دور محكمة الجنائية الدولية الدائمة (1)

بقلم:محمد عبداللطيف أحمد

إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تحترم القانون الدولي بفروعة المختلفة كما يسود إدارتها ثقافة انغلاقية لا تتكيف مع مخالفيها ، ونلقى الضوء هنا على صراع الولايات المتحدة الأمريكية مع إدعاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة وقسم الأختصاص القضائي والتكامل والتعاون بالمحكمة.

عندما لوحت المدعي العام للمحكمة فاتو بنسوده بفتح تحقيقات في جرائم يحتمل أنها وقعت تتعلق بالقتل الجماعى مرتكبة من قبل مسلحى طالبان وجرائم تعذيب سجناء مرتكبة من قبل الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية والمخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان فى الفترة من 2003 إلى 2014 ، مما دفع ترامب بأصدار قرار تنفيذى بامكانية تجميد أموال وأوصول مملوكة لأعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية ومنعهم من دخول الأراضى الأمريكية وهما المدعى العام للمحكمة فاسو بنسوده ورئيس قسم الأختصاص القضائى والتعاون والتكامل فاكيسو موتشوتشوكو ، فالإدراة الأمريكية بدلاً من أن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو أن تقوم بمحاكمات للرؤساء التنفيذين والقادة العسكرين لمرتكبى تلك الجرائم ، أو بدلاً من المحاكمات العسكرية التى قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية لصغار أفراد القوات الامريكية والتى كانت كثيراً منها هزلية وغير جادة.

حيث دخلت فى صراع مع أعلى سلطة مركزية دولية قضائية فى الكرة الأرضية تلك المحكمة التى ينعقد لها الأختصاص فى فرضين ، أما الأول ، فى حالة عدم رغبة الدولة أو عدم جدية المحاكمات التى تتعلق بجرائم التى تدخل فى اختصاص تلك المحكمة ألا وهى جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان تلك الجرائم التى نصت عليها المادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية ، وتلك الجرائم تتمثل فى تلك الاربع جرائم ولكنها تأخذ الكثير من الصورالمادية التى تكون أصناف كثيرة من الجرائم وذلك لغياب تعريف مقنن للجريمة الدولية ، أما عن الفرض الثانى ، فى حالة عدم قدرة الدولة على محاكمة مرتكبى الجرائم التى تدخل فى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، فتلك المحكمة أنشأت عام 2002 لمحاكمة مرتكبى أفظع الجرائم التى عرفتها البشرية والتى قد لا تستطيع الدول أو لا ترغب فى محاكمتهم لأن الجانى فى تلك الجرائم غالباً ما قد يكون رئيس دولة أو قائد عسكرى أو موظف دولى ، والولايات المتحدة الأمريكة حفاظاً على رجالها ، دخلت فى صراع مع المحكمة متزرعة بالحجة العقيمة بأن تلك الإجراءات تمس سيادتها كما صرح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بومبيو ، فتلك المحكمة لا يوجد أمامها حصانات فهى نشأت لمحاكمة أصحاب الحصانات ، أن مافعلته الولايات المتحدة الأمريكية يخالف قواعد القانون الدولى الدبلوماسى فالمحكمة الجنائية الدولية في الأصل منظمة دولية وموظفيها موظفون دوليون يتمتعون بحصانة دولية أمام كافة الدول فلا يجوز أتخاذ أى إجراء قبلهم ألا من خلال جهة عملهم ، بالأضافة إلى أن هؤلاء الموظفون الدوليون هم قضاه لايجوز اتخاذ أى إجراء قبلهم إلا بعد رفع الحصانه عنهم من قبل تلك المحكمة ، فالولايات المتحدة الأمريكية اعتدت على عدة مبادىء أصيلة من مبادىء القانون وهى مبادىء ، أستقلال القضاه وحيدتهم وتمتعهم بالحصانة وعلى قواعد القانون الدولى الدبلوماسى

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى