حالات تداخل تشريعات الوظيفة العامة (١)
بقلم/ الدكتور/ أحمد محمد جمعة
تتداخل بعض التشريعات المنظمة لأحوال موظفى الجهاز الإدارى فى بعض الأحيان، بما يؤدى للتضارب بين المصالح المغتبرة لموظفى الجهات الحكومية وأقتضاء حقوقهم، بما يؤثر على استقرار المراكز القانونية لهم، ورفع كفائة وإنتاجية الوحدات الإدارية.
فعلى سبيل المثال نجد تعارض بين قانون التأمينات الإجتماعية والمعاشات الجديد رقم 148 لسنة 2019 وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، خاصة فيما يتعلق بالمعاش المبكر، حيث يتناقض قانون التأمينات وفق صياغته الحالية، مع التيسيرات المنصوص عليها والمفترضة لصالح الراغبين في الخروج علي المعاش المبكر عند بلوغ سن الخمسين، حيث تضمنت الشروط لاستحقاق المعاش توافر مدة اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة (40) سنة عند طلبه المعاش المبكر عند بلوغه سن الخمسين تعطي له الحق في معاش لا يقل عن (50%) من أجر أو دخل التسوية الأخيرة، وبما لا يقل عن الحد الأدنى للمعاش.
ولم يتوقف محتوي الفقرة عند هذا القيد بل تجاوزه ليشترط توافر مدة اشتراك فعلي (240) شهرا تزاد إلي (300) شهر بعد (5) سنوات من تطبيقه، وهو ما يعني توافر مدة اشتراك فعلي (40) سنة وهو أمر غير قابل للتنفيذ في ضوء السن القانوني المحدد لبدء خضوع المؤمن عليه للتأمين الاجتماعي وهو (18) سنة، حيث بافتراض بدء التأمين عند سن (18) فانه ببلوغ المشترك لسن الخمسين يكون لديه مدة اشتراك متصلة (32) سنة فقط وليس (40) سنة وفق ما تقتضي الشروط للحصول علي المعاش وكأن القانون بصيغته الحالية قيد الامتياز الاختياري لصالح الراغبين في إنهاء خدمتهم بشكل طوعي بعد بلوغهم سن الخمسين.
الأمر الذي يتناقض مع التيسيرات التي يقدمها قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 للراغبين في الخروج علي المعاش المبكر في سن الخمسين، حيث نصت المادة 70 من قانون الخدمة المدنية علي أنه ( للموظف الذي جاوز سن الخمسين أن يطلب إحالته للمعاش المبكر ما لم يكن قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية، ويتعين على الوحدة الاستجابة لهذا الطلب وفقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية).
أيضاً هناك من التشريعات التى تتسم بعدم المساواة بين أصحات المراكز القانونية الواحدة كالموظفون الخاضعون لقانون الخدمة المدنية، حيث نجد أن قانون الضريببة على الدخل رقم 9 لسنة 2005 وتعديلاتة قد قسم الضريبة على المرتبات على شكل شرائح تصاعدية طبقاً لزيادة الدخل.
الأمر الذى نرى معه عدم تحقيق العدالة الوظيفية بين العاملين فى الجهاز الإدارى بدون وجه حق، حيث تقتضى العدالة الوظيفية تحقيق المساواة بين الحقوق والواجبات الوظيفية للعامل، بما يعود بالنفع كنتيجة وأثر حتمى لتحقيق تلك العدالة.
كما أن التداخل بين تلك الأختصاصات التى تتسم بالبيروقراطية أظهرت فئة من الموظفين البيروقراطين، الذى يمكنهم بإختلاف مستوياتهم الإدارية استخدام سلطتهم التقديرية بموجب تلك القوانين البيروقراطية، لتحديد مدى استحقاق المواطنين للخدمة، تلك السلطة التى قد تتعارض من الأساس مع نية صانع السياسة العامة للدولة، وتجعل أيضاً تلك الصلاحيات الموظفين يتعاملون كحراس للخدمات التى يقدمونها، مما يزيد من مستوى الروتين الحكومى، وسوء استخدام السلطة الممنوحة لهم، مما يؤثر بالسلب على الخدمات المقدمة للمواطين.
وبذلك نرى بأنه يمكن للحكومة الاستعانة والرجوع لمبادرة الاصلاح التشريعى الخاصة بمنظمة التعاون الدولى والتنمية الاقتصاديةOECD والتى تتبع منهجية دولية لصناعة التشريع.
وللمقال تكمله نوضح فيه باقى أمثله التداخل بين تشريعات الوظيفة العامة