سعد زعلول زعيم الأمة.. عمل بالمحاماة والنيابة وترأس مجلسي الوزراء والنواب

كتب: محمد علاء

سعد زغلول، أحد أبرز الزعماء المصريين عبر التاريخ، عمل بالمحاماة والنيابة وشغل عدة مناصب منها، رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزيرا التعليم والعدل.

• نشأته وتعليمه
ولد في قرية إبيانة التابعة لمركز فوة سابقا (مطوبس حاليا) مديرية الغربية سابقا (محافظة كفر الشيخ حاليا)، وهناك تضارب حول تاريخ مولده، فمنهم من أشار إلى أنه ولد في يوليو 1857، وآخرون قالوا يوليو 1858، بينما وجد في سجلات شهادته التي حصل عليها في الحقوق بأنه من مواليد يونيو 1860.

كان والده رئيس مشيخة القرية وحين توفي كان عمر سعد خمس سنوات فنشأ يتيما هو وأخوه أحمد زغلول، من أسرة ريفية مصرية، وتلقى تعليمه في الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873، كما تلقى تعليما في المدرسة المصرية للقانون.

تتلمذ في الأزهر على يد الشيخان جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، والتف مثل الكثير من زملائه حول “الأفغاني”، ثم عمل معه في جريدة الوقائع المصرية، وبعدها انتقل إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي.

• عمله بالمحاماة والنيابة

اشتغل الزعيم الراحل بالمحاماة لكن قبض عليه عام 1883بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف بـ “جمعية الانتقام”، وبعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود لممارسة المحاماة.

كما توظف سعد زغلول بوظيفة وكيلا للنيابة وكان زميله في هذا الوقت قاسم أمين، وترقى حتى صار رئيساً للنيابة وحصل على رتبة الباكوية، ثم نائب قاض عام 1892، بينما حصل على ليسانس الحقوق عام 1897.

• تأسيس الجامعة المصرية والنادي الأهلي

عين “زغلول” ناظرا للمعارف -وزير التربية والتعليم حاليا- في عام 1906، واشترك في الحملة العامة لإنشاء الجامعة المصرية، وشارك في وضع حجر أساسها عام 1907 مع كل من، الشيخ محمد عبده، والمحامي محمد فريد، وقاسم أمين، وتم إنشاء الجامعة في قصر جناكليس -الجامعة الأمريكية حاليا- وتعيين أحمد لطفي السيد كأول رئيس لها.

كما ساهم سعد زغلول في تأسيس النادي الأهلي عام 1907، وتولى رئاسته في 18 يوليو 1907، بينما عين ناظرا للحقانية -وزارة العدل حاليا- في عام 1910.

• عمله السياسي وتأسيس الوفد المصري

انضم للزعيم الراحل سعد زغلول إلى الجناح السياسي لفئة المنار، التي كانت تضم أزهريين وأدباء وسياسيين ومصلحين اجتماعيين ومدافعين عن الدين، كما كان الوكيل المنتخب للجمعية التشريعية -مجلس النواب حاليا-، وبعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة به والتي شكلت نواة جماعة الوفد فيما بعد وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية.

وخطرت لسعد زغلول فكرة تشكيل الوفد المصري للدفاع عن القضية المصرية عام 1918بعدما انتهاء الحرب العالمية الأولى، ودعا أصحابه إلى مسجد وصيف في لقاءات سرية للتحدث فيما كان ينبغي عمله ضد الاحتلال الإنجليزي، وشكل في أعقابها الوفد المصري الذي ضم كل من سعد زغلول، وعبد العزيز فهمي، وعلي شعراوي، وآخرين.

وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية، جاءت صياغتها: “نحن الموقعون على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و….. إلخ، في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلا في استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى”.

• انفجار ثورة 1919 ونفيه لجزيرتي مالطا وسيشل

اعتقل سعد زغلول وزملائه في الوفد المصري بعد الخطوات الوطنية السابقة، ونفي إلى جزيرة مالطا في البحر المتوسط 8 مارس 1919، فانفجرت الثورة 1919التي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول.

واضطرت إنجلترا إلى عزل الحاكم البريطاني وأفرج الإنجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، كما سمحت للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر، ولكن لم يستجب أعضاء المؤتمر فعاد المصريون إلى الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية.

وفي عام 1920عقد سعد زغلول عدة لقاءات مع وزير المستعمرات البريطاني، اللورد ميلنر لكي يتوصل إلى تفاهم معه، ففضل أن ينسحب، وفي عام 1921 عرقل تشكيل الحكومة فرد اللورد اللنبي على محاولاته بنفيه إلى جزر سيشل في المحيط الهندي.

وفي فبراير عام 1922 حصلت مصر على استقلال محدود، وفقا لتوصيات اللورد ميلنر، وأبرم هذا الاتفاق من خلال المحادثات مع الزعيم سعد زغلول.

• عودته من المنفى ورئاسته لمجلس الوزراء

سمح لسعد زغلول بالعودة إلى مصر عام 1923، وقاد القوى الوطنية المصرية وشكل حزب الوفد المصري حتى إجراء الانتخابات في 12 يناير 1924، التي جاءت تتويجا لكفاح الشعب المصري، وأقيمت وفقا لدستور 1923، الذي أعاد الحياة النيابة في مصر إلى غرفتين مجلس النواب ومجلس الشيوخ،

وأسفرت الانتخابات عن فوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة، وبعد ذلك بأسبوعين، شكلت الحكومة الوفدية برئاسة سعد زغلول، ليكون كان أول مصري من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وسميت وزارته بوزارة الشعب.

واتخذت سلطات الاحتلال البريطاني، حادثة اغتيال السير لي ستاك قائد الجيش المصري وحاكم السودان، في 19 نوفمبر 1924، ذريعة للضغط على الحكومة المصرية حيث وجه اللورد اللنبي إنذارا لوزارة سعد زغلول.

وطالب الإنذار بأن تقدم الحكومة المصرية اعتذارا عن هذه الجريمة، وتقديم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب، وتقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه إسترليني للحكومة البريطانية، وسحب القوات المصرية من السودان، وزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطنا في السودان.

ووافق سعد زغلول على النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالتهن وقام الملك فؤاد بتكليف زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان.

لكن نواب البرلمان اجتمعوا خارجه وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء، فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهر تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثلما حدث عام 1882، وتم قبول استقالته في 24 نوفمبر سنة 1924.

• رئاسته لمجلس النواب

ترأس الزعيم سعد زغلول رئاسة مجلس النواب، في فترتين الأولى بداية من 23 مارس 1925 ثم من 10 يونيو 1926 إلى 22 أغسطس 1927، وفقا لموقع مجلس النواب المصري.

وقبل الولاية الثانية في رئاسته للمجلس، خاض سعد زغلول صراعا ضد الملك فؤاد وأحزاب الأقلية المتعاونة معه بهدف الدفاع عن الدستور، وتوج كفاحه بفوز حزب الوفد بالأغلبية البرلمانية مرة ثانية عام 1927م، وانتخب رئيسًا لمجلس النواب حتى وفاته في 23 أغسطس 1927.

• زوجة الزعيم سعد زغلول

هي صفية زغلول تزوجها عام 1895، وهي ابنة مصطفى فهمي باشا رئيس وزراء مصر مرتين، وكانت ثائرة نسائية وناشطة سياسية.

• ضريح سعد زغلول

يضم رفات الزعيم المصري سعد زغلول. بدأ إنشاؤه عقب وفاته سنة 1927، ونقل إليه رفاته من مقابر الإمام الشافعي بعد أن تم إنشاؤه عام 1931.

واجتمعت الوزارة الجديدة برئاسة عبد الخالق باشا ثروت، التي شكلت عقب وفاته، وقررت تخليد ذكرى الزعيم سعد زغلول وبناء ضريح ضخم يضم جثمانه على أن تتحمل الحكومة جميع النفقات، وبدأ تنفيذ المشروع ودفن سعد باشا مؤقتاً في مقبرة بمدافن الإمام الشافعي لحين اكتمال المبنى، كما أقامت حكومة عبد الخالق ثروت تمثالين له أحدهما بالقاهرة في الجزيرة والآخر بالإسكندرية في محطة الرمل.

كما فضلت حكومة عبد الخالق ثروت وأعضاء حزب الوفد الطراز الفرعوني حتى تتاح الفرصة لكافة المصريين والأجانب لزيارته، وحتى لا يصطبغ الضريح بصبغة دينية يعوق محبي الزعيم المسيحيين والأجانب من زيارته، وصممه وأشرف على بناءه المهندس المعماري الراحل فهمي مؤمن.

وتقدر المساحة الإجمالية للمشروع 4815 مترا مربعا، أما الضريح فيحتل مساحة 650 مترا ويرتفع حوالي 26 مترا على أعمدة من الرخام الجرانيت وحوائطه من الحجر، وللضريح بابان أحدهما يطل على شارع منصور وهو من الخشب المكسو بالنحاس وارتفاعه ستة أمتار ونصف وهو نسخة طبق الأصل من الباب الآخر المطل على شارع الفلكي وتغطي حوائط المبنى من الخارج والداخل بطبقة من الرخام الجرانيت بارتفاع 255 سم كما أن السلالم مكسوة أيضا بنفس النوع من الرخام، ويحاط الضريح بدرابزين من النحاس والحديد والكريستال.

وكان سعد باشا زغلول قد أشترى الأرض المقام عليها الضريح عام 1925، وذلك قبل وفاته بعامين ليقيم عليها ناديا سياسيا لحزب الوفد الذي أسسه ليكون مقرا بديلا للنادي الذي استأجره كمقر للحزب في عمارة «سافوي» بميدان سليمان باشا – وسط القاهرة -.

واكتمل هذا البناء في عهد وزارة إسماعيل باشا صدقي عام 1931، وكان من خصوم سعد زغلول، فحاول تحويل الضريح إلى مقبرة كبرى تضم رفات كل الساسة والعظماء، ولكن صفية زغلول الملقبة بـ “أم المصريين” وزوجة سعد زغلول رفضت بشدة هذا الاقتراح وأصرت على أن يكون الضريح خاصا بسعد فقط، وفضلت أن يظل جثمانه في مقابر الإمام الشافعي إلى أن تتغير الظروف السياسية وتسمح بنقله في احتفال يليق بمكانته التاريخية كزعيم للأمة.

وفي عام 1936م تشكلت حكومة الوفد برئاسة مصطفى باشا النحاس، وطلبت أم المصريين نقل جثمان سعد باشا إلى ضريحه بشارع الفلكي والذي يطل عليه بيت الأمة، وحدد النحاس باشا يوم 19 يونيو عام 1936 للاحتفال بنقل رفات زعيم الأمة بعد أن ظل في مقبرة الامام الشافعي تسعة أعوام تقريبا.

وفي اليوم السابق للاحتفال ذهب النحاس باشا مع بعض رفاق سعد زغلول إلى المقبرة سرا للاطمئنان على رفاته قبل نقلها ظنا منهما أنه ربما حدث أو يحدث شيئا لرفات زعيم الأمة، وكان معهما محمود فهمي النقراشي باشا ومحمد حنفي الطرزي باشا والمسؤول عن مدافن الإمام الشافعي، ولفوا جسد الزعيم الراحل في أقمشة حريرية ووضعوه في نعش جديد ووضعوا حراسة على المكان.

وحضر في السادسة من صباح اليوم التالي، كل من أحمد باشا ماهر رئيس مجلس النواب، والمحامي محمود بك بسيوني رئيس مجلس الشيوخ، ثم توالى الحاضرون إلى المقبرة من الوزراء والنواب والشيوخ، وحمل النعش على عربة عسكرية تجرها 8 خيول، وكان قد أقيم بجوار الضريح سرادق ضخم لاستقبال كبار رجال الدولة والمشيعين من أنصار سعد وألقى النحاس باشا كلمة مختارة في حب زعيم الأمة جددت أحزان الحاضرين ودمعت عيناه وبكت أم المصريين بكاء شديدا ونقلت صحافة مصر تفاصيل نقل الجثمان إلى الضريح، وكتبت مجلة “المصور” تفاصيل نقل الجثمان تحت عنوان «سعد يعود إلى ضريحه منتصرا».

• أشهر أقوال الزعيم سعد زغلول

– نحن لسنا محتاجين إلى كثير من العلم، ولكنا محتاجون إلى كثير من الأخلاق الفاضلة.
– نحن لسنا بأوصياء على الأمة، بل وكلاء عنها، ولكن وكلاء أمناء، فيجب علينا أن نؤدي لأمتنا الأمانة كما أخذناها منها.
– فساد الحكام من فساد المحكومين.
– الرجل بصراحته في القول وإخلاصه في العمل.
– أنا لا أستخدم نفوذ أي اسم كان للحصول على أية غاية كانت.
– إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
– الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة.

• تناولت شخصيته بعدد من الأفلام والمسلسلات والأعمال الأدبية نذكر منها:

– مسلسل العملاق سنة 1979لعباس محمود العقاد بطولة محمود مرسي، وقام بدور سعد زغلول الممثل حمدي غيث.
– فيلم البطل سنة 1998بطولة أحمد زكي، وقام بدور سعد زغلول الممثل أحمد عبد الحليم.
– مسلسل طائر في العنق سنة 1998بطولة بوسي، وقام بدور سعد زغلول الممثل حمدي غيث.
– مسلسل جمهورية زفتى سنة 1998 عن مدينة زفتى بطولة ممدوح عبد العليم، وقام بدور سعد زغلول الممثل حمدي غيث.
– مسلسل حواري وقصور سنة 2001 عن بطولة نبيل الحلفاوي، الذي قام بدور سعد زغلول.
– مسلسل مصر الجديدة سنة 2004 عن قصة حياة هدى شعراوي بطولة فردوس عبد الحميد، وقام بدور سعد زغلول الممثل أحمد خليل.
– مسلسل الملك فاروق سنة 2007 عن قصة حياة الملك فاروق الأول بطولة تيم الحسن، وقام بدور سعد زغلول الممثل عبد الرحمن أبو زهرة.
– مسلسل مشرفة رجل لهذا الزمان سنة 2011 عن قصة حياة علي مصطفى مشرفة بطولة أحمد شاكر عبد اللطيف، وقام بدور سعد زغلول الممثل خليل مرسي.
– مسلسل أهل الهوى سنة 2013 عن قصة بيرم التونسي وسيد درويش وقام بدور سعد زغلول الممثل عبد الرحيم حسن.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى