شروط تصديق المحكمة على الصلح
أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 304 لسنة 74 القضائية، أنه يشترط لتصديق المحكمة على الصلح بإلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه، حضور الطرفين أمامها بشخصيهما أو بوكلاء عنهما مفوضين بالصلح وطلبهما إلحاق عقد الصلح السابق لهما تحريره والتوقيع عليه بمحضر الجلسة أو إثبات ما اتفقا عليه مباشرة فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم …. لسنة 2001 مدنى شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً : بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/ 8/ 1999 المتضمن بيع المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الثاني الشقتين المبينتين بالصحيفة نظير ثمن مقداره 600000 جنيه . ثانياً : بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 26/ 12/ 2000 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني إليه ذات الشقتين نظير ثمن مقداره 375000 جنيه ، إذ تقاعس المطعون ضدهما عن تقديم المستندات الدالة على الملكية لشهر العقدين ، فقد أقام الدعوى ، قدم الأطراف بأول جلسة عقد صلح مؤرخ 16/ 8/ 2001 وطلبوا إلحاقه بمحضر الجلسة ، حكمت المحكمة بصحة ونفاذ العقدين . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 7 ق القاهرة وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول بكل منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الثابت من محضر جلسة 16/ 8/ 2001 أمام محكمة أول درجة حضور الخصوم جميعاً كل بوكيله ، وقدموا عقد صلح يحمل ذات تاريخ الجلسة موقع عليه منهم وطلبوا إلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه ، وقد اطلعت المحكمة على توكيلات الخصوم والتي تبيح الصلح ، مما كان يوجب على المحكمة أن تمتنع عن نظر موضوع الدعوى ، وأن تلحق عقد الصلح بمحضر الجلسة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وقضى في موضوع الدعوى وأيده في ذلك الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن المطعون ضده الثاني لم يمثل بشخصه أمام المحكمة لإقرار الصلح أو تقديم التوكيل الصادر عنه إلى وكيله للاطلاع عليه نفاذاً لحكم الاستجواب الصادر عن محكمة الموضوع رغم سبق تقديمه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في شقه المتعلق بعقد البيع المؤرخ 14/ 8/ 1999 سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر قانوناً أنه لا يجوز التصديق على الصلح بإلحاقه بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه ، إلا إذا كان الطرفان بشخصيهما أو بوكلاء عنهما مفوضين بالصلح سواء بموجب توكيل رسمي أو توكيل مصدق عليه يبيح الصلح قد حضرا أمام المحكمة وطلبا إلحاق عقد الصلح الذي سبق لهما تحريره والتوقيع عليه وقدماه للمحكمة بمحضر الجلسة ، أو أن يثبتا ما اتفقا عليه مباشرة في محضر الجلسة . لما كان ذلك وكان الثابت من محضر جلسة 16/ 8/ 2001 أمام محكمة أول درجة حضور الخصوم جميعاً أمام المحكمة كل بوكيله ، وقدموا عقد صلح يحمل ذات تاريخ الجلسة يتضمن انتهاء النزاع صلحاً على عقدي البيع المؤرخين 14/ 8/ 1999 ، 26/ 12/ 2000 الصادر أولهما عن المطعون ضده الأول وثانيهما عن المطعون ضده الثاني وطلبوا إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي ، إلا أن المحكمة لم تطلع على التوكيلات الصادرة إليهم ، وفى الجلسات التالية طلبت من وكلاء الخصوم تقديم هذه التوكيلات ، فقدم كل من وكيلي الطاعن والمطعون ضده الأول التوكيلين الصادرين إليهما وتبين للمحكمة أنهما يتضمنان التفويض بالصلح ، ولم يحضر المطعون ضده الثاني أمام محكمة الموضوع بدرجتيها لا بشخصه للإقرار بالصلح ولا بوكيله ، الأمر الذي كان يوجب على المحكمة أن تقضى بإلحاق عقد الصلح فيما يتعلق بعقد البيع المؤرخ 14/ 8/ 1999 الصادر عن المطعون ضده الأول بمحضر الجلسة إعمالاً لحكم المادة 103/ 1 من قانون المرافعات ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما يتعلق بهذا العقد وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به في موضوع الدعوى بصحته ونفاذه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص .
وحيث إن النعي في شقه المتعلق بعقد البيع المؤرخ 26/ 12/ 2000 غير سديد ، ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق وعلى ما سلف بيانه في الرد على الشق الأول من النعي ، أن المطعون ضده الثاني الصادر عنه هذا العقد لم يحضر أمام محكمة الموضوع بدرجتيها لا بشخصه للإقرار بالصلح ولا بوكيله ولم يقدم الأخير التوكيل الصادر إليه لبيان ما إذا كان مفوضاً بالصلح رغم تكليف المحكمة له بذلك الأمر الذي يمتنع معه على المحكمة توثيق عقد الصلح المقدم فيما يتعلق بهذا العقد ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر عقد الصلح بالنسبة لهذا العقد أحد مستندات الدعوى وأيد الحكم الابتدائي في فصله في موضوعها بصحته ونفاذه ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجه الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني بكل من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي الذي ألزمه بمصروفات الدعوى استناداً لنص المادة 46 من قانون الإثبات ، في حين أن هذه المادة تتعلق بمصاريف دعوى صحة التوقيع ، وأنه كان عليه وقد رفض إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وحكم في موضوع الدعوى أن يلزم المطعون ضده الثاني الخاسر لها بالمصروفات إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات ، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن خاسر الدعوى هو من رفعها أو دفعها بغير حق وأنه تكفى خسارة الخصم للدعوى للحكم عليه بالمصاريف ، عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات ، ويعتبر الخصم قد خسر الدعوى إذا كان مدعياً وقضى برفض طلباته أو مدعى عليه وقضى عليه بطلبات المدعى . لما كان ذلك وكان المطعون ضده الثاني قد قضى عليه بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 12/ 2000 الصادر عنه إلى الطاعن لعدم حضوره بتوكيل يبيح الإقرار بالصلح المقدم من الطاعن بشأن هذا العقد الأمر الذي يتعين إلزامه بمصروفات الدعوى بالنسبة لهذا العقد ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن بها استناداً لنص المادة 46 من قانون الإثبات رغم أن حكم هذه المادة خاص بمصروفات دعوى صحة التوقيع ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص .
وحيث إن الموضوع في الجزء المنقوض صالح للفصل فيه ، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ….. لسنة 7 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لعقد البيع المؤرخ 14/ 8/ 1999 وبإلحاق عقد الصلح المؤرخ 16/ 8/ 2001 بالنسبة له بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي وألزمت المستأنف ضده الثاني بالمصروفات بالنسبة لعقد البيع المؤرخ 26/ 12/ 2000 عن الدرجتين.