سلطة المحكمة في طلب ندب خبير
بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي المحامي
قد يلجأ أحد الخصوم أو طرفي الدعوى إلى طلب ندب خبير، ومع ذلك تستمر المحكمة في نظر الدعوى دون الالتفات إلى الطلب بندب خبير ودون الإشارة إلى ذلك؛ لذلك يثور التساؤل، متى تلتزم المحكمة بندب خبير في الدعوى؟ ومتى تكون الخبرة غير مجدية؟.
اتخذت محكمة النقض معيارًا واضحًا، حيث قضت بأن المحكمة غير ملزمة بالالتجاء إلى اهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تقضي فيها بالرأي، وبذلك فإنه يجب أن تكون المسألة من المسائل الفنية البحتة مع تعذر الإدراك والإلمام بتلك المسألة بالنسبة للمحكمة، وأما عن تحديد ماهية الأسباب الفنية البحتة فإن الأمر متروك تقديره للمحكمة، بشرط ألا يخالف الأصول العلمية.
ونسوق مثالين، الأول؛ في المجال الجنائي، وهو بحث حالة المتهم العقلية لتقدير مسئوليته الجنائية أو التشريح لمعرفة سبب الوفاة، وفي المجال المدني مسألة تقدير إمكانية قسمة العقار وفرزه وتجنيبه لأن ذلك يخضع لبحث ومعاينة وقياس أبعاد وتقدير هذا في الواقع، أما عن تعذر إدراك المسألة الفنية البحتة بالنسبة للمحكمة فإن العلوم القياسية والتخصصية والتقنية تحتاج غالبًا إلى المتخصصين من أهل الخبرة.
إذا انتهى الخبير من أعماله فعليه أن يقدم تقريرًا يشتمل على وصف ماقام به من أعمال ونتائجها، ولم يوجب القانون اتباع شكل معين في تقرير الخبير، وعلى ذلك فقد يكون شفويًا أو كتابيًا وفقًا لطبيعة المأمورية، وهو يحدث في المسائل الجنائية بحضور المحقق، غالبًا أما إذا تطلب الأمر إجراء أبحاث وقراءة متأنية للمستندات فإنه غالبًا مايصدر التقرير مكتوبًا.
يجب على المحكمة طرح التقرير للمناقشة، إذ لايجوز أن تعول على تقرير الخبير قبل أن يبدي الخصوم ملاحظاتهم عليه.
تخضع الاعتراضات والمطاعن التي يثيرها الخصوم على تقرير الخبير لتقدير قاضي الموضوع، والمحكمة ليست ملزمة بالرد على هذه الاعتراضات متى اطمأنت إلى التقرير.
والضمان الذي يجعل المحكمة أكثر قبولًا للطعن على التقرير من جانب الخصوم هو بيان أوجه القصور تفصيلًا وبيان مابه من غموض، أما الدفع بعدم قبول التقرير دون بيان تفاصيل ذلك فإنه غالبًا ماتلتفت عنه المحكمة، أما الطعن بالبطلان على تقرير الخبير فله أسباب قانونية سنعرضها في مقال آخر.