حيثيات حكم محكمة النقض في القضية المعروفة إعلاميا بـ (داعش ليبيا)
كتب: علي عبدالجواد
أودعت محكمة النقض، برئاسة المستشار عبدالله عصر، حيثيات الحكم الصادر في القضية المعروفة إعلاميا بـ (داعش ليبيا)، والتي قضت فيها بتأييد إعدام 3 متهمين واستبدال عقوبة الإعدام بحق 3 آخرين بالسجن المؤبد 25 عامًا، والسجن 15 سنة لمتهم آخر، كما أيدت السجن المؤبد لـ 4 وسجن متهم 15 سنة.
واستبدلت (النقض) عقوبة السجن المؤبد لـ 5 متهمين للسجن 15 سنة، وتخفيف السجن المؤبد بحق متهم للسجن 10 سنوات، فيما استبدلت الحكم الصادر بحق اثنين من المدانين من معاقبتهما بالسجن 15 سنة، إلى تخفيها بمعاقبتهما بالسجن 5 سنوات.
وجاء في حيثيات الحكم، أنه “لما كان ذلك وكانت جريمة الالتحاق بجماعة إرهابية مقرها خارج البلاد وتتخذ من الإرهاب أو التدريب العسكري وسائل لتحقيق أهدافها مؤثمة وفقا لقانون العقوبات، وتتحقق بالتحاق الجناة بإحدى هذه التنظيمات المشار إليها آنفا خارج مصر، أو تلقيهم تدريبات عسكرية أو المشاركة في عملياتها غير الموجهة لمصر ويتحقق القصد الجنائي فيها بعلم الجناة باتخاذها من الإرهاب أو التدريب العسكري وسيلة لتحقيق أغراضها، والعلم في جريمة الالتحاق بجماعة إرهابية مقرها خارج البلاد مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وبما توحى به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة، ولما كان ما خلص إليه الحكم من التحاق بعض الطاعنين بإحدى التنظيمات الإرهابية، (داعش) بدولة ليبيا، والتحقوا بمعسكرات تدريبية تابعة لجماعة (داعش) بليبيا وسوريا وتلقوا تدريبات عسكرية بها وشاركوا في عملياتها غير الموجهة لمصر، كما تولوا مسؤولية أحد معسكرات ذلك التنظيم بمدينة سرت الليبية واطمأنت المحكمة إلى شهادة شهود الإثبات وإقرار واعترافات بعض المتهمين وكل الأدلة الأخرى وما تضمنه من إقرارات فإن ما أورده الحكم يعد كافيًا وسائغًا في تدليله على توافر الجرم”.
وذكرت الحيثيات أنه كان البين من قانون العقوبات أن المشرع أطلق وصف التنظيم الإرهابي على أي؛ جمعية، أو هيئة، أو منظمة، أو جماعة، أو عصابة، تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى سلطاتها العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، ولما كانت العبرة في قيام هذه الجماعة أو تلك الهيئة أو المنظمة أو العصابة وعدم مشروعيتها ووصفها بالإرهابية ليست رهنا بصدور تراخيص أو تصاريح باعتبارها كذلك، ولكن العبرة في ذلك بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول إلى ما تبغيه.
وأشارت الحيثيات إلى أنه إذ كان ما أورده الحكم على السياق المار بيانه يعد كافيًا وسائغًا في تدليله على توافر كل من جرائم تولي قيادة وإدارة جماعة تأسست على خلاف أحكام القانون، والانضمام إلى تلك الجماعة، وإمدادها بالأسلحة والذخائر والأدوات التي تستخدم في صنع المفرقعات والأموال والمعلومات، مع العلم بأغراضها بركنيها المادي والمعنوي، وكذا جريمة الاتفاق الجنائي بما أفصح عنه من بيان دور كل طاعن على حدة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ينحل في واقعة الدعوى إلى جدل في صورة الواقعة التي اقتنعت بها محكمة الموضوع وكفاية وصلاحية الأدلة التي عولت عليها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وتابعت الحيثيات: “أنه لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع الاتهام وكيديته وتلفيقه وانتفاء الصلة بالواقعة والمضبوطات من أوجه الدفوع الموضوعية لا تستوجب ردًا مستقلًا طالما الرد يستفاد ضمنًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا، فضلًا عن أن المحكمة قد عرضت لما أثير في الشأن وأطرحته في منطق سائغ.
وانتهت الحيثيات إلى أنه لما كان تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية، ومن ثم فإنه من غير المقبول عقلًا ومنطقًا أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة محكمة النقض، بعد التعديل الذى سنه الشارع، ومن ثم فقد بات متعينًا بسط رقابة هذه المحكمة ـ محكمة النقض ـ على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة، دون حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوعه”.