حق الدفاع وحرية المحامي في التعبير

 بقلم: يوسف أمين حمدان المحامي

يتمتع المحامي بحرية الدفاع عن حقوق ومصالح موكله داخل أروقة المحاكم وأقسام الشرطة، فحرية الدفاع تقتضي تمكين المحامي من عرض وتقديم دفاعه أمام المحكمة بكامل الاستقلال، تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذى يستلزمه فيستوي أن تصدر العبارات أمام المحاكم وأمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه.

فلحرية الدفاع ضمانة وحماية قررها الدستور ونص عليها قانون العقوبات ونص عليها أيضا قانون المحاماة.

حيث ينص الدستور المصري في مادته رقم “١٩٨” على “المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع ويمارسها المحامي مستقلاََ، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، ويتمتع المحامون جميعََا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، وحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذى يحدده القانون”

 

وقد إعفاء المشرع المصري في قانون العقوبات المحامي من العقوبة المقررة لجرائم القذف والسب والبلاغ الكاذب متى كانت من مستلزمات الدفاع وذلك تطبيقا لضمانة حرية وحق الدفاع للمحامي وحصانة لموكله حال ممارسته بحقه في الدفاع حيث تنص المادة رقم ٣٠٩ من القانون سالف الذكر على أنه “لا تسري أحكام المواد ٣٠٨،٣٠٦،٣٠٥،٣٠٣،٣٠٢ على ما يسنده أحد الأخصام في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم فإن ذلك لا يترتب عليه الا المقاضاة المدنية أو المحاكمة التأديبية”

فحكم المادة ٣٠٩ عقوبات ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذى يستلزمه فيستوى أن تصدر العبارات أمام المحاكم وأمام سلطات التحقيق أو في محاضر الشرطة ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه.

كما أكدت على ذلك أحكام محكمة النقض فمن  اهم الأحكام التي صدرت في هذا الخصوص هي:-

– لما كان من المقرر أن مناط تطبيق المادة ٣٠٩ من قانون العقوبات أن تكون عبارات القذف التي أسندت من الخصم في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن حق مثار النزاع وكان حكم هذه المادة والمادتين ١٣٤،٩١ من قانون المحاماة رقم ٦١ لسنة ١٩٦٨ ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع الذى يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلا من بيان ما ورد بمحضر الجلسة من سياق القول الذى اشتمل على عبارات القذف والسب، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة كان قد استلزمها حق الدفاع أو أنها تخرج عن مقتضيات القدر الذى تقتضيه مرافعة الخصم عن حقه حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم أن عبارات القذف التي قام بها الطاعن لاتمتد إلى حماية القانون فإنه يكون قاصرا قصورا يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على واقعة الدعوى ما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.

“نقض جلسة ١٩٨٠/١١/٦ – السنة ٣١ ص ٩٧٦”

– جرى قضاء محكمة النقض على أن حكم المادة ٣٠٩ من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذى يستلزمه فيستوى أن تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق  أو في محاضر الشرطة ذلك بأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطا بالضرورة الداعية إليه وما فاه به الطاعن من طلب السكوت من جانب المطعون ضده أو في وسائل الدفاع عن نفسه في مقام اتهامه أمام الشرطة باغتصاب أثاث زوجته ورميه أنه يريد أن يعيش من مالها.

“الطعن رقم ٧٨٢ لسنة ٣٩ ق جلسة ١٩٦٩/١٠/٦”

كما عظم قانون المحاماة المصري حرية المحامي في التعبير داخل المحكمة واعتمد حصانة دفاع تتسم بالعمومية، فوفقا لنص المادة ٤٧ “للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجحة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله ولا يكون مسئولا عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكرات المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية.

وايضا نص قانون المحاماة على حقوق وحصانة للمحامي أثناء تأدية عمله في المادة ٤٩ ، فنصت المادة رقم(٤٩) على أنه: (للمحامي الحق في أن يُعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام، واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في القانون المرافعات والاجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيا أو جنائيا، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك).

وكذلك كفل المشرع للمحامي حق لا يجب أن يغفل وهو عدم جواز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه من جرائم الجلسات مثل السب والقذف والإهانة بسبب مرافعته وأداء عمله فقد نصت على ذلك المادة رقم (٥٠) من ذات القانون: (لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه في جرائم المنصوص عليها في المادة (٤٩) وجرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أيا من أعمال المهنة المُشار إليها في هذا القانون، ويحرر في هذه الحالة مذكرة بما حدث وتحال إلى النيابة العامة وتبلغ صورتها إلى مجلس النقابة، وللنائب العام أن يتخذ الإجراءات إذا كان ما وقع من المحامي يشكل جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات، أو أن يُحيله إلى مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالنظام أو الواجب المهني وفي هذه الحالة تجري المحاكمة في جلسة سرية، ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى القاضي أو أحد أعضاء الهيئة التي وقع أمامها الفعل المؤثم).

زر الذهاب إلى الأعلى