حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٨ لسنة ٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٨ لسنة ٦ دستورية
تاريخ النشر : ١٨ – ٠٦ – ١٩٩٨

مضمون الحكم : حكمت المحكمة: أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعي، من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه، وفقا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وبسقوط المادة ٦ من هذا المرسوم بقانون في مجال تطبيق

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وعبد المجيد فياض أعضاء وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
المصلحة الشخصية المباشرة ــ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ــ مناطها إرتباطها عقلاً بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة لحسمها ، لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، وكان المدعى قد طلب فى دعواه الموضوعية تعويضه عن الأراضى المستولى عليها منه وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعى محدداً مقدار هذا التعويض على ضوء ثمن مثلها وقت الاستيلاء عليها ، فضلاً عن الريع المستحق عنها وما يستجد منه ، وكانت النصوص القانونية التى عينها المشرع مبيناً بها أسس هذا التعويض ومقداره ، هى التى تضمنتها المادتان ٥ و ٦ من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى ، والمادتان ٤ و ٥ من القرار بقانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٦١ بتعديل بعض أحكام هذا القانون ، فإن هذه النصوص وحدها ، هى التى يتحدد على ضوئها موضوع الخصومة الدستورية ، وكذلك نطاق المصلحة الشخصية المباشرة فيها .

– – – ٢ – – –
الدعوى الدستورية تستقل بذاتيتها ومقوماتها وموجباتها عن الدعوى الموضوعية ، فلا تندمجان فى بعضهما ، ولا تتحدان فى أسس الفصل فى كل منهما ، ذلك أن الخصومة الدستورية ، غايتها الفصل فى التعارض المدعى به بين نصوص قانونية أقرها المشرع أو أصدرتها السلطة التنفيذية من جهة ، وقاعدة فى الدستور من جهة أخرى . ولا كذلك الخصومة الموضوعية التى تطرح فى جوانبها الأكثر شيوعاً نزاعاً حول حقوق يدعى الإخلال بها ، ويكون إثباتها أو نفيها ، مدار النضال بين أطرافها . متى كان ذلك ، وكان الدفع بالتقادم المسقط للحق ، يقتضى إبتداء تحديد ما إذا كان الحق المدعى به قد نشأ صحيحاً وفقاً للقانون ، وما إذا كانت المدة التى عينها المشرع لسقوطه قد إكتمل مداها بدءاً من التاريخ المحدد لسريانها ، أم أن عارضاً إعتراها مستوجباً وقفها أو إنقطاع جريانها . وجميعها من الشروط التى تنفرد محكمة الموضوع بتحقيقها والفصل فيها ، ولا شأن لها بالتالى بالخصومة الدستورية التى تنفصل فى موضوعها وبواعثها عنها ، والتى يدور النزاع فيها حول ما إذا كان التعويض المستحق قانوناً عن الأراضى الزراعية المستولى عليها ، يعتبر موافقاً أو مخالفاً للدستور .

– – – ٣ – – –
إلغاء المشرع لنصوص قانونية بذواتها ، يفترض أن يكون التنظيم التشريعى الصادر بإلغائها صحيحاً وفقاً للدستور ، فإذا تقرر بقضاء من هذه المحكمة بطلان هذا التنظيم بكامل أجزائه ، إعتبر أثره منعدماً فى شأن النصوص التى عطل سريانها ، فلا يزول وجودها .

– – – ٤ – – –
قضاء هذه المحكمة فى الدعوى رقم ٣ لسنة ١ المشار إليه ، لم يفصل فيما إذا كان التعويض المقدر وفقاً لأحكام القانونين رقمى ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ و ١٢٧ لسنة ١٩٦١ المشار إليهما ، يعتبر عادلاً أم متدنياً ، ولا كان ذلك من شأنها باعتبار أن النزاع المعروض عليها فى تلك الخصومة ، كان منحصراً فى أموال نقلتها الدولة إليها بلا مقابل ، وما إذا كان نهجها هذا موافقاً أو مخالفاً للدستور ، فلا يتعداه إلى أسس أو مقدار التعويض التى فصلها هذان القانونان .

– – – ٥ – – –
القرار بقانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٦١ المشار إليه ، قد أحال فى شأن أسس التعويض عن الأراضى المستولى عليها وفقاً لأحكامه ، إلى تلك التى تضمنها المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ فى شأن الإصلاح الزراعى ، وكانت أسس التعويض المحددة وفقاً لأحكام هذين القانونين ، هى ذاتها التى تبتها المادة ٩ من القرار بقانون رقم ٥٠ لسنة ١٩٦٩ المشار إليه وهى التى واجهتها هذه المحكمة بحكمها الصادر فى الدعوى رقم ٢٤ لسنة ١٥ قضائية دستورية ، منتهية إلى مخالفتها للدستور . ومن ثم فإن المادة ٥ من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ والمادة ٤ من القرار بقانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٦١ المشار إليهما ، تكونان قد جاوزتا الحدود التى رسمتها المادتان ٣٢ و ٣٤ من الدستور لصون الملكية الخاصة وأهدرتا كذلك مفهوم التعويض الكامل القائم على الاعتداد بكل العناصر التى تتصل بتقدير قيمة الأموال فى تاريخ نزعها من أصحابها وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعى المطعون عليها ، وكان المشرع قد تدخل ــ بالنصوص القانونية المطعون عليها ــ لإجراء مصادرة جزئية لبعض عناصر هذه الأموال ، يمثلها الفرق بين قيمتها الفعلية فى تاريخ الاستيلاء عليها ، وقيمتها المقدرة تشريعياً ، فإن توقيعها على هذا النحو ، يكون مناقضاً نص المادة ٣٦ من الدستور التى لا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى ، ولو فرضها المشرع مبتغياً بها أن يكون جزاءً إدارياً لا جنائياً . والذين يملكون ، يحوزون ــ وفقاً لنص المادة ٤٠ من الدستور ــ الحقوق عينها التى ترتبها الملكية لأصحابها ، وعلى الأخص فى مجال إقتضائها ، والانتفاع بضماناتها التى كفلها الدستور ، وكان تطبيق قوانين الاصلاح الزراعى فى شأن فئة من المواطنين تزيد ملكيتها من الأراضى الزراعية على حد معين ، لا يمثل عقاباً واقعاً فى مجال التأثيم ، ولا يدل على أن حقوقهم فى شأن الأموال الزائدة على هذا الحد يجوز إنتقاصها أو التمييز فى شأنها ، ولا على أن توزيعها على صغار المزارعين ، كان لتعويضهم عما عانوه من تسلط الإقطاع على أرزاقهم ، ذلك أن تصحيح أوضاعهم ، لا يجوز أن يخل بقيم العدل التى ينبغى بسطها على المواطنين فى مجموعهم ، فلا يكون إسباغها على فريق من بينهم ، حائلاً دون إمتداها لغيرهم ومنتهياً إلى حرمان من كانوا يملكون هذه الأموال قبل توزيعها ــ وقد جردوا منها ــ من الحق فى التعويض الكامل عنها ، شأنهم فى ذلك شأن من تنزع ملكيتهم وفقاً للقانون .

زر الذهاب إلى الأعلى