حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩١ لسنة ٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٩١ لسنة ٤ دستورية
– – – ١ – – –
وحيث أنه يبين من أحكام القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ٦١ بتأميم بعض الشركات و المنشآت و قوانين التأميم اللاحقة و من بينها القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ السالف الاشارة إليه، أن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميم المشروعات – جزئياً أو كلياً – صورة نقل ملكيتها مباشرة إلى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضى تبعا لذلك شخصيتها الاعتبارية التى كانت لها قبل التأميم، و إنما رأى أن يكون تأميمها عن طريق نقل ملكية اسهمها – جميعها أو جزء منها بحسب نطاق التأميم – إلى الدولة مع الإبقاء على شخصيتها الاعتبارية التى كانت تتمتع بها قبل التأميم بحث تظل هذه المشروعات محتفظة بنظامها القانونى و ذمتها المالية مستقلين عن شخصية و ذمة الدولة و تستمر فى مباشرة نشاطها، و تبقى بالتالى مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن جميع الإلتزامات التى تحملت بها قبل التأميم. و من ناحية أخرى فان المشرع رغبة منه فى تنظيم حقوق دائنى هذه الشركات و المنشآت – و حتى لا تتأثر بسبب ما طرأ عليها من تحول نتيجة لخضوعها للقرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ سالف البيان – قرر مسئولية الدولة عن التزامات هذه المشروعات فى حدود ما آل إليها من أموالها و حقوقها فى تاريخ صدور القانون، مردداً بذلك حكم القواعد العامة فى شأن استقلال ذمة المشروعات المؤممة وعدم مسئوليته عن التزاماتها إلا عند التصفية فى حدود قيمة اسهمه ثم جاوز المشرع ذلك – بالنسبة إلى الشركات التى لم تكن اسهمها متداولة فى البورصة و التى مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور أو المنشآت غير المتخذة شكل شركة مساهمة – إلى النص على أن تكون أموال زوجات و أولاد أصحاب المشروعات المؤممة ضامنة للوفاء بالتزاماتها الزائدة على أصولها، فأنشاء بذلك ضمانا آخر استثنائيا – هو محل الطعن فى الدعوى الماثلة – أجاز بمقتضاه لدائنى هذه المشروعات الرجوع على تلك الأموال إذا لم تكن أصول المشروع – المسئول عن التزاماتة كاملة – كافية للوفاء بها
– – – ٢ – – –
وحيث أنه يبين من أحكام القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ٦١ بتأميم بعض الشركات و المنشآت و قوانين التأميم اللاحقة و من بينها القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ السالف الاشارة إليه، أن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميم المشروعات – جزئياً أو كلياً – صورة نقل ملكيتها مباشرة إلى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضى تبعا لذلك شخصيتها الاعتبارية التى كانت لها قبل التأميم، و إنما رأى أن يكون تأميمها عن طريق نقل ملكية اسهمها – جميعها أو جزء منها بحسب نطاق التأميم – إلى الدولة مع الإبقاء على شخصيتها الاعتبارية التى كانت تتمتع بها قبل التأميم بحث تظل هذه المشروعات محتفظة بنظامها القانونى و ذمتها المالية مستقلين عن شخصية و ذمة الدولة و تستمر فى مباشرة نشاطها، و تبقى بالتالى مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن جميع الإلتزامات التى تحملت بها قبل التأميم. و من ناحية أخرى فان المشرع رغبة منه فى تنظيم حقوق دائنى هذه الشركات و المنشآت – و حتى لا تتأثر بسبب ما طرأ عليها من تحول نتيجة لخضوعها للقرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ سالف البيان – قرر مسئولية الدولة عن التزامات هذه المشروعات فى حدود ما آل إليها من أموالها و حقوقها فى تاريخ صدور القانون، مردداً بذلك حكم القواعد العامة فى شأن استقلال ذمة المشروعات المؤممة وعدم مسئوليته عن التزاماتها إلا عند التصفية فى حدود قيمة اسهمه ثم جاوز المشرع ذلك – بالنسبة إلى الشركات التى لم تكن اسهمها متداولة فى البورصة و التى مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور أو المنشآت غير المتخذة شكل شركة مساهمة – إلى النص على أن تكون أموال زوجات و أولاد أصحاب المشروعات المؤممة ضامنة للوفاء بالتزاماتها الزائدة على أصولها، فأنشاء بذلك ضمانا آخر استثنائيا – هو محل الطعن فى الدعوى الماثلة – أجاز بمقتضاه لدائنى هذه المشروعات الرجوع على تلك الأموال إذا لم تكن أصول المشروع – المسئول عن التزاماتة كاملة – كافية للوفاء بها
– – – ٣ – – –
أن الداساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة ١٩٢٣ على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة و عدم المساس بها الا على سبيل الإستثناء و فى الحدود و بالقيود التى التى أوردتها، و ذلك باعتبارها فى الأصل ثمرة النشاط الفردى و حافزة على الإنطلاق و التقدم، فضلاً عن أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التى يجب تنميتها و الحفاظ عليها لتؤدى وظيفتها الإجتماعية فى خدمة الإقتصاد القومى . و من أجل ذلك، حظرت الدساتير نزع الملكية الخاصة جبراً عن صاحبها الا للمنفعة العامة و مقابل تعويض وفقا للقانون ” المادة ٩ من كل من دستور سنة ١٩٢٣ و دستور سنة ١٩٣٠ و المادة ١١ من دستور سنة ١٩٥٦ و المادة ٥ من دستور سنة ١٩٥٨ و المادة ١٦ من دستور ١٩٦٤ و المادة ٣٤ من دستور سنة ١٩٧١” . كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم الا لاعتبارات الصالح العام و بقانون و مقابل تعويض “المادة٣٥” و حظر المصادرة العامة حظراً مطلقاً، و لم يجز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائى “المادة٣٦”
– – – ٤ – – –
وحيث أنه لما كان مقتضى نص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ – المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – حسبما يبين من عبارتها المطلقة تحميل أموال الزوجات و الأولاد بضمان الوفاء بالتزامات الشركات و المنشآت المشار إليها فى هذه الفقرة – الزائدة على أصولها، حال أنه لا علاقة لهم بها و دون أن يكون ثمة وجه لمسئوليتهم عنها فضلاً عما اتسم به هذا الضمان من شمول لجميع أموال الزوجات و الأولاد و لو كانت فى مصدرها منبتة الصلة بالشركات أو بأصحابها.
و لما كان ذلك، و كان خلق هذا الضمان الاستثنائى الذى حمل به المشرع أموال الزوجات و الأولاد وفاء لديون لا شأن لهم بها مؤداه الحتمى تجريد هؤلاء من ملكيتهم لهذه الأموال و نزعها جبراً عنهم عند التنفيذ عليها اقتضاء لتلك الديون بما قد يصل إلى حد حرمانهم منها جميعاً عند استغراق الديون لقيمة الأموال. و إذ كان ذلك لا يعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة و لا يعتبر من صور تأميم المشروعات، فان النص التشريعى المطعون عليه يشكل اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة ٣٤ من الدستور التى تقضى بأن الملكية الخاصة مصونة
مادة ٣ من قانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ – تقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت – مقضي بعدم الدستورية
– – – ٥ – – –
أنه و أن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية و أن الرقابة القضائية على دستورية التشريعات لا تمتد الى ملاءمة اصدارها، الا أن هذا لا يعنى اطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود و الضوابط التى نص عليها الدستور، هذا فضلاً عن أن تنظيم المشرع لحق الملكية فى اطار وظيفتها الاجتماعية ينبغى الا يعصف بهذا الحق أو يؤثر على بقائة على نحو ما سلكة النص المطعون علية إذ تعرض الملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها حدوداً وقواعد معينة على ما سلف بيانة الأمر الذى يحتم اخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة. حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المستأنف عليه الاول بصفته مصفيا لشركة التجارة والتبادل للشرق الاوسط “سليم نخله وشركاه” الخاضعه لاحكام القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت، كان قد أقام الدعوى رقم ٤٠٢٥ لسنة ١٩٧٩ مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المستأنفة والمستأنف عليهما الثانى والثالث بصفتيهما طالبا الحكم بأحقيته فى اقتضاء مبلغ ٢٠٥ر٧٣٣١٧ جنيهاً من المستانفة وبصحة اجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع تحت يد المستأنف عليه الثانى بصفته – الممثل القانونى لجهاز تصفية الحراسات – على صافى ثمن حصة المستأنفة فى العقار الذى تقرر التخلى لها عنه بعد رفع الحراسة عن أموالها، وذلك استنادا إلى ما أسفر عنه تقرير لجنة تقويم رأس مال الشركة من زيادة خصومها على أصولها بمبلغ حدده التقرير يلتزم به الشريك المتضامن… ويستخلص من أمواله الخاصة أموال زوجته… وابنته (المستأنفة). وبجلسة ١٢ مارس سنة ١٩٨١ قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بإجابة المصفى (المستأنف عليه الاول) الى طلباته تأسيساً على ما ثبت لها من قرار لجنة التقويم وعلى ما نصت عليه المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ – المعدلة بالقرار بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – من أن تكون أموال أصحاب الشركات والمنشآت الخاضعة لاحكامه وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات والمنشآت – فطعنت المستأنفة على هذا الحكم بالاستئناف رقم ٣٢١٤ سنة ٩٨ قضائية. وبجلسة ٢٥ أبريل سنة ١٩٨٢ قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلا وبوقف الدعوى واحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم١١٨ لسنة ١٩٦١ المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢. وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى استنادا الى أن قرار الاحالة جاء خلوا من بيان أوجه مخالفة النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته لنص المادة ٣٤ من الدستور المدعى بمخالفته خروجا على ما توجبه المادة ٣٠ من قانون المحكمة الدستورية العليا. وحيث أنه يبين من قرار الاحالة أن المحكمة تراءى لها عدم دستورية نص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١٨ لسنة ١٩٦١ – المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – فيما تضمنته من أن أموال زوجات واولاد أصحاب الشركات والمنشآت المبينة بالمادة تكون ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصولها لمخالفته نص المادة (٣٤) من الدستور مشيرة بذلك الى أن تحميل أموال الزوجات والاولاد بضمان ديون لا شأن لهم بها أصلا مؤداه المساس بملكيتهم لهذه الأموال. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٠ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ اذ أوجبت أن يتضمن القرار الصادر بالاحالة الى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة اليها بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة. انما تطلبت – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ذكر هذه البيانات الجوهرية التى تنبئ – عن جدية الدعوى الدستورية، ويتحدد به موضوعها، حتى يتاح لذوى الشأن فيها ومن بينهم الحكومة – أن يتبينوا جميع جوانبها، ويتمكنوا فى ضوء ذلك من أبداء ملاحظاتهم وردودهم عليها، بحيث تتولى هيئة المفوضين تحضير الدعوى وتحديد المسائل الدستورية والقانونية المثارة وتبدى فيها رأيها مسببا، وكان ما ورد فى قرار الاحالة واضح الدلالة فى بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة على النحو الذى يتحقق به ما تغياه المشرع فى المادة (٣٠) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار أليه، فان الدفع بعدم قبول الدعوى يكون فى غير محله متعينا رفضه. وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية. وحيث إن القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى المادة الاولى منه على أنه “يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون (ومن بينها شركة التجارة والتبادل للشرق الأوسط سليم نخله وشركاه) شكل شركة مساهمة عربية وأن تساهم فيها أحدى المؤسسات العامة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن ٥٠% من رأس المال”، وأوجب فى المادة الثانية على الشركات والمنشآت المشار إليها أن توفق أوضاعها مع أحكام هذا القانون خلال المهلة التى حددها وأجاز عند الاقتضاء تخفيض حصة كل مساهم أو شريك فى رأس المال بمقدار النصف، قضى فى الفقرة الأولى من المادة الثالثة بأن تحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر أقفال ببورصة الاوراق المالية بالقاهرة قبل صدور القانون ونظم فى الفقرتين الثانية والثالثة كيفية تقويم الاسهم التى لم تكن متداولة فى البورصة أو التى مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور وكذلك تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة. ثم نص فى الفقرات الثلاثة الاخيرة من المادة المذكورة – والتى أضيفت بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – على الآتى: الفقرة الرابعة:”ولا تسأل الدولة عن التزامات الشركات والمنشآت المشار اليها فى المادة (١) الا فى حدود ما آل اليها من أموالها وحقوقها فى تاريخ صدور القانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ المشار إليه” الفقرة الخامسة: “وبالنسبة الى الشركات والمنشآت المشار إليها فى الفقرتين الثانية والثالثة تكون أموال اصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات والمنشآت”. الفقرة السادسة والاخيرة: “ويكون للدائنين حق امتياز على جميع هذه الاموال”. وحيث أنه يبين من أحكام القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٦١ بتأميم بعض الشركات والمنشآت وقوانين التأميم اللاحقة، ومن بينها القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ السالف الاشارة اليه، أن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميم المشروعات – جزئيا أو كليا – صورة نقل ملكيتها مباشرة الى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضى تبعا لذلك شخصيتها الاعتبارية التى كانت لها قبل التأميم، وانما رأى أن يكون تأميمها عن طريق نقل ملكية اسهمها – جميعها أو جزء منها بحسب نطاق التأميم – الى الدولة مع الابقاء على شخصيتها الاعتبارية التى كانت تتمتع بها قبل التأميم بحيث تظل هذه المشروعات محتفظة بنظامها القانونى وذمتها المالية مستقلتين عن شخصية وذمة الدولة وتستمر فى مباشرة نشاطها وتبقى بالتالى مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن جميع الالتزامات التى تحملت بها قبل التأميم. ومن ناحية أخرى فان المشرع رغبة منه فى تنظيم حقوق دائنى هذه الشركات والمنشآت – وحتى لا تتأثر بسبب ما طرأ عليها من تحول نتيجة لخضوعها للقرار بقانون رقم ١١٨لسنة ١٩٦١ سالف البيان – قرر مسئولية الدولة عن التزامات هذه المشروعات فى حدود ما آل اليها من أموالها وحقوقها فى تاريخ صدور القانون، مرددا بذلك حكم القواعد العامة فى شأن استقلال ذمة المساهم عن ذمة المشروعات المؤممة، وعد مسئوليته عن التزاماتها الا عند التصفية، وفى حدود قيمة أسهمه، ثم جاوز المشرع ذلك – بالنسبة الى الشركات التى لم تكن أسهمها متداولة فى البورصة أو التى مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور أو المنشآت غير المتخذة شكل شركة مساهمة – الى النص على أن تكون أموال زوجات وأولاد أصحاب المشروعات المؤممة ضامنة للوفاء بالتزاماتها الزائدة على أصولها، فأنشأ بذلك ضماناً لآخر استثنائيا – هو محل الطعن فى الدعوى الماثلة – أجاز بمقتضاه لدائنى هذه المشروعات الرجوع على تلك الأموال اذا لم تكن أصول المشروع – المسئول أصلا عن التزاماته مسئولية كاملة – كافية للوفاء بها. وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها منذ دستور سنة ١٩٢٣ على النص على مبدأ صون الملكية الخاصة، وعدم المساس بها الا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود وبالقيود التى اوردتها، وذلك باعتبارها فى الاصل ثمرة النشاط الفردى، وحافزه على الانطلاق والتقدم، فضلا عن أنها مصدر من مصادر الثروة القومية التى يجب تنميتها والحفاظ عليها لتؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى، ومن أجل ذلك، حظرت الدساتير نزع الملكية الخاصة جبرا عن صاحبها الا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون (المادة ٩ من كل من دستور سنة ١٩٢٣، ودستور سنة ١٩٣٠ والمادة ١١ من دستور سنة ١٩٥٦، والمادة ٥ من دستور سنة ١٩٥٨، والمادة ١٦ من دستور سنة ١٩٦٤، والمادة ٣٤ من دستور سنة ١٩٧١) كما نص الدستور القائم صراحة على حظر التأميم لإعتبارات التصالح العام وبقانون ومقابل تعويض – (المادة ٣٥) – وحظر المصادرة العامة حظرا مطلقا، ولم يجز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائى (المادة ٣٦). وحيث أنه لما كان مقتضى نص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ – المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – حسبما يبين من عبارتها المطلقة تحميل أموال الزوجات والاولاد بضمان الوفاء بالتزامات الشركات والمنشآت – المشار اليها فى هذه الفقرة – الزائدة على أصولها، حال أنه لا علاقة لهم بها ودون أن يكون ثمة وجه لمسئوليتهم عنها، فضلا عما اتسم به هذا الضمان من شمول لجميع أموال الزوجات والاولاد ولو كانت فى مصدرها منبته الصلة بالشركة أو بأصحابها. ولما كان ذلك، وكان خلق هذا الضمان الاستثنائى الذى حمل به المشرع أموال الزوجات والاولاد وفاء لديون لا شأن لهم بها، مؤداه الحتمى تجريد هؤلاء من ملكيتهم لهذه الاموال ونزعها جبرا عنهم عند التنفيذ عليها اقتضاء لتلك الديون بما قد يصل الى حد حرمانهم منها جميعا عند استغراق الديون لقيمة الاموال، واذ كان ذلك لا يعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة ولا يعتبر من صور تأميم المشروعات، فان النص التشريعى المطعون عليه يشكل اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة ٣٤ من الدستور التى تقضى بأن الملكية الخاصة مصونة. ولا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت اليه الحكومة من أن النص محل الطعن يبرره ويسانده ما قرره المشرع من أن حقوق دائنى تلك الشركات والمنشآت أولى بالرعاية والتفضيل على حقوق زوجات وأولاد أصحابها وذلك فى أطار السلطة التقديرية المخولة له عند وضع القواعد المنظمة للحقوق ومنها حق الملكية الخاصة التى لا يحول دون صونها ترتيب حقوق للغير عليها وفق الملاءمات التى يراها محققه للمصلحة العامة ولا تمتد اليها الرقابة الدستورية، ذلك أنه وأن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، وأن الرقابة القضائية على دستورية التشريعات لا تمتد الى ملاءمة إصدارها الا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور، هذا فضلا عن أن تنظيم المشرع لحق الملكية فى اطار وظيفتها الاجتماعية ينبغى الا يصف بهذا الحق أو يؤثر على بقائه على نحو ما سلكه النص المطعون عليه اذ تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها حدودا وقواعد معينة على ما سلف بيانه الامر الذى يحتم اخضاعه لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية. وحيث أنه لما تقدم، يتعين الحكم بعدم دستورية النص المطعون عليه. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت – المعدلة بالقرار بقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٦٢ – فيما تضمنته من النص على أن تكون أموال زوجات وأولاد أصحاب الشركات والمنشآت المبينة بها ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات والمنشآت