حقوق السادة المحامين

بقلم الأستاذ/ وحيد الكيلاني

رئيس لجنة الحوار بالنقابة العامه للمحامين

لقد هالني ما سمعته اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، وما تداوله الزملاء المحامون على صفحاتهم، من تعرض أحد الزملاء للإحالة للنيابة العامه لأنه في أثناء دفاعه ودفوعه قرر أمام المحكمه بالقصور في تحقيقات النيابة العامة.

وإن كان ذلك كذلك.. فإن المسؤلية تنعقد لنا، وأقصد نقابة المحامين بمجلسها العام والفرعي ولجانها العامة الحريات والحوار،
وإن كان غير ذلك فيجب الوقوف على الأسباب لدعم زميلنا بعد معرفة مقاصده ونظنها أنها من مقاصد الدفاع الحر بعيداً عن الأهواء السياسية، والاتجاهات الشخصية، لأنه يجب على الدفاع أن يفصل مابين شرف الدفاع واختلاف الفكر والعقيدة.

ياسادة القانون : إن المحامين ينيرون سبيل العدالة، ويعيدون الحقوق المهضومة إلى ذويها بطول باعهم وقوة دفاعهم في الدعاوى الجنائية والمدنية، وأنهم ليسوا بأدنى نفعًا للإنسانية من أولئك الذين ينقذون أوطانهم.
نعم.. إن المحاماه هي أمل السجين في سجنه، ومرجع الخائف على حقه، والمروع في حياته وماله، المحاماة هي الخبرة والتضحية في أسمي معانيها.

ولما كانت مهنه المحاماه يمارسها السادة المحامين في ظل الشرعية الدستورية والشرعية القانونية لقانون المحاماة،
وقد افرد الدستور فصلا للمحاماه.

ونص في المادة 198 أن : «المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلًا، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام. ويتمتع المحامون جميعًا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال».

ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون.

وقد نص قانون المحاماه 17 لسنه 1983 وما نصت عليه تعديلات هذا القانون حيث ورد بالماده الاولى من قانون المحاماه ان المحاماه مهنه حره تشارك السلطه القضائيه في تحقيق العداله وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفاله حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم ويمارس مهنه المحاماه المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون .

كما اضافت الماده 49 في سبيل ضمانه للمحامي على اعتبار انه الشريك في تحقيق العداله وهو الذي حصنه القانون والدستور بانه يجب ان يتمتع اثناء تأدية عمله امام منصه القضاء بالحمايه الكامله فقد جعلها استثناء من الاحكام الخاصه بنظام الجلسات والجرائم التي تقع اثناء المحاكمات انه اذا وقعت من المحامي اثناء تواجده بالجلسه لاداء واجبه أو بسبب إخلاله بنظام الجلسه أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيا او جنائيا أن يأمر رئيس الجلسه بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها الى النيابه العامه ثم يخطر النقابة الفرعيه المختصه بذلك . وأظن أن هذا الاجراء لم يتم مع الزميل المحامي المشار اليه بالاحاله كما ورد نص بقانون الاجراءات الجنائيه بالماده 245 بأنه لا يجوز ان يكون رئيس الجلسه أو أحد أعضائها عضو في الهيئه التي تنظر ما عساه أن يرفع على المحامي كما فرضت المادة 50 من قانون المحاماة سالف الذكر ضمانه لما يقع من الزميل المحامي اثناء الجلسه بأنه لا يجوز توقيع الأحكام الخاصه بجرائم الجلسات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائيه وانما يأمر رئيس الجلسه بتحرير مذكره وإحالتها إلى النيابه العامه وتخطر النقابه الفرعيه . ويجب علينا أن نضع خطاَ تحت إخطار النقابات الفرعيه ….

إذا الضمانات التي قررها قانون المحاماه وقانون الإجراءات الجنائية، قررت بأنه لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيا، ولا يجوز رفع الدعوي الجنائيه إلا بأمر من النائب العام أو المحامي العام ولا يشترك في نظر الدعوى أحد من أعضاء الهيئه التي وقع عليها الإعتداء.

وقد جاء هذا الإستثناء فيما يتعلق بجرائم الجلسات للمحامي لانه لا يجوز أن نضع السادة المحامين في مواجهات مع باقي السلطات ولا يجوز أن نساوي المحامي بمن يحضر الجلسات من العامه والشهود ، فهو يمارس أعمال وظيفته وقد نصت أيضا التعليمات العامه للنيابات في مادتها 592 بأنه لا يجوز القبض على محام او حبسه احتياطياً لما نسب إليه في الجلسه من جرائم السب والقذف والإهانة بسبب اقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته المهنه وعلى عضو النيابه أن يحرر مذكرة بما حدث في هذه الحاله وأن يرسلها الى المحامي العام أو رئيس النيابه الكليه وإلى مجلس النقابه وذلك دون إخلال بسلطه النيابه العامه في تحقيق هذه الجرائم .

وهناك ضمانه أخرى نصت عليها الماده 587 من التعليمات العامه للنيابات حتى إذا ارتكبت جريمه من السادة المحامين لا صله لها بمهنه المحاماه فيجب على الشرطه اذا كان البلاغ قد ورد اليها ابتداءً إخطار النيابه فوراً لتتولى تحقيق الحادث وعلى النيابه الجزئيه التي تلقت بلاغ الحادث أو اخطرت به ان تتولى تحقيقه وقيده بجداولها مع مراعاه إخطار المحامي العام أو رئيس النيابه الكليه بذلك فورا وقبل البدء في التحقيق ولا يجوز للنيابه العامه أن تكلف الشرطه بتحقيق اي شكوى من الشكاوى التي تقدم ضد الساده المحامين ولا بإجراء استيفاء فيها وإذا اقتضى التحقيق حضور المحامي الى مقر النيابه فيجب طلبه بكتاب خاص يرسل اليه مباشره او الإتصال به بطريق التليفون ولا يجوز طلب المحامي الى النيابه العامه عن طريق الشرطة، وكذلك التي قررتها التعليمات العامه للنيابات في الماده 588 اذا كان موضوع الشكوى المقدمه ضد المحامي يتعلق بمهنته فيجوز للمحامي العام أو رئيس النيابه الكليه الإكتفاء بطلب معلومات من الأستاذ المحامي إلا إذا كان الامر سماع اقوال الشاكي او إجراء تحقيق في ما تضمنته الشكوى فاذا تفاهم طرفي الشكوى او أثبت انها غير جديه فيجب حفظها ما لم يرى المحامي العام أو رئيس النيابه الكليه استطلاع راي المحامي العام لدى محكمه الاستئناف قبل التصرف فيها وقد وفرت التعليمات العامه للنيابات ضمانه اخرى في الماده 589 على انه اذا اتهم المحامي بانه ارتكب جنايه وانه اخل بواجبات او بشرف طائفته او حط من قدرها بسبب سيره في أعمال مهنته أو غيرها فيجب على النيابات ان ترسل التحقيق الذي تجريه في ذلك الى المحامي العام لدى محكمه الاستئناف بمذكره لاستطلاع الرأي قبل التصرف فيها وعليه إرسال الأوراق إلى النائب العام إذا راى محلا لاقامه الدعوي الجنائيه أو التاديبيه.

وقررت التعليمات العامه في نص الماده 593 بانه لا يجوز التحقيق مع محامي او تفتيش مكتبه الا بمعرفه أحد أعضاء النيابه العامه ويجب على عضو النيابه ان يخطر مجلس نقابه المحامين أو مجلس النقابه الفرعيه قبل الشروع في التحقيق في اي شكوى ضد أحد المحامين بوقت مناسب فإذا كان المحامي متهم بجنايه أو جنحه خاصه بعمله فلنقيب المحامين أو رئيس النقابه الفرعيه أو من ينيبة عنه من المحامين حضور التحقيق.

يا سادة.. نحن نمارس مهنه المحاماه سواء في مرافعتنا الشفويه أو المكتوبه بحريه ليست ضمانه للمحامين بل هي ضمانه للمتقاضين قبل أن تكون ضمانه للمحامي فلا يجوز ان تحاط المرافعات بمخاوف من المحامين وما يتم مع زميلنا المحامي هي إشكالية كبيره وذات خطر لاننا ليس لنا غايه الا تحقيق العدل وإرساء مبادئه ولا يجب ان نكون تحت ضغط وترهيب وإرهاب للفكر ان الافكار مبرئه من أي إتهام فلا تتلاقى الارادات في الفكر علي ارتكاب جريمة.

فان الدستور في كل دول العالم قد منح الفكر الحريه، ودفاع الساده المحامين هي افكار لا يجب أن تفرض عليها الرقابه ما لم تتطرق الى ارتكاب جريمه فلا تتلاقى الارادات طلاقياَ حراَ مختارا في ارتكاب جرائم اثناء المرافعات لأن الغايه والقصد هو الدفاع عن مظلوم أو مقهور ، وكفاله حق الدفاع مصونه ومعززه ومكرمه ولا يجوز الجور عليها.

وقد وفر قانون العقوبات في الماده 309 ضمانات اخرى للساده المحامين بانه لا تسري احكام المواد 302 و303 و305 و306 و38 على ما يسنده احد الخصوم في الدفاع الشفوي او الكتابي أمام المحاكم فإن ذلك لا يترتب عليه إلا المقاضاه المدنيه أو المحاكمه التأديبيه كما وفرت الماده 47 من قانون المحاماه رقم 17 لسنه 83 ضمانه يشوبها الحريه في حق الدفاع فقد قررت ان للمحامي أن يسلك الطريق التي يراها ناجحه طبقا لأصول المهنه في الدفاع عن موكله ولا يكون مسؤولاً عما يرد في مرافعته الشفويه أو في مذكراته المكتوبه مما يستلزمه حق الدفاع وذلك مع عدم الاخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائيه وقانون المرافعات المدنيه والتجاريه

وما نصت عليه الماده 54 من قانون المحاماه بانه يعاقب كل من تعدي على محام أو اهانه بالإشارة أو القول أو التهديد بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبه المقرره لمن يرتكب هذة الجريمه ضد أحد أعضاء هيئة المحكمه .

وقد دعمت محكمتنا العليا في أحكام لها بأنه ليس إلا تطبيقا لمبدأ عام الا وهو حريه الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن يستوي ان تصدر العبارات أمام المحاكم أو أمام سلطات التحقيق أو في محاضر شرطه ذلك بان هذا الحق اشد ما يكون ارتباطاً بالضروره الداعيه إليه هذا في احكام شهيره لمحكمه النقض .

إن ظاهرة عرقلة حق الدفاع من أي جهة من الجهات التي يتعامل معها المحامين هو أمر ممتنع بنص القانون الدولي الإنساني والدستور وقانون المحاماه وقانون الإجراءات الجنائية والتعليمات العامه للنيابات وكافة أحكام محكمة النقض في ذلك الصدد ، وكافة الأعراف والتقاليد التي تربينا عليها في مؤسسة العدالة.

وقد أصبح لزامًا علينا أن نطالب بتسجيل التحقيقات والمحاكمات وإعتبار ذلك المسجل ضمن مستندات الدعوي للجوء له حتي أمام محكمة النقض.
فلتنتفض نقابة المحامين لإستطلاع الأمر ونحن لهم داعمون .
عاشت المحاماه حره أبيه.

زر الذهاب إلى الأعلى