حق المتهم في التزام الصمت
بقلم: أشرف الزهوي المحامي
يعد حق المتهم في الصمت من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها أي شخص تنسب له أي دلائل على ارتكاب جريمة، فهو حق أصيل للمتهم، وهو يرتبط بالحق في قرينة البراءة ارتباطا وثيقا لاينفك عنه، فإذا كان الأصل في الإنسان البراءة حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات يغير من هذا الأصل، ويدحضه، فإنه وفقا لهذا المبدأ، فإن المتهم غير ملزم بإبداء أي أقوال، أو تقديم أي أدلة حتى يثبت براءته، ومن ثم يكون له الحق في أن يقف موقفا سلبيا خلال الإجراءات الجنائية التى تتخذ في حقه، وبالتالي يحق له الامتناع عن الكلام والتزام الصمت والامتناع عن تقديم مايبرئه استنادا إلى أن الأصل في الإنسان البراءة ولايجوز أن يؤخذ إمتناع المتهم عن الإجابة عن الأسئلة التي توجه إليه بأنها قرينة على ثبوت التهمة ضده، والقاعدة العامة، هي أنه لايوجد مايلزم أو يجبر الشخص على الكلام أمام أي جهة أو سلطة، فهو حق من حقوق الإنسان
وقد نص الدستور في المادة ٥٥ الفقرة الثالثة على أن للمتهم حق الصمت وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شئ مما تقدم أو التهديد بشئ منه ويحيل بذلك على الفقرة الأولى والثانية من المادة ٥٥ من الدستور التي توجب معاملة كل من يبقض عليه أو تقيد حريته أو يحبس معاملة تحفظ عليه كرامته ولايجوز تعذيبه ولاترهيبه ولاا كراهه ولا إيذائه بدنيا أو معنويا ولايكون حجزه أو حبسه الا في أماكن مخصصة لذلك لائقة نفسيا وصحيا. وأن القاعدة انه لاينسب لساكت قول، وقد أوصت لجنة حقوق الإنسان بهيئة الأمم المتحدة سنة ١٩٦٢ على ذلك بأنه لايجبر احد على الشهادة ضد نفسه ويجب قبل سؤال أو استجواب كل شخص مقبوض عليه أو محبوس أن يحاط علما بحقه في الصمت. كما أكد المؤتمر الدولي الثاني عشر الذي عقدته الجمعية الدولية لقانون العقوبات المنعقد في مدينة هامبورج سنة ١٩٧٩ على ” التزام الصمت حق مقرر لكل متهم في جريمة من المنصوص عليها في قانون العقوبات ويجب إعلام المتهم بهذا الحق” وقد أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الحق واعتبرته بمثابة حق من الحقوق الإنسانية للمتهم، وذلك على الرغم من أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لم يرد بها نص صريح يقرر هذا الحق، الا ان المحكمة الأوروبية حرصت في قضائها على تكريس هذا الحق، تأسيسا على حق المتهم في عدم المساهمة في إدانته استنادا على احترام قرينة البراءة التي يتمتع ويحظى بها
ولم ينص المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية بشكل صريح على حق المتهم في الصمت في مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي، وفي المقابل لم يجرم المشرع المصري حق المتهم في الصمت، فمن حق المتهم الامتناع عن الإجابة على الأسئلة التي توجه إليه من قبل مأمور الضبط القضائي دون أن يقابل إمتناعه هذا جريمة وفقا لأحكام قانون العقوبات ودون أن يتخذ سلوكه هذا قرينه على إدانته
أما في مرحلة المحاكمة فقد نص المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، علي أنه لايحق استجواب المتهم الا اذا قبل ذلك وهو مايفيد بحق المتهم في الصمت في هذه المرحلة ولايجوز أن تتخذ المحكمة من صمت المتهم قرينة ضده على الإدانة. والا كان في ذلك إهدار لقرينة البراءة وماتولد منها من حق الدفاع.
وقد قضت محكمة النقض بأن سكوت المتهم لايصح أن يتخذ قرينة على ثبوت التهمة ووفقا لقضاء محكمة النقض فإن حق المتهم في الصمت حقا معترفا به سواء في مرحلة جمع الاستدلالات أو في مرحلة التحقيق الابتدائي واخيرا في مرحلة المحاكمة، ولايصح التأويل على هذا الصمت كقرينة لإدانة المتهم، لأن القاعدة الأساسية أن الأصل في الانسان البراءة.