عبدالعزيز باشا فهمي.. قاضي القضاة وثاني نقيب للمحامين
عبدالعال فتحي
ولد عبد العزيز باشا فهمي بن الشيخ حجازي عمر في 23 ديسمبر من عام 1870 في قرية «كفر المصيلحة» من أعمال مديرية «المنوفية» لأسرة فلاحة تتمتع بالوجاهة والزعامة وبمركز اجتماعي مرموق.
تلقى عبد العزيز فهمي تعليمه الأول وحفظ القرآن الكريم ببلدته، ثمَّ قصد الجامع الأزهر بالقاهرة فحفظ المتون وألفية ابن مالك، وبعدها انتقل إلى مدرسة الجمالية الابتدائية ثم إلى مدرسة طنطا الابتدائية والثانوية، ثم انتقل منها إلى المدرسة الخديوية بالقاهرة، ثم التحق بمدرسة الحقوق و تخرج عام 1890م، ثم شغل بعد ذلك وظائف عدة في النيابة والقضاء و المحاماة وانتخب عضوا بالبرلمان.
وتولى عبد العزيز باشا فهمى منصبه كنقيبا للمحامين فى 5 ديسمبر 1913 حتى 18 ديسمبر 1914، ثم ولاية ثانية من21 ديسمبر 1918 حتى 12 ديسمبر 1919.
وفي عام1918م، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى كان عبدالعزيز فهمي أحد أعضاء الوفد المصري الذي خوَّله الشعب سنة للعمل على استقلال مصر بزعامة سعد زغلول، وكان أحد الثلاثة الذين سافروا إلى إنجلترا للمطالبة بحق مصر في الاستقلال وهم: سعد زغلول و محمد شعراوي و عبد العزيز فهمي، وفي عام 1925 اختير وزيراً للحقّانية «العدل» في وزارة أحمد زيور باشا، ثم اعتزل السياسة ليتفرغ لمهنته الأصلية «المحاماة».
ويعد “فهمي” أول من وضع مشروع الدستور المصري، وكان ذلك سنة 1920 أثناء وجوده في باريس، إذ عهد إليه الوفد بوضع مشروع لدستور مصر فعكف على دراسة دساتير أوروبا ، واجتمع الوفد لقراءة ما أعده فهمي، إلا أن سعد اعترض على بعض مواده إلى أن صدر تصريح 28 فبراير و تم إعلان إستقلال البلاد، ولقب «قاضى القضاة» و«النقيب الجليل».
ومن الجدير بالذكر أن عبد العزيز باشا فهمي هو الذي اختار اسم محكمة النقض، الذي قيل إنه استوحاه من الآية الكريمة «ولَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا»، و يذكر أيضا أنه ابتدع بعض المصطلحات القضائية مثل تعبير «أوجه النفى للدلالة على أسباب الطعن»، كما استحدث نظرية القدر المتيقن في القانون الجنائى.
الأوسمة و التكريم:
• الوشاح الأكبر من نيشان محمد علي.
• رتبة الامتياز من الدرجة الأولى.
• أطلق اسمه على شارع كبير في ضاحية مصر الجديدة، و إليه ينسب خط من خطوط مترو مصر الجديدة.
• أطلق اسمه على عدة مدارس في محافظتي المنوفية و القاهرة.
وقال عنه «طه حسين» يوم تأبينه : « كان عبد العزيز فهمي مثقفاً في اللغة والدين، عميق الثقافة مؤمناً بهذا أشد الإيمان، مترف الذوق فيها إلى أقصى حدود الترف، وما أعرف أن أحداً ناقشني في الشعر الجاهلي كما ناقشني فيه عبد العزيز فهمي، وما أعرف أن أحداً أصلح من رأي في الشعر العربي كما أصلح من رأي عبد العزيز».
كما قال عنه «عبد الرزاق السنهوري» في يوم تأبينه : «… ولعلّ أبرز ما يميز الفقيد في حياته الصاخبة المضطربة بالأحداث هو أنه كان يفكر بعقله و بقلبه، بل كان يخضع عقله لقلبه، وهذا ما جعله قريباً إلى كل نفس، فإن أرستقراطية العقل تُبعد ذا الفضل الكبير عن الناس، أما أرستقراطية القلب فتدنيه منهم».
واختير عبد العزيز باشا فهمي ليكون أول رئيس لمحكمة النقض، وصاحب أعظم كلمة في حفل افتتاح أعمال محكمة النقض والإبرام المدنية في 5 نوفمبر عام 1931 م، حيث نذكر منها «بسم الله الرحمن الرحيم»: نفتتح اليوم أعمال محكمة النقض والإبرام المدنية التي وفق جلالة مولانا الملك المعظم وحكومته إلى إنشائها بمقتضى القانون الصادر في شهر مايو الماضي.
وأنه لمن حقي وحق حضرات اخواني القضاة وحضرات إخواني المحامين، وكل متبصر في حالة القضاء في هذا البلد، من حقوقنا جميعا أن نغتبط بإنشاء هذه المحكمة التي كانت الأنفس تتوق اليها من عهد بعيد، هذه المحكمة التي أنشئت لتلافي الأخطاء القانونية في الأحكام النهائية كان وجودها أمراً ضرورياً جدا، فإنه لا يوجد أي قاض يستطيع أن يدعي لنفسه العصمة من الخطأ.
و توفى عبد العزيز باشا فهمي بالقاهرة عام 1951.