ، ومن ثم فإن النعي على الحكم فى هذا الصدد يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب فى الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، وكانت الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة فى الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل لدى محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن فى شأن التفات الحكم عن إنكاره للاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما ينعاه فى هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه .