رمضان كريم
ماهر الحريري
رياضة دينية، ومتعة بدنية، ذلك هو الصيام. فبعد ساعات، يهل علينا الكريم رمضان، ليقوم نفسا، ويطهر قلبا من كل غل وحقد.
وبهذه المناسبة، يسعدني أساتذتي وزملائي أن أبعث لكم جميعا بوافر التحية وعظيم الأمنية، داعيا الله العلي القدير بموفور صحة وسعادة يمتعكم، وعلى طريق الخير يوفقكم، وبالنجاح يكلل أعمالكم، ويرفع شأنكم ومكانكم، وبالباقيات الصالحات يختم أعمالكم، وبالخير يحفظ مصركم، ويقى نقابتكم شر كل دخيل وكل صاحب فكر عقيم.
فمنذ أيام مضت، وعلى مواقع التواصل في بث مباشر يتابعه بعض أصحاب التعليم المفتوح، وقلة قليلة من محامين مهنيين لأحد المتشدقين بالمحاماة علما، وبالمظلومين نصرة لمجلس نقابتنا، يكيل اتهامات تفتقر لكل دليل قانوني اللهم غيركم مرسل لا تستوعبه عقول الحكماء الدارسين للقانون حقا، فكل اتهام عليه دليل، هكذا تعلمنا.
يتحدث عن تأجيل لدعوة حراسة على نقابة المحامين رفعت في خطأ مهني جسيم. في البداية، ضلت منه الطريق. وبحكم عدم الاختصاص، ترسم له منصات القضاء مسارها الصحيح، وأكاد أجزم بأن مصيرها بات محتوما، وأمرها أصبح مفضوحا، فقد رفعت على غير سند من قانون، وعجبت لمن يتحدثون عن محاماة قوية ويريدونها عزيزة أبية، فيجوبون أروقة المحاكم طمعا في حكم حراسة بعد تجربة مريرة في الماضي عشناها، كان عاشور لها بطلا، وشارع 26 يوليو عليها خير شاهد.
ويمضي مستنكرا، على حفلات التكريم متهكما، متسائلا: ماذا قدم هؤلاء للمحاماة؟ وإن كان لا يرى فيهم من يستحق التكريم، فمنهم رموز يقتدى بها، وأعلام في سماء المحاماة ترفرف، فكثير منهم لفن الدفاع علمونا، وكغيره بأموال الأرامل واليتامي يتشدق، وهو لا يدري أن الأحياء لا يزالون هم المصدر الأساسي لأموال نقابة المحامين، وبهم تستمر أموال اليتامى. وفي حركات همز ولمز عن مجالس نقابات بنوعيها، يسب ويلعن، وتناسى أنها إرادة جمعية عمومية في انتخابات تنافسية، كانت معظم المعارضة طرفا فيها، ولم يحالفهم التوفيق لفقدان زملائهم بهم الثقة، وربم العدم قدرتهم على تحمل المسئولية، فكان هذا هو الاختيار حتى ولو ساء بالفعل الأداء في إهدار لأبسط حقوق البشر، يمنح نفسه حق المعارضة والاعتراض، ويستنكر لزملائه حق التأييد، واصفا إياهم بالمنبطحين تارة، والمرتزقة تارة أخرى، دون مراعاة لأساتذته، أو حتى حق زمالة ولست أدري أهي مذبحة للحرية أم خطوة جديدة للديمقراطية؟.
ليس هذا فحسب، بل راح ينصّب من نفسه على المحامين وصيا يهدد ويتوعد، وكأنه الممسك بزمام كل الأمور، متناسيا أن زملاءه قد بلغوا بالفعل سن الرشد، وأنه يتحدث في فئة لا تقبل ولاية ولا تعرف وصاية، اللهم بمحاكم الأسرة. فواهم كل الوهم من تسول له نفسه ليكون على المحامين قيما أو وصيا وما أظنه إلا ضحية وهم كاذب نسجه له خيال أعمى في ساعات متأخرة من الليل، فضاع منه الفارق بين أسياد وعبيد في زمن انتهت فيه العبودية، ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، لن نرهن إرادتنا لأحد، كائنا من يكون، حتى ولو ملك كنوز الدنيا، وارتقى لأعلى درجة علمية.
أفيقوا أيها المساكين، فلا لأحد سلطان علينا، نقول نعم إذا أردنا، ونقول لا ولو سلطت السيوف على رقابنا.. عودوا إلى رشدكم، ووقروا بعضكم، ورمضان كريم.