حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١ لسنة ٨ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١ لسنة ٨ دستورية
تاريخ النشر : ٠٤ – ٠٤ – ١٩٨٧

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص علي أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن.

الحكم

برياسة محمد على بليغ رئيس المحكمة وحضور محمود حمدى عبد العزيز ومنير أمين عبد المجيد وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ ومحمد ابراهيم أبو العنين وواصل علاء الدين أعضاء والسيد عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
ان المشرع لم يسبغ على لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات و المنشآت ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات و ضمانات معينة و إنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التى تتخذ شكل شركات مساهمة و تقويم رؤوس أموال المنشآت التى لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها و خصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لأصحابها دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم و تقديم أسانيدهم و تحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضى. و من ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية و تعتبر قراراتها إدارية و ليست قرارات قضائية.

– – – ٢ – – –
أن المادة ٦٨ من الدستور تنص على أن “التقاضى حق مصون و مكفول للناس كافة، و لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى …. و يحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء”. و ظاهر من هذا النص أو الدستور لم يقف عند حد تقرير التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. و قد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأولى الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة. و ذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية و حسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى القرارات. و قد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد، و ذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم و لا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق بإعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها و التمتع بها و رد العدوان عليها.

– – – ٣ – – –
أن الدساتير السابقة قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء و أنهم متساوون فى الحقوق و الواجبات العامة كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة ٤٠ منه. و لما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه – و هو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم و بين غيرهم من المواطنين الذى لم يحرموا من هذا الحق.

– – – ٤ – – –
إن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية و غير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، و هى قرارات إدارية، تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء و إنطوت على مصادرة لحق التقاضى و إخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين ٤٠ و ٦٨ من الدستور.

[الطعن رقم ١ – لسنــة ٨ ق – تاريخ الجلسة ٠٤ / ٠٤ / ١٩٨٧ – مكتب فني ٤ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٢٥ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة. حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية. وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم ١٥٤٤ لسنة ٣٠ قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالبين الحكم بإلغاء قرار لجنة تقويم مضرب أرز… المؤمم بمقتضى القرار بقانون رقم ٤٢ لسنة ١٩٦٢ وذلك بإضافته إلى الجدول رقم ٢ المرفق بالقرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ وبعدم الإعتداد بما انتهى إليه هذا التقويم مع ما يترتب على ذلك من آثار . وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت فيما نصت عليه من أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، لما بدا لها من مخالفتها لنص المادتين ٤٠ و ٦٨ من الدستور، فقد قضت بجلسة ١٧ ديسمبر سنة ١٩٨٥ بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستوريتها. وحيث إن القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى مادته الأولى على أنه : ” يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية وأن تساهم فيها إحدى المؤسسات العامة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن ٥٠% من رأس المال” . وفى مادته الثانية على أنه: ” على الشركات والمنشآت المشار إليها أن توفق أوضاعها مع أحكام هذا القانون فى مهلة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدوره. ويجوز عند الاقتضاء تخفيض حصة كل مساهم أو شريك فى رأس المال بمقدار النصف”، قضى فى مادته الثالثة بأن : ” يحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر إقفال ببورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون. وإذا لم تكن الأسهم متداولة فى البورصة. أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد، على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وتصدر كل لجنة قراراتها فى مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، كما تتولى هذه اللجان تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة… ” كما تقضى مادته الرابعة بأن: ” تؤدى الحكومة قيمة الحصة التى تساهم بها المؤسسات العامة فى رأس مال الشركات والمنشآت المشار إليها بموجب سندات أسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة …”. وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع لم يسبغ على لجان التقويم المشكلة طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ سالف البيان – ولاية الفصل فى خصومات تنعقد أمامها بقرارات حاسمة طبقاً لإجراءات وضمانات معينة، وإنما عهد إليها بمهمة لا تعدو تحديد أسعار أسهم بعض الشركات التى تتخذ شكل شركات مساهمة وتقويم رؤوس أموال المنشآت التى لم تتخذ هذا الشكل لتقدير أصولها وخصومها توصلاً لتحديد قيمة التعويض الذى قد يستحق قانوناً لأصحابها، دون أن يفرض على تلك اللجان إخطار ذوى الشأن للمثول أمامها لسماع أقوالهم وتقديم أسانيدهم وتحقيق دفاعهم أو يوجب عليها تسبيب ما تصدره من قرارات إلى غير ذلك من الإجراءات القضائية التى تتحقق بها ضمانات التقاضي، ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية وتعتبر قراراتها قرارات إدارية وليست قرارات قضائية. وحيث إن المادة ٦٨ من الدستور تنص على أن : “التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.. ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء” . وظاهر من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وقد خص الدستور هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة، وذلك رغبة من المشرع الدستورى فى توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر حق الطعن فى هذه القرارات. وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد، وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ورد العدوان عليها. وحيث إنه من ناحية أخرى فإن الدساتير سالفة الذكر قد تضمن كل منها نصاً على أن المواطنين لدى القانون سواء، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، كما ورد فى الدستور القائم هذا النص فى المادة ٤٠ منه، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها – ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق. لما كان ذلك، فإن المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ إذ نصت على أن قرارات لجان التقويم – المشكلة طبقاً لأحكامه – قرارات نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن، وهى قرارات إدارية – على ما سلف بيانه – تكون قد حصنت تلك القرارات من رقابة القضاء وانطوت على مصادرة لحق التقاضى وإخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين فى هذا الحق مما يخالف المادتين ٤٠ و ٦٨ من الدستور الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها. “لهذه الأسباب” حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٨ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة فى بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن.

زر الذهاب إلى الأعلى