حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ١٥ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ١٥ دستورية
تاريخ النشر : ٠٩ – ٠٢ – ١٩٩٥

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة: أولاً: بعدم دستورية الفقرة الأولي من المادة ٤٠ من قانون التأمين الإجتماعي الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ وذلك فيما نصت عليه من أنه إذا أعاد صاحب المعاش إلي عمل بإحدي الجهات التي خرجت من مجال تطبيق قانون التأمين الإجتماعي لوجود ناظم بديل مقرر وفقا للقانون، يوقف صرف معاشه أعتباراً من الشهر التالي وذلك حتي تاريخ انتهاء خدمته بالجهات المشار إليها، أو بلوغه السن المنصوص عليها بالبند ١ من المادة ١٨ أيهما اسبق. ثانيا: بسقوط ما

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم ابو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور أعضاء وحنفى على جبالى المفوض ورأفت محمد عبد الواحد أمين السر .

– – – ١ – – –
مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التامين الأجتماعى انه ” إذا عاد صاحب المعاش إلى عمل يخضعه لأحكام هذا التأمين أو لإحدى الجهات التى خرجت من مجال تطبيق هذا القانون لوجود نظام بديل مقرر وفقا لقانون يوقف صرف معاشه اعتبارا من أول الشهر التالى، وذلك حتى تاريخ انتهاء خدمته بالجهات المشار إليها، أو بلوغه السن المنصوص عليها بالبند ١ من المادة ١٨ أيهما أسبق ” كما تنص فقرتها الثانية على أنه ” إذا كان الجر الذى سوى عليه المعاش أو مجموع ما كان يتقاضاه من أجر فى نهاية مدة خدمته السابقة أيهما أكبر، يجاوز الجر المستحق له عن العمل المعاد إليه من المعاش الفرق بينهما على أن يخفض الجزء الذى يصرف من المعاش المقرر بمقدار ما يحصل عليه من زيادات فى أجرة ” .

– – – ٢ – – –
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا، على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام قاضى الموضوع فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة بما مؤداه أنه يكفى لقبولها ان يكون النص _ بتطبيقه على المدعى _ قد أخل باحدى الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، وكان النزاع الموضوعى – فى الخصومة الماثلة _ يقوم على حق المدعين فى الجع بين معاشاتهم عن مدة خدمتهم السابقة، وما يحصلون عليه من أجر من شركة الاتحاد العربى للنقل البحرى التى تعتبر من الخاضعين لحكام قانون التأمين الاجتماعى لوجود نظام تأمين بديل مقرر لها يخرجها من دائرة هذا القانون، فإن مصلحتهم الشخصية والمباشرة لا تمتد إلى الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى بتمامها، بل تنحصر فيما يتعلق من أجزائها بنزاعهم الموضوعى وكذلك بما يكون مرتبطا بنطاق الطعن من أجزاء فقرتها الثانية، ارتباطا لا يقبل التجزئة .

– – – ٣ – – –
نظم الدستور بالفصل الخامس من بابة الرابع، الأحكام الرئيسية التى يقوم عليها بنيان المحكمة الدستورية العليا، فأفرغها فى صورة هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، واختصها دون غيرها بمباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وعهد إلى المشرع بتفصيل ما ورد إجمالا من قواعد هذه الرقابة وعلى الأخص ما يتعلق منها بوسائلها وإجراءاتها، وكان الأصل أن تتواخى المحكمة الدستورية العليا من خلال رقابتها هذه تقرير قيام المخالفة الدستورية أو نفيا على ضوء الوحدة العضوية للنصوص الدستورية، بما يكفل اتساقها وتكاملها فيما بينها، وكان بحثها هذا يقتضيها ألا تقف عند النصوص الدستورية التى قال المدعى أو محكمة الموضوع بمخالفتها، بل عليها أن تستوثق من اتفاق، أو تعارض النصوص المطعون عليها مع الدستور، منظورا اليه فى مجموع أحكامه فلا تتقيد بنص منها دون غيره، بل تجيل بصرها فيها جميعا، وعليها بالتالى أن تقيم المخالفة الدستورية _ إذا ثبت لها صحتها _ على ما يتصل بها منم أحكام الدستور، ولو كانت غير التى حددها حكم الإحالة الصادرة عن محكمة الموضوع.

– – – ٤ – – –
الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، انها سلطة تقديريه ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من اطلاقها، وتكون تخوما لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، ولا يجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التى كفلها الدستورية أو تهميشها، عدوان على مجالاتها الحيوية التى لا تتنفس إلا من خلالها the breathing space بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية _ وفيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها _ بعيدا عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التى انتهجها المشرع فى موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض فى ملاءمة تطبيقها عملا، ولا أن تنحل للنص المطعون فيه أهدافا غير التى رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية بل يكيفها ان تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة فى ذلك أغراضا يقتضيها الصالح العام فى شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها، مرتبطة عقلا بها .

– – – ٥ – – –
ليس العمل ترفا ولا هو منحة من الدولة تبسطها أو تقبضها وفق مشيئتها لتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يمنعون منها ولا يجوز كذلك إكراه العامل لآداء عمل لا يقبل عليه باختياره، ولا التمييز فى نطاق شروط العمل فيما بين المواطنين بعضهم البعض لاعتبار لا يتعلق بقيمة العمل، أو غير ذلك من الشروط الموضوعية التى يقوم عليها ذلك ان الفقرة الأولى من المادة ١٣ من الدستور تنظم العمل بوصفة حقا لكل مواطن لا يجوز إهدارها أو تقييده بما يعطل جوهره وواجبا يلتزم بمسئولية النهوض بتبعاته، وشرفا يرنو إليه وهو باعتباره كذلك ولأهميته فى تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها، والصلته الوثيقة بالحق فى التنمية بمختلف جوانبها، ولضمان تحقيق الإنسان لذاته، والحرياته الأساسية، وكذلك إعمال ما يتكامل معها من الحقوق، تولية الدولة اهتمامها، وتزيل العوائق من طريقة وفقا لإمكاناتها، وبوجه خاص إذا امتاز العامل فى أدارته وقام بتطويره . ولا يجوز بالتالى أن يتدخل المشرع ليعطل حق العمل، ولا أن يتذرع اعتسافا بضرورة صون أخلاق العامل أو سلامته أو صحته للتعديل فى شروط العمل، بل يتعين أن يكون تنظيم هذا الحق غير مناقض لجوهره، وفى الحدود التى يكون فيها هذا التنظيم منصفا ومبررا .

– – – ٦ – – –
الأصل فى العمل أن يكون إراديا قائما على الآختيار الحر، ذلك أن علائق العمل قوامها شراء الجهة التى تقوم باستخدام العامل لقوة العمل بعد عرضها عليه. فلا يحمل المواطن على العمل حملا بأن يدفع إليه قسرا، أو يفرض عليه عنوة الا أن يكون ذلك وفق القانون، وبوصفة تدبيرا استئنائيالاشباع غرض عام، وبمقابل عادل . وهى شروط تطلبها الدستور فى العمل الإلزامى ، وقيد المشرع بمراعاتها فى مجال تنظيمه كى لا يتخذ شكلا من الأشكال السخرة المنافية فى جوهرها للحق فى العمل باعتباره شرفا ، والمجافية للمادة ١٣ من الدستور بفقرتها .

– – – ٧ – – –
إذا كان اقتضاء الأجر العادل مشروطا بالفقرة الثانية من المادة ١٣ من الدستور ، كمقابل لعمل تحمل الدولة مواطنيها عليه قسرا ، أستيفاء من جانبها لدواعى الخدمة العامة، ونزولا على مقتضياتها، فإن الوفاء بهذا الأجر توكيدا للعدل الاجتماعى، وإعلاء لقدر الإنسان وقيمته، واعترافا بشخصيته المتنامية، وما يتصل بها من الحقوق الأجتماعية والاقتصادية، يكون بالضرورة التزاما أحق بالحماية الدستورية ، كلما كان مقابلا لعمل تم أداؤه فى نطاق رابطة عقيدته أو علاقة تنظيمية ارتبط طرفلها بها، وتحدد ا؟لأجر من خلالها، وذلك انطلاقا من ضرورة التمكن للقيم الأصلية الخلقية والاجتماعية التى يلتزم المجتمع بالتحلى بها ، والتماس الطرق إليها، والعمل على إرسائها على ما تقضى به المادة ١٢من الدستور ونزولا على حقيقة أن الجر وفرص العمل وربطهما معا بالإنتاجية، تمثل جميعها ملامح أساسية لخطة التنمية الشاملة التى تنظم اقتصاد الدولة ، وتتوخى زيادة الدخل القومى، وتضمن عدالة توزيعه وفقا لحكم المادة ٢٣ من الدستورية، ولأن الأجر _ محددا وفق شروط مرضية _ ضمانه جوهرية لأسهام المواطن فى الحياة العامة بمختلف صورها، وهو اسهام غدا واجبا وطنيا طبقا لنص المادة ٦٢ من الدستور .

– – – ٨ – – –
إذ عهد الدستورية بنص المادة ١٢٢ إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التى تتقرر بموجبها على خزانه الدولة، مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآتهم على أن ينظم احوال الاستثناء منها، والجهات التى تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التى نفى باحتياجاتهم الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها، بما مؤداه أن التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق، يكون مجانبا أحكام الدستور، منافيا لمقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها .

– – – ٩ – – –
ينهض الحق فى المعاش _ إذا توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون _ التزاما على الجهة التى تقرر عليها وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعى _ على تعاقبها _ إذ يبين منها أن المعاش الذى تتوافر _ بالتطبيق لأحكامها _ شروط اقتضائه، عند انتهاء خدمة المؤمن علية وفقا للنظم المعمول بها يعتبر التزاما مترتبا بنص القانون فى ذمة الجهة المدنية وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد فى أتجاه دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة، ان تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية _ الاجتماعية منها والصحية _ بما فى ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم فى الحدود التى يبينها القانون، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى _ التى يمتد نطاقها إلى الاشخاص المشمولين بها _ هى التى تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الأنسانيه التى لا تمتهن فيها آدميته، والتى توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق فى الحياة أهم روافدها، والحقوق التى يمليها التضامن بين افراد الجماعة التى يعيش فى محيطها، مقوماتها، بما يؤكد انتماء إليها وتلك هى الأسس الجوهرية التى لا يقوم المجتمع بدونها، والتى تعتبر المادة ٧ من الدستور مدخلا إليها .

– – – ١٠ – – –
اذ كان البين من الأوراق أن المدعين كانوا قد عينوا بشركة الاتحاد العربى للنقل البحرى، بعد انتهاء خدمتهم بجهاتهم الأصلية التى استحقوا عنها _ قبل بلوغهم سن التقاعد _ المعاش المقرر وفقا لنظمها، واستمروا خلال عملهم بها يجمعون بين أجورهم عن هذا العمل ومعاشاتهم تلك، إلى ان تقرر حرمانهم منها اعمالا لنص الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى السالف بيانها، باعتبار أنهم عادوا _ بعد استحقاقهم المعاش – للعمل فة جهة تقرر لها نظام بديل للتامين ، وكان الحق فى معاشاتهم تلك لا يعتبر منافيا للحق فى اجورهم ، ولا يحول دون اجتماعهما باعتبارهما مختلفين مصدرا وسببا، ذلك ذلك أنه بينما يعتبر نص القانون مصدرا مباشرا للحق فى معاشاتهم، فان أجورهم مرجعها إلى قيام رابطة العمل التعاقدية، وترتد إليها فى مصدرها المباشر . كذلك يعبر المعاش مستحقا عن مدد خدماتهم الأصلية بالجهات التى كانوا يعملون بها، وأدوا عنها حصصهم فى التأمين الاجتماعى وفقا للقواعد التى تقرر المعاش بموجبها وتحدد مقدارة على ضوئها، وذلك خلافا للأجور التى يستحقونها من الجهة التى عادوا للعمل بها، إذ تعتبر مقابلا مشروعا لعملهم فيها، باعثا دفعهم إلى التعاقد معها ليكون القيام بهذا العمل سببا لاستحقاقها .

– – – ١١ – – –
إذ كانت الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى، تدل بعباراتها على أن المشرع عامل أجور المدعين باعتبارها بديلا عن معاشاتهم حال أن الالتزام لا يكون بدليا إلا إذا قام المحل الأصلى، وهو بذلك يفترض مدينا واحدا تقرر البدل لمصلحته، إذ تبرا ذمته إذا أداه بدل المحل الأصلى ولا كذلك حق المدعين فى الجمع بين المعاش والاجر، وذلك أن الالتزام بهما ليس مترتبا فى ذمة مدين واحد، ولا يقوم ثانيهما مقام أولهما، فضلا عن أختلافهما مصدرا . ومن ثم ينحل العدوان على أيهما إلى إخلال بالملكية الخاصة التى كفل الدستور فى المادة ٣٤ منه اصل الحق فيها واحاطها بالحماية اللازمة لصونها، والتى جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على انصرافها إلى الحقوق الشخصية والعينية على سواء واتساعها بالتالى للأموال بوجه عام .

– – – ١٢ – – –
إذ تقضى الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى بأنه إذا كان الأجر الذى سوى عليه المعاش، او مجموع ما كان يتقاضاه من اجر فى نهاية مدة خدمته السابقة أيهما أكبر، يجاوز الأجر المستحق له عن العمل المعاد إليه يؤدى إليه من المعاش الفرق بينهما أكبر،علي أن يخفض الجزاء الذى يصرف من المعاش بمقدار ما يحصل عليه من زيادات فى أجره، وكانت هذه الفقرة تتناول بحكمها فئتين من أصحاب المعاش، اولاهما من عاد منهم إلى عمل يخضعه لأحكام قانون التأمين الاجتماعى، ثانيتهما من عاد منهم إلى عمل بحدى الجهات التى تخرج من مجال تطبيق هذا القانون لوجود نظام تامين بديل مقرر لها، وكان نطاق الطعن الماثل قد انحصر فى الفئة الثانية، وكان ما يتصل من أحكام الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التامين الاجتماعى بتلك الفئة التى اقتصر عليها مجال الطعن، يرتبط بأجراء الفقرة الولى من المادة ٤٠ المشار إليها _ والتى انتهت المحكمة على ما سلف إلى عدم دستوريتها _ ارتباطا لا يقبل التجزئة، ولا يمكن فصلها عنها، فإنها تسقط تبعا لإبطالها .

[الطعن رقم ١٦ – لسنــة ١٥ ق – تاريخ الجلسة ١٤ / ٠١ / ١٩٩٥ – مكتب فني ٦ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٤٩٤ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة ٠ حيث إن الوقائع – على مايبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين بعد أن تركوا الخدمة بالجهات التى كانوا يعملون بها واستحقوا المعاش المبكروفقاً للقانون ، عينوا بشركة الاتحاد العربى للنقل البحرى > فامكو < ، واستمروا يجمعون بين معاشاتهم هذه ، وأجورهم عن عملهم الجديد بالشركة ، إلى ان تقررحرمانهم من معاشاتهم وذلك بوقف صرفها ومطالبتهم برد ماسبق أن دُفع لهم منها ، ثم اتخاذ إجراءات الحجز الإدارى قبلهم لاستردادها ، وذلك إعمالاً لنص المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ بعد تعديلها بالقانونين رقمى ٩٣ لسنة ١٩٨٠ ، ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ ٠ وإذ ترتب على إعمال حكمها فى حقهم حرمانهم من الحق فى الجمع بين معاشاتهم عن مدة خدمتهم السابقة ، وأجورهم عن عملهم بالشركة التى عينوا فيها ، فقد أقاموا – لاقتضاء هذا الحق – الدعوى رقم ٥٤٤ لسنة ١٩٩٢ عمال أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية التى تراءى لها بحكمها الصادر فى ٣١ يناير ١٩٩٣، أن المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى بمنعها الجمع بين المعاش والأجر فى الحدود التى بينتها ،إنما تقيم تمييزاً يناقض مبدأ المساواه أمام القانون بين المخاطبين بها من ناحية ، والمعاملين بأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٧٥ من ناحية أخرى ، مما يقتضى أن تحيل ملف الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا ، وذلك للفصل فى دستورية المادة ٤٠ المشار إليها ٠ وحيث إن هيئة قضايا الدولة ذهبت إلى أن النزاع الموضوعى ينحصر فى أحقية المدعين فى الجمع بين معاشاتهم عن مد د خدمتهم السابقة ، وأجورهم التى يتقاضونها من شركة الاتحاد العربى للنقل البحرى ، وهى إحدى الجهات التى خرجت من مجال تطبيق قانون التأمين الاجتماعى ، لوجود نظام بديل مقرر وفقاً للقانون ٠ وفيما يجاوز هذا النطاق من أحكام الفقرة الأولي من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى ، تكون الدعوى الدستورية الراهنة غير مقبولة وحيث إن البين من الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى أنها تقضى بما يأتى << إذا عاد صاحب المعاش إلى عمل يٌخضعه لأحكام هذا التأمين أو لإحدى الجهات التى خرجت من مجال تطبيق هذا القانون لوجود نظام بديل مقرر وفقاً لقانون ، يوقف صرف معاشه اعتباراً من أول الشهر التالى ، وذلك حتى تاريخ انتهاء خدمته بالجهات المشار إليها ، أو بلوغه السن المنصوص عليها بالبند ١ من المادة ١٨ أيهما أسبق >> كما تنص فقرتها الثانية على أنه << إذا كان الأجر الذى سوى عليه المعاش أو مجموع ماكان يتقاضاه من أجر فى نهاية مدة خدمته السابقة أيهما أكبر، يجاوزالأجرالمستحق له عن العمل المعاد إليه ، يؤدى إليه من المعاش الفرق بينهما ، على أن يخفض الجزء الذى يصرف من المعاش المقرر بمقدار ما يحصل عليه من زيادات فى أجره >> . وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى الدستورية ، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطه بها والمطروحة أمام قاضى الموضوع ، فإذا لم يكن له بها من صلة ، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة ، بما مؤداه أنه لايكفى لقبولها أن يكون النص التشريعى المطعون عليه مخالفاً فى ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعى – قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً ، وكان النزاع الموضوعى – فى الخصومة الماثلة – يقوم على حق المدعين فى الجمع بين معاشاتهم عن مدة خدمتهم السابقة ، ومايحصلون عليه من أجر من شركة الاتحاد العربى للنقل البحرى التى لاتعتبر من الخاضعين لأحكام قانون التأمين الاجتماعى لوجود نظام تأمين بديل مقرر لها يخرجها من دائرة هذا القانون ، فإن مصلحتهم الشخصية والمباشرة لاتمتد إلى الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى بتمامها، بل تنحصر فيما يتعلق من أجزائها بنزاعهم الموضوعى ، وكذلك بما يكون مرتبطا بنطاق الطعن من أجزاء فقرتها الثانية ارتباطاً لايقبل التجزئة . وحيث إن الدستور نظم بالفصل الخامس من بابه الرابع الأحكام الرئيسية التى يقوم عليها بنيان المحكمة الدستورية العليا ، فأفرغها فى صورة هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، واختصها دون غيرها بمباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وعهد إلى المشرع بتفصيل ماورد إجمالاً من قواعد هذه الرقابة ، وعلى الأخص مايتعلق منها بوسائلها وإجراءاتها ، وكان الأصل أن تتوخى المحكمة الدستورية العليا من خلال رقابتها هذه ، تقرير قيام المخالفة الدستورية أو نفيها على ضوء الوحدة العضوية للنصوص الدستورية ، بما يكفل اتساقها وتكاملها فيما بينها ، وكان بحثها هذا يقتضيها ألا تقف عند النصوص الدستورية التى قال المدعى أو محكمة الموضوع بمخالفتها ، بل عليها أن تستوثق من اتفاق أو تعارض النصوص المطعون عليها مع الدستور منظوراً إليه فى مجموع أحكامه، فلا تتقيد بنص منها دون غيره ، بل ُتجيل بصرها فيها جميعاً ، وعليها بالتالى أن تقيم المخالفة الدستورية إذا ثبت لها صحتها – على مايتصل بها من أحكام الدستور ، ولوكانت غير التى حددها حكم الإحالة الصادر عن محكمة الموضوع . وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية مالم يٌقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها ، وتكون تخوماً لها لايجوز اقتحامها أو تخطيها ، وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية ، فإن ماتقره من القواعد القانونية بصدده ، لايجوز أن ينال من الحق محل الحماية الدستورية سواء بالنقض أو الانتقاص ، ذلك أن إهدار الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها ، عدوان على مجالاتها الحيوية التى لاتتنفس إلا من خلالها The breathing space، بما مؤداه أن تُباشرالسلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية – وفيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها – بعيداً عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا ، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية – السياسة التى انتهجها المشرع فى موضوع معين ، ولا أن تناقشها ، أو تخوض فى ملاءمة تطبيقها عملاً ، ولا أن تنحل للنص المطعون فيه أهدافاً غير التى رمى المشرع إلى بلوغها ، ولاأن تُقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية ، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك مستلهمه فى ذلك أغراضاً يقتضيها الصالح العام فى شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى ، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها ، مرتبطة عقلا بها . وحيث إن البين من أحكام الدستور بما يحقق تكاملها ويكفل عدم انعزال بعضها عن بعض فى إطارالوحدة العضوية التى تجمعها، وتصون ترابطها انه فى مجال حق العمل والتأمين الاجتماعى ، كفل الدستور بنص مادته الثالثة عشر أمرين : أولهما : أن العمل ليس ترفاً يمكن النزول عنه . ولاهو منحة من الدولة تبسطها أو تقبضها وفق مشيئتها لتحدد على ضوئهامن يتمتعون بها أو يمنعون منها ٠ ولا هو إكراه للعامل علي عمل لايقبل عليه باختياره ، أو يقع التمييز فيه بينه وبين غيره من المواطنين لاعتبارلايتعلق بقيمة العمل وغيرذلك من شروطه الموضوعية ٠ ذلك أن الفقرة الأولى من المادة ١٣ من الدستور تنظم العمل بوصفه حقاً لكل مواطن لايجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره ، وواجباً يلتزم بمسئوليته والنهوض بتبعاته ، وشرفاً يرنو إليه ٠ وهو باعتباره كذلك ، ولأهميته فى تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها ، ولصلته الوثيقة بالحق فى التنمية بمختلف جوانبها ، ولضمان تحقيق الإنسان لذاته ، ولحرياته الأساسية ، وكذلك لإعمال ما يتكامل معها من الحقوق ، توليه الدولة اهتمامها ، وتزيل العوائق من طريقه وفقاً لإمكاناتها ، وبوجه خاص إذا امتازالعامل فى أدائه وقام بتطويره . ولايجوز بالتالى أن يتدخل المشرع ليعطل حق العمل ، ولا أن يتذرع اعتسافا بضرورة صون أخلاق العامل أو سلامته أو صحته ، للتعديل فى شروط العمل ، بل يتعين أن يكون تنظيم هذا الحق غير مناقض لجوهره ، وفى الحدود التى يكون فيها هذا التنظيم منصفاً ومبرراً ثانيهما : أن الأصل فى العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيارالحر ، ذلك أن علائق العمل قوامها شراء الجهة التى تقوم باستخدام العامل لقوة العمل بعد عرضها عليها ٠ فلا يحمل المواطن على العمل حملاً بأن يدفع إليه قسراً ، أو يفرض عليه عنوة ، إلا أن يكون ذلك وفق القانون وبوصفه تدبيراً استثنائياً لاشباع غرض عام وبمقابل عادل ٠ وهى شروط تطلبها الدستور فى العمل الإلزامى ، وقيد المشرع بمراعاتها فى مجال تنظيمه كى لايتخذ شكلاً من أشكال السخرة المنافية فى جوهرها للحق فى العمل باعتباره شرفاً ، والمجافية للمادة ١٣ من الدستور بفقرتيها . وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان اقتضاء الأجر العادل مشروطاً بالفقرة الثانية من المادة ١٣ من الدستور كمقابل لعمل تحمل الدولة مواطنيها عليه قسراً استيفاءً من جانبها لدواعى الخدمة العامة ونزولاً على مقتضياتها ، فإن الوفاء بهذا الأجر توكيداً للعدل الاجتماعى ، وإعلاءً لقدرالانسان وقيمته ، واعترافاً بشخصيته المتنامية ومايتصل بها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ، يكون بالضرورة التزاماً أحق بالحماية الدستورية وأكفل لموجباتها كلما كان مقابلاً لعمل تم آداؤه فى نطاق رابطة عقدية أو علاقة تنظيمية ارتبط طرفاها بها ، وتحدد الأجر من خلالها ، وذلك انطلاقاً من ضرورة التمكين للقيم الأصيلة الخلقية والاجتماعية التى يلتزم المجتمع بالتحلى بها ، والتماس الطرق اليها ، والعمل على إرسائها على ماتقضى به المادة ١٢ من الدستور ، ونزولاً على حقيقة أن الأجر وفرص العمل وربطهما معا بالإنتاجية ، تمثل جميعها ملامح أساسية لخطة التنمية الشاملة التى تنظم اقتصاد الدولة ، وتتوخى زيادة الدخل القومى ، وتضمن عدالة توزيعه وفقاً لحكم المادة ٢٣ من الدستور ، ولأن الأجر مٌحددا وفق شروط مرضية ضمانة جوهرية لإسهام المواطن فى الحياة العامة بمختلف صورها ، وهو إسهام غدا واجباً وطنيا طبقا لنص المادة ٦٢ من الدستور . حيث إن الدستورإذ عهد بنص المادة ٢٢١ منه إلى المشرع بصوغ القواعد القانونية التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة ، مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم ومكافآتهم على أن ينظم أحوال الاستثناء منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها ، فذلك لتهيئة الظروف التى تفى باحتياجاتهم الضرورية ، وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز ، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها ، بما مؤداه أن التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق ، يكون مجانباً أحكام الدستور، منافياً لمقاصده ، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أويفرغها من مضمونها٠ ولازم ذلك أن الحق فى المعاش اذا توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون إنما ينهض التزاماً على الجهة التى تقرر عليها ٠ وهو ماتؤكده قوانين التأمين الاجتماعى على تعاقبها إذ يبين منها أن المعاش الذى تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقاً للنظم المعمول بها ، يعتبر التزاماً مترتباً بنص القانون فى ذمة الجهة المدنية ٠ وإذا كان الدستورقد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد فى اتجاه دعم التأمين الاجتماعى ، حين ناط بالدولة ، أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية الاجتماعية منها والصحية بما فى ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم فى الحدود التى يبينها القانون ، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى التى يمتد نطاقها إلى الاشخاص المشمولين بها هى التى تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التى لاتمتهن فيها آدميته ، والتى توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم ، ولضمانة الحق فى الحياة أهم روافدها ، وللحقوق التى يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التى يعيش فى محيطها ، مقوماتها ، بما يؤكد انتماءه إليها ٠ وتلك هى الأسس الجوهرية التى لايقوم المجتمع بدونها ، والتى تعتبر المادة ٧ من الدستور مدخلاً إليها ٠ وحيث إن البين من الأوراق أن المدعين كانوا قد عينوا بعد انتهاء خدمتهم بجهاتهم الأصلية التى استحقوا عنها قبل بلوغهم سن التقاعد ، المعاش المقرر وفقاً لنظمها بشركة الاتحاد العربى للنقل البحرى ، واستمروا خلال عملهم بها يجمعون بين أجورهم عن هذا العمل ومعاشاتهم تلك ، إلى أن تقرر حرمانهم منها إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى السالف بيانها ،باعتبار أنهم عادوا بعد استحقاقهم المعاش للعمل فى جهة تقرر لها نظام بديل للتأمين ، وكان الحق فى معاشاتهم تلك لا يعتبر منافياً للحق فى أجورهم ، ولايحول دون إجتماعهما باعتبارهما مختلفين مصدراً وسبباً ، ذلك أنه بينما يعتبر نص القانون مصدراً مباشراً للحق فى معاشاتهم ، فإن أجورهم مرجعها إلى قيام رابطة العمل التعاقدية ، وترتد إليها فى مصدرها المباشر ٠ كذلك يعتبر المعاش مستحقاً عن مدد خدمتهم الأصلية بالجهات التى كانوا يعملون بها وأدوا عنها حصصهم فى التأمين الاجتماعى وفقاً للقواعد التى تقرر المعاش بموجبها وتحدد مقداره على ضوئها ، وذلك خلافاً للأجور التى يستحقونها من الجهة التى عادوا للعمل بها ، إذ تعتبرمقابلاً مشروعاً لعملهم فيها ، وباعثا دفعهم إلى التعاقد معها ، ليكون القيام بهذا العمل سبباً لاستحقاقها ، وكانت الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى ، تدل بعباراتها على أن المشرع عامل أجور المدعين باعتبارها بديلاً عن معاشاتهم ، حال أن الالتزام لايكون بدلياً إلا إذا قام المحل البديل فيه مقام المحل الأصلى ، وهو بذلك يفترض مدينا واحداً تقرر البدل لمصلحته ، إذ تبرأ ذمته إذا أداه بدل المحل الأصلى ٠ ولاكذلك حق المدعين فى الجمع بين المعاش والأجر ، ذلك أن الالتزام بهما ليس مترتباً فى ذمة مدين واحد ، ولايقوم ثانيهما مقام أولهما ، فضلا عن اختلافهما مصدراً ٠ ومن ثم ينحل العدوان على أيهما إلى إخلال بالملكية الخاصة التى كفل الدستورفى المادة ٣٤ منه أصل الحق فيها ، وأحاطها بالحماية اللازمة لصونها ، والتى جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على انصرافها إلى الحقوق الشخصية والعينية على سواء ، واتساعها بالتالى للأموال بوجه عام ٠ وحيث إنه متى كان ماتقدم ، فإن النص المطعون عليه بالتحديد السالف البيان يكون قد خالف أحكام المواد ٧ و ١٢ و٣١ و ٣٤ و٢٦ و٢٢١ من الدستور ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستوريته ٠ وحيث إن الفقرة الثانية من المادة ٤٠ المشار إليها تقضى بأنه إذا كان الأجر الذى سوى عليه المعاش ، أو مجموع ما كان يتقاضاه من أجر فى نهاية مدة خدمته السابقة أيهما أكبر ، يجاوز الأجر المستحق له عن العمل المعاد إليه ، يؤدى إليه من المعاش الفرق بينهما ، على أن يخفض الجزء الذى يصرف من المعاش بمقدار مايحصل عليه من زيادات فى أجره ، وكانت هذه الفقرة تتناول بحكمها فئتين من أصحاب المعاش ، أولاهما من عاد منهم الى عمل يُخضعه لاحكام قانون التأمين الاجتماعى ، ثانيتهما من عاد منهم إلى عمل بإحدى الجهات التى تخرج من مجال تطبيق هذا القانون لوجود نظام تأمين بديل مقرر لها ، وكان نطاق الطعن الماثل قد انحصر فى الفئة الثانية ، وكان مايتصل من أحكام الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى بتلك الفئة التى اقتصر عليها مجال الطعن ، يرتبط بأجزاء الفقرة الأولى من المادة ٤٠ المشار إليها – والتى انتهت المحكمة على ماسلف إلى عدم دستوريتها ارتباطا لا يقبل التجزئة ولايمكن فصلها عنها ، فإنها تسقط تبعاً لابطالها ٠ فلهذه الأسباب حكمت المحكمة أولا بعدم دستورية الفقرة الاولى من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ وذلك فيما نصت عليه من أنه إذا عاد صاحب المعاش إلى عمل بإرر وفقا للقانون ، يوقف صرف معاشه اعتبارا من أول الشهر التالى وذلك حتى تاريخ انتهاء خدمته بالجهات المشار إليها ، أو بلوغه السن المنصوص عليها بالبند ١ من المادة ١٨ أيهما أسبق ٠ ثانيا بسقوط مايتصل بها من أحكام الفقرة الثانية من المادة ٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى

زر الذهاب إلى الأعلى