حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ٨ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٦ لسنة ٨ دستورية
نعى المدعى على المادة “١١ مكرراً ” من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ – بشآن علاج الآثار المترتبة على تسوية حالات بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية – أنها إذ إنطوت على تحديد ميعاد نهائى لرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون غايته ٣٠ يونية سنة ١٩٨٤ ، و حظرت تعديل المركز القانونى للعامل بعد هذا التاريخ على وجه من الوجوه ، فإن النص المطعون عليه يكون قد قيد السلطة القضائية فى مزاولة إختصاصها بأن منعها من سماع الدعوى بعد هذا الميعاد مما يخل بحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة “٦٨” من الدستور – مردود بأن المشرع إنطلاقاً من رغبته فى تصحيح أوضاع العاملين المدنيين فى الدولة و القطاع العام ، أقر بالتشريعات التى عينها النص المطعون فيه القواعد القانونية المنظمة لحقوق العاملين على نحو تتحقق لهم بها التسوية التى إرتآها منصفة لأوضاعهم الوظيفية ، منشئأ لهم بموجبها حقاً فى هذه التسوية عند توافر شروطها ، و لم يجعل النص المطعون فيه حقهم فى رفع الدعوى لإقتضائها عند النزاع فيها مطلقاً من القيود ، بل قيد التداعى بشأنها بميعاد يسقط بإنتهائه الحق فى إقامة الدعوى ، مستهدفاً بذلك تصفية المنازعات المتعلقة بحقوق العاملين تصفية نهائية تستقر بها مراكزهم القانونية صوناً للمصلحة العامة كى لا يستطيل النزاع بينهم و بين الجهة التى يعملون بها ، و هو ما حرص النص المطعون فيه على توكيده حين حظر بعد إنتهاء الميعاد الذى عينه لرفع الدعوى تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه إستناداً لأحكام التشريعات التى عددها ما لم يكن ذلك التعديل تنفيذاً لحكم قضائى نهائى . إذ كان ذلك ، و كان الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها يحول دون إطلاقها ، و كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل و بين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره ، و كان النص المطعون فيه لا ينال من ولاية القضاء ، و لا يعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، بل يقتصر على تحديد ميعاد يسقط بفواته الحق فى إقامة الدعوى بطلب الحقوق التى كفلتها التشريعات التى حددها النص المطعون فيه ، فلا ينقطع جريانها أو يقف سريانها لتعلقها بالنظام العام ، لما كان ذلك ، و كان المشرع يفرض هذه المواعيد لتحقيق المهمة التى ناطها بها و هى أن تكون حداً زمنياً نهائياً إجراء عمل معين ، فإن التقيد بها – و بإعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل التى عينها خلال الموعد الذى حدده – لا يعنى مصادرة الحق فى الدعوى ، بل يظل هذا الحق قائماً ما بقى ميعاد رفعها مفتوحاً ، و ليس ذلك إلا تنظيماً تشريعياً للحق فى التقاضى لا مخالفة فيه لنص المادة “٦٨” من الدستور .
– – – ٢ – – –
نعى المدعى على المادة “١١ مكرراً ” من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ – بشآن علاج الآثار المترتبة على تسوية حالات بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية – أنها إذ إنطوت على تحديد ميعاد نهائى لرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون غايته ٣٠ يونية سنة ١٩٨٤ ، و حظرت تعديل المركز القانونى للعامل بعد هذا التاريخ على وجه من الوجوه ، فإن النص المطعون عليه يكون قد قيد السلطة القضائية فى مزاولة إختصاصها بأن منعها من سماع الدعوى بعد هذا الميعاد مما يخل بحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة “٦٨” من الدستور – مردود بأن المشرع إنطلاقاً من رغبته فى تصحيح أوضاع العاملين المدنيين فى الدولة و القطاع العام ، أقر بالتشريعات التى عينها النص المطعون فيه القواعد القانونية المنظمة لحقوق العاملين على نحو تتحقق لهم بها التسوية التى إرتآها منصفة لأوضاعهم الوظيفية ، منشئأ لهم بموجبها حقاً فى هذه التسوية عند توافر شروطها ، و لم يجعل النص المطعون فيه حقهم فى رفع الدعوى لإقتضائها عند النزاع فيها مطلقاً من القيود ، بل قيد التداعى بشأنها بميعاد يسقط بإنتهائه الحق فى إقامة الدعوى ، مستهدفاً بذلك تصفية المنازعات المتعلقة بحقوق العاملين تصفية نهائية تستقر بها مراكزهم القانونية صوناً للمصلحة العامة كى لا يستطيل النزاع بينهم و بين الجهة التى يعملون بها ، و هو ما حرص النص المطعون فيه على توكيده حين حظر بعد إنتهاء الميعاد الذى عينه لرفع الدعوى تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه إستناداً لأحكام التشريعات التى عددها ما لم يكن ذلك التعديل تنفيذاً لحكم قضائى نهائى . إذ كان ذلك ، و كان الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها يحول دون إطلاقها ، و كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل و بين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره ، و كان النص المطعون فيه لا ينال من ولاية القضاء ، و لا يعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، بل يقتصر على تحديد ميعاد يسقط بفواته الحق فى إقامة الدعوى بطلب الحقوق التى كفلتها التشريعات التى حددها النص المطعون فيه ، فلا ينقطع جريانها أو يقف سريانها لتعلقها بالنظام العام ، لما كان ذلك ، و كان المشرع يفرض هذه المواعيد لتحقيق المهمة التى ناطها بها و هى أن تكون حداً زمنياً نهائياً إجراء عمل معين ، فإن التقيد بها – و بإعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل التى عينها خلال الموعد الذى حدده – لا يعنى مصادرة الحق فى الدعوى ، بل يظل هذا الحق قائماً ما بقى ميعاد رفعها مفتوحاً ، و ليس ذلك إلا تنظيماً تشريعياً للحق فى التقاضى لا مخالفة فيه لنص المادة “٦٨” من الدستور .
– – – ٣ – – –
نعى المدعى على المادة “١١ مكرراً ” من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ – بشآن علاج الآثار المترتبة على تسوية حالات بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية – أنها إذ إنطوت على تحديد ميعاد نهائى لرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون غايته ٣٠ يونية سنة ١٩٨٤ ، و حظرت تعديل المركز القانونى للعامل بعد هذا التاريخ على وجه من الوجوه ، فإن النص المطعون عليه يكون قد قيد السلطة القضائية فى مزاولة إختصاصها بأن منعها من سماع الدعوى بعد هذا الميعاد مما يخل بحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة “٦٨” من الدستور – مردود بأن المشرع إنطلاقاً من رغبته فى تصحيح أوضاع العاملين المدنيين فى الدولة و القطاع العام ، أقر بالتشريعات التى عينها النص المطعون فيه القواعد القانونية المنظمة لحقوق العاملين على نحو تتحقق لهم بها التسوية التى إرتآها منصفة لأوضاعهم الوظيفية ، منشئأ لهم بموجبها حقاً فى هذه التسوية عند توافر شروطها ، و لم يجعل النص المطعون فيه حقهم فى رفع الدعوى لإقتضائها عند النزاع فيها مطلقاً من القيود ، بل قيد التداعى بشأنها بميعاد يسقط بإنتهائه الحق فى إقامة الدعوى ، مستهدفاً بذلك تصفية المنازعات المتعلقة بحقوق العاملين تصفية نهائية تستقر بها مراكزهم القانونية صوناً للمصلحة العامة كى لا يستطيل النزاع بينهم و بين الجهة التى يعملون بها ، و هو ما حرص النص المطعون فيه على توكيده حين حظر بعد إنتهاء الميعاد الذى عينه لرفع الدعوى تعديل المركز القانونى للعامل على أى وجه من الوجوه إستناداً لأحكام التشريعات التى عددها ما لم يكن ذلك التعديل تنفيذاً لحكم قضائى نهائى . إذ كان ذلك ، و كان الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها يحول دون إطلاقها ، و كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى أصيل و بين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره ، و كان النص المطعون فيه لا ينال من ولاية القضاء ، و لا يعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، بل يقتصر على تحديد ميعاد يسقط بفواته الحق فى إقامة الدعوى بطلب الحقوق التى كفلتها التشريعات التى حددها النص المطعون فيه ، فلا ينقطع جريانها أو يقف سريانها لتعلقها بالنظام العام ، لما كان ذلك ، و كان المشرع يفرض هذه المواعيد لتحقيق المهمة التى ناطها بها و هى أن تكون حداً زمنياً نهائياً إجراء عمل معين ، فإن التقيد بها – و بإعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل التى عينها خلال الموعد الذى حدده – لا يعنى مصادرة الحق فى الدعوى ، بل يظل هذا الحق قائماً ما بقى ميعاد رفعها مفتوحاً ، و ليس ذلك إلا تنظيماً تشريعياً للحق فى التقاضى لا مخالفة فيه لنص المادة “٦٨” من الدستور .
– – – ٤ – – –
إن ما ينعاه المدعى من أن نص المادة “١١ مكرراً ” من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ قد خالف مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه فى المادة “٤٠” من الدستور ، بمقولة أن حرمانه العاملين الذين لم يقيموا الدعوى فى الميعاد من التسوية التى يستحقونها ينطوى على التمييز بينهم و بين غيرهم من العاملين من أفراد الطائفة الواحدة ، مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن المساواة المنصوص عليها فى المادة ٤٠ من الدستور ليست مساواة حسابية ، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية و لمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد ، وججب إعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية ، فإذا إنتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط فى بعضهم دون البعض الآخر ، كان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها القانون لهم . لما كان ذلك ، و كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها ، و كان النص المطعون فيه لا يقيم فى مجال الأوضاع الإجرائية التى فرضها لرفع الدعوى ، تمييزاً من أى نوع بين العاملين المخاطبين بها ، بل ساوى بينهم فى التقيد بأحكامه بأن ألزمهم جميعاً بمراعاة الميعاد الذى عينه كحد نهائى يسقط بفواته الحق فى الدعوى المرفوعة من أيهم ، فإن النص المطعون فيه لا يكون قد إنطوى على حرمان طائفة من بينهم من حق التقاضى بعد أن إنتظمتهم جميعاً الأسس الموحدة التى نظم المشرع بها هذا الحق بما لا مخالفة فيه لنص المادة ٤٠ من الدستور .
– – – المحكمة – – –
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم ١٦٠ لسنة ٣٢ قضائية أمام المحكمة الإدارية للنقل والمواصلات ضد السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطرق والكباري طالباً فيها الحكم بأحقيته في إعادة تسوية حالته طبقاً للجدول الثالث المرافق للقانون رقم ١١ لسنة ١٩٧٥ بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام وذلك اعتباراً من تاريخ تعيينه في ١٤ يونيه سنة ١٩٦٠ مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة ١١ مكرراً من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ بشأن علاج الآثار المترتبة على تطبيق القانون رقم ٨٣ لسنة ١٩٧٣ بشأن تسوية حالات بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية المضافة بالقانون رقم ١١٢ لسنة ١٩٨١، والمعدل بالقانونين رقمي ١٠٦ لسنة ١٩٨٢، ٣٣ لسنة ١٩٨٣، وكانت المحكمة الإدارية للنقل والمواصلات قد صرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث أن المادة ١١ مكرراً من القانون ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ المضافة بالقانون رقم ١١٢ لسنة ١٩٨١ المشار إليهما محل الطعن الماثل – التي تنص على أنه “مع عدم الإخلال بنص المادة ٢٤ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ بتنظيم مجلس الدولة، يكون ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة سنة واحدة من تاريخ نشر هذا القانون وذلك فيما يتعلق بالمطالبة بالحقوق التي نشأت بمقتضى أحكام هذا القانون. أو بمقتضى أحكام القوانين أرقام ٨٣ لسنة ١٩٧٣، ١٠، ١١ لسنة ١٩٧٥، ٢٢ لسنة ١٩٧٨، وقرار رئيس الوزراء رقم ١١٨٢ لسنة ١٩٧٦ ….. ولا يجوز بعد هذا الميعاد تعديل المركز القانوني للعامل استناداً إلى أحكام هذه التشريعات على أي وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي”. وبمقتضى أحكام القانون رقم ١٠٦ لسنة ١٩٨٢ مدت المهلة المنصوص عليها في المادة ١١ مكرراً من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ المشار إليه إلى ستة أشهر اعتباراً من ٩ يوليو سنة ١٩٨٢، ثم مدت حتى ٣٠ يونيو ١٩٨٤ بمقتضى أحكام القانون رقم ٣٣ لسنة ١٩٨٣.
وحيث أن المدعي ينعي على المادة ١١ مكرراً من القانون رقم ١٣٥ لسنة ١٩٨٠ المشار إليه أنها انطوت على تحديد ميعاد نهائي لرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون غايته ٣٠ يونيه ١٩٨٤، وحظرت تعديل المركز القانوني للعامل بعد هذا التاريخ على أي وجه من الوجوه ومن ثم يكون النص المطعون عليه قد قيد السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها بأن منعها من سماع الدعوى بعد هذا الميعاد مما يخل بحق التقاضي المنصوص عليه في المادة ٦٨ من الدستور.
وحيث أن هذا النعي مردود بأن المشرع انطلاقاً من رغبته في تصحيح أوضاع العاملين المدنيين في الدولة والقطاع العام، أقر بالتشريعات التي عينها النص المطعون فيه القواعد القانونية المنظمة لحقوق العاملين على نحو تتحقق لهم بها التسوية التي ارتآها منصفة لأوضاعهم الوظيفية، منشئاً لهم بموجبها حقاً في هذه التسوية عند توافر شروطها، ولم يجعل النص المطعون فيه حقهم في رفع الدعوى لاقتضائها عند النزاع فيها مطلقاً من القيود، بل قيد التداعي بشأنها بميعاد يسقط بانتهائه الحق في إقامة الدعوى، مستهدفاً بذلك تصفية المنازعات المتعلقة بحقوق العاملين تصفية نهائية تستقر بها مراكزهم القانونية صوناً للمصلحة العامة كي لا يستطيل النزاع بينهم وبين الجهة التي يعملون بها. وهو ما حرص النص المطعون فيه على توكيده حين حظر بعد انقضاء الميعاد الذي عينه لرفع الدعوى تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه استناداً لأحكام التشريعات التي عددها ما لم يكن ذلك التعديل تنفيذاً لحكم قضائي.
إذ كان ذلك، وكان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق إنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها يحول دون إطلاقها، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضي كحق دستوري أصيل وبين تنظيمه تشريعياً بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره، وكان النص المطعون فيه لا ينال من ولاية القضاء، ولا يعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به، بل يقتصر على تحديد ميعاد يسقط بفواته الحق في إقامة الدعوى بطلب الحقوق التي كفلتها التشريعات التي حددها النص المطعون فيه، شأن هذا الميعاد شأن غيره من المواعيد الحتمية التي يفرضها المشرع ليتم خلالها عمل معين، فلا ينقطع جريانها أو يقف سريانها لتعلقها بالنظام العام. لما كان ذلك. وكان المشرع يفرض هذه المواعيد لتحقيق المهمة التي ناطها بها وهي أن تكون حداً زمنياً نهائياً لإجراء عمل معين، فإن التقيد بها – وباعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغياً به
المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل التي عينها خلال الموعد الذي حدده – لا يعني مصادرة الحق في الدعوى، بل يظل هذا الحق قائماً ما بقى ميعاد رفعها مفتوحاً، وليس ذلك إلا تنظيماً تشريعياً للحق في التقاضي لا مخالفة فيه لنص المادة ٦٨ من الدستور.
وحيث أن ما ينعاه المدعي من أن النص المطعون عليه قد خالف مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في المادة ٤٠ من الدستور، بمقولة أن حرمانه العاملين الذين لم يقيموا الدعوى في الميعاد من التسوية التي يستحقونها ينطوي على التمييز بينهم وبين غيرهم من العاملين من أفراد الطائفة الواحدة، مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن المساواة المنصوص عليها في المادة ٤٠ من الدستور ليست مساواة حسابية، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية ولمقتضيات الصالح العام وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد، وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية، فإذا انتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط في بعضهم دون البعض الآخر، كان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كفلها القانون لهم. لما كان ذلك، وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، وكان النص المطعون فيه لا يقيم في مجال الأوضاع الإجرائية التي فرضها لرفع الدعوى، تمييزاً من أي نوع بين العاملين المخاطبين بها، بل ساوى بينهم في التقيد بأحكامها بأن ألزمهم جميعاً بمراعاة الميعاد الذي عينه كحد نهائي يسقط بفواته الحق في الدعوى المرفوعة من أيهم، فإن النص المطعون فيه لا يكون قد انطوى على حرمان طائفة من بينهم من حق التقاضي بعد أن انتظمتهم جميعاً الأسس الموحدة التي نظم المشرع بها هذا الحق بما لا مخالفة فيه لنص المادة ٤٠ من الدستور.
وحيث أن ما ينعاه المدعي من مخالفة النص المطعون فيه للمادة ٦٤ من الدستور التي تقضي بأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، قالة أن مخالفة النص المطعون عليه للمادتين ٤٠ و٦٨ من الدستور يترتب عليه الخروج على مبدأ الشرعية وسيادة القانون مردود بأنه لما كان مبدأ الشرعية وسيادة القانون يوجب خضوع سلطات الدولة جميعاً للقانون والتزام حدوده في جميع أعمالها وتصرفاتها، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى رفض الطعن بمخالفة النص المطعون عليه للمادتين المشار إليهما، فإن هذا الوجه الأخير من النص يكون بدوره على غير أساس حرياً بالرفض.