رفض الدعوى بحالتها وقوة الأمر المقضي به

بقلم: الأستاذ/ مصطفي سُبّل

قد يختلط الأمر لدى البعض بان الأحكام الصادرة برفض الدعوى بحالتها مسلوبة من آية حجية تمنع من إعادة النزاع مرة أخرى أمام القضاء وهو ما سوف نقوم بإيضاحه ولكن في البداية . متى تصدر المحكمة حكمها برفض الدعوى بحالتها؟ هناك حالات عديدة بتوافرها قد تقضي المحكمة بذلك كحالة عجز المدعي عن إثبات دعواه أو لعدم تقديم مستنداته أو ما إلي ذلك من حالات قد تمنع المحكمة عن حسم النزاع المطروح أمامها.

وهنا يرد تساؤل – هل تلك الأحكام تكتسب حجية الأمر المقضي به؟

قد يبدر للذهن ان تلك الأحكام كونها لم تفصل في النزاع لا تكتسب تلك الحجية إلا أن هذه الأحكام تعد بمثابة أحكام وقتية تحوز حجية مؤقتة، وتلك الحجية ترتبط بالحالة التي رفعت فيها الدعوى، فتبقي تلك الحجية قائمة مادامت هذه الحالة قائمة ولم تتغير وإنما يجوز رفع النزاع من جديد بعد تصحيح هذه الحالة أو تغييرها.

كما ان المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ويجب لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه من بعد فى الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها .

بخلاف ما هو مقرر من شروط لاكتساب الحكم حجية الأمر المقضي به إلا انه في حالة صدور الأحكام برفض الدعوى بحالتها نجد أن قضاء النقض رهن الحجية لتلك الأحكام بكون الحالة قائمة أم تغيرت بدون تحديد معايير تغيير الحالة حتي يسمح بإعادة النزاع مرة أخرى وانما تركت الأمرَ فَضًا بدون آية معايير وهو ما يعد باب لإعادة النزاع امام القضاء إلي ما لانهاية.

ومن جماع ما تقدم نرى أن معاودة طرح النزاع إلي القضاء مرة أخرى دون أن تتغير الحالة التى انتهت بالحكم السابق يعد أبهى صور إساءة استعمال حق التقاضي لما في ذلك من ابتغاء الإضرار بالغير لهذا يستلزم إن يتدخل المشرع بتعديل تشريعي لمعالجة هذه الإشكالية ، والى ان يتدخل المشرع يتوجب علي القضاء إعلاء هذه الحجية عند توافر شروطها والتوسع في استخدامها، وذلك لتقليل التكدس أمام القضاء بدعاوى قد تكون في الأغلب للنكاية والإضرار بالغير.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى