حكم بيع العربون
بقلم: الأستاذ/ محمد جمال عبد المقصود
العربون كما عرفته أحكام محكمة النقض المصرية هو ما يقدمه أحد المتعاقدين إلى الأخر عند إنشاء العقد وقد يريد العاقدان بالاتفاق عليه أن يجعلا عقدهما مبرما بينهما على وجه نهائي وقد يريدان أن يجعلا لكل منهما الحق في إمضاء العقد أو نقضه ونية المتعاقدين هي وحدها التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني (الطعن رقم 6 لسنة 36 ق جلسة 30 / 4 / 1970).
قد نظم لنا القانون المدني المصري في مادته ( 103 ) الغرض من سداد مبلغ العربون وما هو حكم ذلك المبلغ حال عدول احد طرفي العقد عن إبرامه.
النص القانوني ( مادة 103 مدني )
دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا اقتضى الاتفاق بغير ذلك.
فإذا عدل من دفع العربون، ( فقده ) وإذا عدل من قبضه ( رد ضعفه ) هذا و لو لم يترتب على العدول أي ضرر.
شرح توضيحي
الأصل أن سداد العربون يعد قرينة قانونية على جواز عدول كلا المتعاقدين عن إتمام هذا العقد ما لم يتم الاتفاق الصريح أو الضمني بينهما على خلاف ذلك بمعنى أن يتم الاتفاق على أن سداد مبلغ العربون هو للبت والتأكيد على البدء في تنفيذ العقد.
حددت أيضا المادة 103 من القانون المدني في فقرتها الثانية الأثار المترتبة على عدول أي من المتعاقدين والتي جاءت موضحة لنا انه في حالة عدول من قام بدفع العربون فهنا يفقده ويصبح من حق الطرف الأخر إما في حالة عدون من قبض مبلغ العربون فعليه رد ضعفه للطرف الأخر فقط أما في حالة وقع أي ضرر لكلا من الطرفين نتيجة العدول عن هذا البيع فهنا يحق له اللجوء للقضاء والمطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر.
أما فيما يخص مدى إمكانية تمسك أحد المتعاقدين بأن العقد محل النزاع هو عقد بيع بالعربون فقد أجابت محكمة النقض عن هذا التساؤل في حكم لها بالطعن رقم 663 لسنة 40 ق وأكدت في حكمها على إمكانية التمسك بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة حتى يمكن الاحتجاج به وإثارته أمام باقي درجات التقاضي أما في حالة إغفال هذا الدفع فلا يجوز التمسك به أو إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
تختلف فكرة العربون عن الشرط الجزائي من حيث أن الشرط الجزائي ما هو إلا تعويض اتفاقي عن الضرر الذي ينشأ بسبب الإخلال بأي شرط من شروط العقد على عكس مبلغ العربون الذي هو مبلغ من المال يتم سداده عند الاتفاق على عقد بيع ويتم خصمه من إجمالي ثمن المبيع حال إتمام العقد وفي حال عدم الوصول إلى اتفاق وإلغاء البيع فقد نظم القانون ذلك من حيث إمكانية فقده أو رد ضعفه.
اختلفت أيضا التشريعات العربية من حيث بيان الغرض من سداد مبلغ العربون فمنها من اعتبرها أن سداد مبلغ العربون ما هو إلا لإمكانية عدول أحد أطراف العقد عنه مثل ( القانون المصري – القانون السوري – القانون الكويتي – القانون البحريني ) و منها من جعل أن سداد العربون هو إفصاح النية لإتمام العقد واعتبار أن البيع اصبح باتا و نهائيا فور سداد مبلغ العربون ( القانون العماني ) – و فيما يخص لبنان فلم نجد أن هناك نصا خاصا بالقانون اللبناني ينظم البيع بالعربون إلا أن هذا لا يمنع من استعمال الأشخاص من استعمال البيع بالعربون ولكن هذا متوقف على ما يقومون بالاتفاق عليه فيحق له ترتيب العلاقة التعاقدية كما يرغبون ما دامت في حدود القانون و لم تخالف النظام العام والآداب.
وفي النهاية نجد أن أكثر الدول العربية أخذت بذات الفكر الخاص بان مبلغ العربون يفيد بأحقية أطراف العقد في إمكانية العدول عن إتمام ذلك التعاقد حال رغبتهم في ذلك.