عقد الإذعان

 بقلم : يوسف أمين حمدان 

عقد الاذعان هو عقد يعتمد على استخدام نموذج ثابت لايعترية أى تغير، يعده أحد أطرفه منفرداََ وهو الطرف القوى، فليس للطرف الثانى الا الموافقة وليس له الحق فى طلب أى تعديل.

فنجد مصدر عقد الاذعان هو القانون المدنى حيث نص المشرع المصرى فى المادة رقم ١٠٠ من القانون المدني على أنه “القبول فى عقود الاذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولايقبل مناقشة فيها”

كما عرف عقد الاذعان الدكتور عبدالرازق السنهورى
“ففي دائرة عقود الإذعان يكون القبول مجرد إذعان لما يمليه الموجب، فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مفاوضة ومناقشة، بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إلا أن يأخذ أو يدع، فرضائه موجود و لكنه مفروض عليه”.

حيث يكون فيها طرف أقوى من الاخر يفرض شروطه مسبقا مثل التعاقد مع شركة الكهرباء او المياة او الاتصالات او النوادي، فهذا العقد يضع شروط مسبقه لكل من يتعاقد معه، ولا يجوز للمذعن التنصل من هذه الشروط فيما بعد، ولا يملك المذعن أن يتنصل مما ورد بالعقد من إلتزامات إذ يكون قبوله مانعاً له من ذلك.

ومن البديهى أن يكون أحد الطرفين محتكرا لسلعة أو مرفق، وبالتالى يقدم خدمة أو سلعة ضرورية تؤثر على الجمهور فى الاستغناء عنها بالأذى مثل الكهرباء أو المياة.

وقضت محكمة النقض فى الطعن رقم ٢٤٨ لسنة ٣٥ ق جلسة ١٩٦٩/٦/٣ بأن “يجب لكى يعتبر العقد إذعان – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن يتضمن احتكار قانونيا أو فعليا أو فى القليل سيطرة على السلعة أو المرفق تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق، وإذ كان تأميم شركات النقل البحرى لا يقوم فى ذاته دليلا على الاحتكار لأن التأميم لايقضى بطبيعته انعدام المنافسة بين الشركات المؤممة ولو عملت فى قطاع اقتصادى واحد، وكان النزاع بين طرفى الخصوم – على ما يبين من الحكم المطعون فيه – يدور حول عملية نقل داخلى مما يتولاه إلى جانب شركات النقل المؤممة أفراد أو مؤسسات تابعة للقطاع الخاص مما يوفر عنصر المنافسة بين جميع هؤلاء فى عمليات النقل وينتفى معه الاحتكار فيها، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى فى حدود السلطة التقديرية لقاضى الموضوع إلى القول بعدم قيام احتكار فى عملية النقل محل النزاع، وبالتالى فلا يكون العقد موضوع الدعوى عقد إذعان، لايكون قد خالف القانون”.

لعقد الإذعان عدة خصائص وهي :-

عقد الإذعان غالبا ما يكون مكتوب بصفة مسبقة فى صيغة مطبوعة تحتوى على شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة وأكثرها لمصلحة الموجب.

تعلق العقد بسلعة معينة أو مرفق يقدم خدمات للمجتمع، لايستطيع الجمهور الاستغناء عنها فى حياتهم، دون أن يلتهم الأذى أو الضيق.

* صدور الإيجاب إلى الناس كافة وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر أى لمدة غير محدودة.

وقضت محكمة النقض في الطعن رقم ٢٠٨ لسنة ٢١ق جلسة ١٩٥٤/٤/٢٢ بأن:
“من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرفق تعتبر من الضروريات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين، ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكار قانونيا أو فعليا أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق، وأن يكون صدور الإيجاب إلى الناس كافة وبشروط واحدة والمدة غير محددة، وإذن فمتى كانت الحكومة قد أشهرت شروط مناقصة فى عملية إنشاء طريق، وكان من مقتضى هذه الشروط أن يتقدم كل ذى عطاء بشروط العمل وتحديد زمنه وتكاليفه، ولم يكن الإيجاب فيه مستمرا لزمن غير محدد، وكان لكل إنسان حرية القبول أو الرفض بعد تقديم عطائه أصلا أو بتضمينه الشروط التى يراضيها وتلك التى لايقبلها، فإن التعاقد على هذه العملية لايعتبر عقدا من عقود الإذعان”.

فماذا عن سلطة القاضى فى تعديل الشروط التعسفية أو إعفاء الطرف المذعن فى عقود الإذعان من هذه الشروط؟
فاجاب المشرع عن هذا التساؤل في نص المادة ١٤٩ من القانون المدنى حيث نص على أنه “إذا تم العقد بطريق الإذعان، وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضى أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفى الطرف المذعن منها، وذلك وفقا لما تقضى به العدالة، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك”.

كما أن المشرع المصرى رفض تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ان يكون ضاراَ بمصلحة الطرف المذعن، حيث نص على ذلك فى المادة ١٥١ من القانون المدني المصرى على أنه ” يفسر الشك فى مصلحة المدين، ومع ذلك لايجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ضاراَ بمصلحة الطرف المذعن”.
يوسف امين حمدان

زر الذهاب إلى الأعلى