حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤ لسنة ١٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤ لسنة ١٨ دستورية
تاريخ النشر : ١٣ – ٠٥ – ١٩٩٩

منطوق الحكم : عدم قبول دستورية

مضمون الحكم : بشأن عدم قبول دعوى طلب الحكم بعدم دستورية البند ثالثا من المادة ٧٥ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية

الحكم

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ٢ مايو سنة ١٩٩٩ الموافق ١٦ المحرم سنة ١٤٢٠ ه.
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبدالرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى .
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٤ لسنة ١٨ قضائية دستورية
المقامة من

السيد / عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة النيل لنقل البضائع
ضد
١ – السيد وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لقلم المطالبة بمحكمة استئناف القاهرة
٢ – السيد رئيس قلم المطالبة بمحكمة استئناف القاهرة
٣ – السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات

فى العشرين من يناير سنة ١٩٩٦، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالبا الحكم بعدم دستورية نص البند ثالثا من المادة ٧٥ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم ١٣٠٢٣ لسنة ١٩٨٨ مدنى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد شركة مصر للاستثمار والتنمية بطلب فسخ عقد النقل المبرم بينهما بتاريخ ١٢ / ٤ / ١٩٨٨ مع إلزام الشركة المدعى عليها أن تدفع لها مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار الأدبية والمادية · ثم أقامت شركة مصر للاستثمار والتنمية الدعوى رقم ١٠٨٠ لسنة ١٩٨٩ مدنى أمام ذات المحكمة بطلب فسخ العقد المشار إليه وإلزام الشركة المدعية أن تدفع لها مبلغ ٦١٥٠٠٠ دولارا أمريكيا تعويضا ماديا ومبلغ مليون جنيه تعويضا أدبيا · وبعد ضم الدعويين قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة ٣٠ / ١٢ / ١٩٩٣ برفض الدعوى رقم ١٣٠٣٢ لسنة ١٩٨٨، وفى الدعوى ١٠٨٠ لسنة ٩٨٩ بفسخ عقد النقل المبرم بين الشركتين وإلزام الشركة المدعية أن تدفع لشركة مصر للاستثمار والتنمية مبلغ ٦٧٦٢٤ جنيه تعويضا جابرا لما أصابها من أضرار · وإذ طعنت الشركة المدعية فى هذا الحكم بالاستئناف رقم ٢٤٧٠ لسنة ١١١ قضائية ، فقد قضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة ١٧ / ٨ / ١٩٩٤ بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
وفى ٢٦ / ١١ / ١٩٩٤ أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة أمر تقدير فى كل من المطالبتين رقم ٥٧٩٨، ٥٠٤٤ لسنة ١٩٩٤ – ١٩٩٥، بتقدير الرسوم القضائية ، ورسوم صندوق الخدمات، عن الاستئناف المشار إليه بمبلغ ٤٢٢٥٨٤٩ جنيها، وأعلن الأمران إلى الشركة المدعية فأقامت الدعوى رقم ١٤١٦٩ لسنة ١٩٩٥ مدنى كلى شمال القاهرة طالبة الحكم ببراءة ذمتها من الرسوم موضوع المطالبتين المشار إليهما، وأثناء نظرها دفعت بعدم دستورية نص البند ثالثا من المادة ٥٧ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للشركة باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن البند ثالثا من المادة ٧٥ المشار إليها ينص علي ما يأتى : –
مادة ٧٥ : – يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على الوجه الآتى : –
(ثالثا): فى دعاوى طلب الحكم بصحة العقود أو إبطالها أو فسخها، تقدر قيمتها بقيمة الشئ المتنازع فيه، وفى دعاوى المنازعة فى عقود البدل يقدر الرسم على أكبر قيمة البدلين· وينعى المدعى على هذا النص إخلاله بمبدأ كفالة حق التقاضي المنصوص عليه فى المادة ٦٨ من الدستور، بفرضه رسوماً قضائية باهظة تؤدى عملا إلى إعاقة اللجوء إلى القضاء خشية الأعباء المالية التى تقترن بمباشرة هذا الحق.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية أقامت أمام محكمة النقض الطعن رقم ٨٣٧٤ لسنة ٦٤ قضائية ، طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الاستئناف رقم ٢٤٧٠ لسنة ١١١ قضائية وفى الموضوع بنقضه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها من جديد، وبجلسة ١٢ / ٧ / ١٩٩٥ أمرت محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم قضت بجلسة ١٥ / ٥ / ١٩٩٦ بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لنظرها مجددا، ولا زالت مطروحة عليها .
وحيث إن المادة ٢٧١ من قانون المرافعات تنص فى فقرتها الأولى على أنه يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام، أيا كانت الجهة التى أصدرتها، والأعمال اللا حقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساسا لها ومؤدى ذلك أن نقض الحكم يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول معه جميع الآثار المترتبة عليه لينفتح للخصومة طريق العودة إلى محكمة الاستئناف لمتابعة السير فيها ويعود الخصوم إلى مراكزهم السابقة على صدوره، كما يترتب عليه كذلك إلغاء الأحكام اللاحقة التى كان ذلك الحكم المنقوض أساسا لها، ويقع هذا الإلغاء بقوة القانون وبغير حاجة إلى صدور حكم آخر يقضى به؛ وتلغى أيضا جميع إجراءات التنفيذ التى تمت بناء على الحكم المنقوض.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها – على ماجرى به قضاء هذه المحكمة – قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة فى ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة ، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية ، أولهما أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا ومستقلا بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية ، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلا، وثانيهما أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة هو الذى يحدد فكرة الخصومة الدستورية ويبلور نطاق المسألة الدستورية التى تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التى يقرها القانون هى محصلتها النهائية ، ومن المقرر أن شرط المصلحة من فصل دوما عن توافق النص التشريعى الطعين مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعوى الدستورية فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها، كما اطرد قضاء هذه المحكمة على أنه لا يكفى توافر المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها، فإذا ما زالت المصلحة بعد رفعها وقبل الحكم فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.
وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكانت الدعوى الموضوعية التى أبدى فيها الدفع بعدم الدستورية قد استهدفت بها الشركة المدعية القضاء ببراءة ذمتها من الرسوم التى صدر بتقديرها أمرا التقدير المشار إليهما، وكان هذان الأمران قد صدرا استنادا إلى حكم محكمة استئناف القاهرة بجلسة ١٧ / ٨ / ١٩٩٤ فى الاستئناف رقم ٢٤٧٠ لسنة ١١١ قضائية بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف، وكانت محكمة النقض قد قضت بنقض هذا الحكم، بما يترتب على ذلك من زواله وإلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة له والتى كان الحكم المنقوض أساسا لها – ومن بين ذلك أمرا التقدير سالفا الذكر ومطالبة الشركة المدعية بسداد الرسوم بناء عليهما – فتعود الشركة المدعية إلى مركزها القانونى السابق على صدور حكم الاستئناف المنقوض، ويظل تقدير الرسوم وتحديد الملتزم بها معلقا إلى أن يحسم الأمر نهائيا فى الاستئناف الذى تنظره محكمة استئناف القاهرة مجددا بعد نقض حكمها السابق؛ وينبنى على ذلك – في ضوء قواعد المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية – أمران: –
أولهما : أنه لم يكن للشركة المدعية مصلحة شخصية مباشرة منذ رفع دعواها الماثلة فى الطعن بعدم دستورية البند ثالثا من المادة ٧٥ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ المشار إليه، إلا فيما تضمنه بشأن كيفية تقدير الرسوم فى حالة طلب الحكم بفسخ العقد، دون الأحوال الأخرى الواردة بالنص الطعين.
ثانيهما : أنه بصدور حكم محكمة النقض بنقض الحكم الاستئنافى القاضي برفض استئناف الشركة المدعية وتأييد الحكم المستأنف، وما يترتب على ذلك من زوال الحكم المنقوض والأحكام و
الإجراءات
اللاحقة التى كان ذلك الحكم اساساً لها، فقد زالت مصلحة الشركة المدعية طلب القضاء بعدم دستورية النص الطعين .
وحيث إنه لا ينال مما تقدم قالة إن الشركة المدعية لا تزال مصلحتها قائمة فى الدعوى الماثلة ، على سند من أن الحكم الابتدائى الصادر ضدها لا يزال قائما ومن ثم يتعين عليها سداد الرسوم المستحقة عنه؛ كما أن استئنافها ما فتئ متداولاً أمام محكمة استئناف القاهرة تنظره مجددا وقد يقضى فيه ضدها وعندئذ تلتزم بالرسوم التى ستقدر عليه؛ ذلك أن هذه المقولة بشقيها مردودة أولا: بأنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة ٣ / ١ / ١٩٩٨ فى الدعوى رقم ١٢٩ لسنة ١٨ قضائية << دستورية >> بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ١٤ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية وذلك فيما تضمنته من أن الطعن فى الحكم بطريق الاستئناف لا يحول دون تحصيل الرسوم القضائية ممن حكم ابتدائيا بإلزامه بها، وقد نشر ذلك الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد رقم ٣ بتاريخ ١٥ / ١ / ١٩٩٨، ومن المقرر – استنادا إلى عينية الدعوى الدستورية – أن الأحكام الصادرة فى هذه الدعاوى تحوز – فيما فصلت فيه – حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وتجاه الدولة بمختلف تنظيماتها، بما مؤداه أن مصير عبء الرسوم عن الحكم الابتدائى لا ينحسم إلا بصدور الحكم النهائى في الاستئناف الخاص بفسخ العقد بين الشركتين والتعويض عنه · ومردود ثانيا : بأنه بافتراض صدور حكم ضد الشركة المدعية فى الاستئناف الذى لا يزال متداولا فسوف تصدر استنادا إلى ذلك الحكم أوامر تقدير جديدة للرسوم القضائية المستحقة ، لا صلة لها بالدعوى الموضوعية التى أثير فيها الدفع بعدم الدستورية بشأن المطالبتين اللتين ألغى أمرا التقدير الصادرين بشأنها تبعا لنقض الحكم الاستئنافى وفقا لما سبق بيانه.
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن الدعوى الماثلة قد غدت – بنقض الحكم الاستئنافى الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة ١٧ / ٨ / ١٩٩٤ فى الاستئناف رقم ٢٤٧٠ لسنة ١١١ قضائية – مفتقدة لشرط المصلحة الشخصية المباشرة ، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى