حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٨٩ لسنة ١٢ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٨٩ لسنة ١٢ دستورية
تاريخ النشر : ٠٤ – ٠٦ – ١٩٩٢

منطوق الحكم : رفض دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة برفض طلب الحكم فى الفصل فى دستورية القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ بشان مكافحة الدعارة.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
قضاء المحكمة الدستورية العليا برفض المطاعن الشكلية للتشريع ، ينسحب إلى هذه المطاعن وحدها ، و لا يطهر النصوص التشريعية المطعون عليها مما قد يشوبها من مثالب موضوعية أو يعتبر مانعاً كل ذى مصلحة من طرحها على هذه المحكمة وفقاً لقانونها .

– – – ٢ – – –
من المقرر أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ ، يدل على أن الدستور – و اعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية ، بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً ترد إليه هذه النصوص ، أو تستمد منه لضمان توافقها مع تلك المبادئ و دون إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية و قيدها بمراعاتها ، و النزول عليها فى ممارستها لإختصاصاتها الدستورية ، و كان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه ، يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً فى وجوده على هذه النصوص ذاتها ، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معياراً للقياس فى مجال الشرعية الدستورية ، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية التى لا تخل بتلك المبادئ ، و تراقبها المحكمة الدستورية العليا ، صادرة بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور الذى تقاس على مقتضاه ، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها ، هى تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذى أدخله الدستور على مادته الثانية بحيث إذا إنطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية ، . و إذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين و اللوائح ، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه بمنأى عن الخضوع لحكمه .

– – – ٣ – – –
من المقرر أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ ، يدل على أن الدستور – و اعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية ، بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً ترد إليه هذه النصوص ، أو تستمد منه لضمان توافقها مع تلك المبادئ و دون إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية و قيدها بمراعاتها ، و النزول عليها فى ممارستها لإختصاصاتها الدستورية ، و كان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه ، يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً فى وجوده على هذه النصوص ذاتها ، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معياراً للقياس فى مجال الشرعية الدستورية ، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية التى لا تخل بتلك المبادئ ، و تراقبها المحكمة الدستورية العليا ، صادرة بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور الذى تقاس على مقتضاه ، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها ، هى تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذى أدخله الدستور على مادته الثانية بحيث إذا إنطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية ، . و إذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين و اللوائح ، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه بمنأى عن الخضوع لحكمه .

– – – ٤ – – –
القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ مايو سنة ١٩٨٠ – و المتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه ، و منها القرار بقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ بشأن مكافحة الدعارة . إذا كان ذلك ، و كان لم يلحق أحكام هذا القرار أى تعديل بعد التاريخ المذكور، فإن النعى عليها – و حالتها هذه – بمخالفة المادة الثانية من الدستور – و أياً كان وجه الرأى فى مدى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون غير سديد ، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى .

[الطعن رقم ٨٩ – لسنــة ١٢ ق – تاريخ الجلسة ١٦ / ٠٥ / ١٩٩٢ – مكتب فني ٥ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٣٣٨ – تم رفض هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . وحيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أقامت الدعوى الجنائية سالفة البيان قبل المدعى عليهم باتهام المدعى عليها الأولى بأنها اعتادت على ممارسة الدعارة مع الباقين دون تمييز مقابل أجر وأنها عرضت صوراً منافية للآداب بطريقة مباشرة وبالمجان على النحو المبين بالأوراق ، والمدعى عليه الثانى بأنه أدار شقته للدعارة والفجور على النحو المبين بالأوراق ، وأنه مع المدعى عليهما الآخيرين حاولوا واتفقوا وساعدوا على ممارسة الدعارة والفجور مع الأولى ، وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالمواد ٦ فقرة أولى (أ) ، ٨ ، ٩ من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ ، والمادة ١٧٨ فى فقرتيها ١ ، ٢ من قانون العقوبات . وحيث إنه يبين من حكم الأحالة أن محكمة الموضوع قد تراءى لها – بعد استعراضها أحكام جريمة الزنا فى الشريعة الإسلامية – أن القرار بقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ بشأن مكافحة الدعارة والتى أحالت النيابة العامة المدعى عليهم إلى المحاكمة الجنائية مطالبة عقابهم بنصوصه على النحو المشار إليه إذ يقضى بعقوبة الحبس على الأفعال المنسوبة إليهم على نقيض ما هو مقرر فى شأنه فى أحكام الشريعة الإسلامية من عقوبة الرجم على الزانى والزانية فى حالة الإحصان ، وعقوبة الجلد إن لم يكونا محصنين ، فقد انطوى بذلك على مخالفة المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع . وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بجلسة ١٨ من ابريل سنة ١٩٩٢ فى الدعوى رقم ٣٢ لسنة ١١ ق دستورية ” برفضها ، على أساس من أن ما أثارته هذه الدعوى من مناع على القرار بقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ بشأن مكافحة الدعارة فى الجمهورية العربية المتحدة يعتبر من المطاعن الشكلية ، والتى لا تنطوى على أية مخالفة للدستور ، وأن قضاءها ينسحب إلى هذه المطاعن وحدها ، ولا يطهر النصوص التشريعية المطعون عليها مما قد يشوبها من مثالب موضوعية أو يعتبر مانعاً لكل ذى مصلحة من طرحها على هذه المحكمة وفقاً لقانونها . وحيث إن المادة ٦ فى فقرتها الأولى (أ) من القرار بقانون المشار إليه تنص على أن ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات : (‌أ) كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإتفاق المالى ” ، كما نص فى المادة الثامنة منه على أن ” كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت فى إدارته بالحبس … ” ، ونص كذلك – وفى المادة التاسعة منه على أن ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن …. ” ( أ ) كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة ………………… (‌ب) كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة ……… (‌ج) كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة …….. ” وحيث إنه يبين من تعديل الدستور الذى تم بتاريخ ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ أن المادة الثانية منه أصبحت تنص على أن ” الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ” بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور فى ١١ من سبتمبر سنة ١٩٧١ على أن ” الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع ” . وحيث إنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ يدل على أن الدستور – واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع تلك المبادئ ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها فى ممارستها لاختصاصاتها الدستورية ، وكان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً فى وجوده على هذه النصوص ذاتها ، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معياراً للقياس فى مجال الشرعية الدستورية تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية التى لا تخل بتلك المبادئ ، وتراقبها هذه المحكمة ، صادرة بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور الذى تقاس على مقتضاه ، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها ، هى تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذى أدخله الدستور على مادته الثانية بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية . وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح ، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لحكمه . وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان مبنى الطعن مخالفة المواد السادسة فقرة أولى (أ) والثامنة والتاسعة من القرار بقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ سالفة البيان للمادة الثانية من الدستور لخروجها فيما قررته من عقوبات فى شأن الأفعال المبينة فيها ، على مبادئ الشريعة الإسلامية التى تجعل الزنا من جرائم الحدود وتفرض على من ارتكبه عقوبة بعينها لا يجوز التبديل فيها ، وكان البين مما تقدم أن القيد المقرر بمقتضى هذه المادة بعد تعديلها فى ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ – والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه ومنها القرار بقانون رقم ١٠ لسنة ١٩٦١ المشار إليه ، وكان لم يلحق أحكام هذا القرار بقانون أى تعديل بعد التاريخ المذكور ، فإن النعى عليها وحالتها هذه – بمخالفته المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأى فى مدى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون غير سديد ، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى .

زر الذهاب إلى الأعلى