جواز تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانونًا
كتب: علي عبدالجواد
قالت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٤٤١٠ لسنة ٨٨ قضائية، الصادر بجلسة ٢٠٢١/٠٢/٠٣، بجواز تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانوناً وفقا للمادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية .
الحكم
باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
جلسة الأربعاء ( أ ) الموافق ٣ من فبراير سنة ٢٠٢١
الطعن رقم ١٤٤١٠ لسنة ٨٨ قضائية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / علي حسن علي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد مسعد ، خالد حسن محمد
و خالد الشرقبالي نواب رئيس المحكمة ومحمد يوسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) إثبات ” بوجه عام “. حكم ” بيانات حكم الإدانة ” ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” “سلطتها في تقدير الدليل ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها”.
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها فى حقه على نحو كاف، يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لا قصور.
(٢) مواد مخدرة . تلبس . تفتيش ” تفتيش بغير إذن ” . مأمورو الضبط القضائي ” اختصاصاتهم ” . دفوع ” الدفع ببطلان القبض والتفتيش ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره “. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل “. حكم ” تسبيبه. تسبيب غير معيب “. نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
جواز تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانوناً . المادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية .
عدم مجادلة الطاعن أنه مطلوب للتنفيذ في قضية أخرى .النعي على ذلك . غير ذلك .
(٣) إثبات ” بوجه عام ” ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق . استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً . وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي . أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟ تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه . سكوت الضابط عن الادلاء بأسماء القوة المرافقة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(٤) نقض ” أسباب الطعن . تحديدها ” .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه . علة ذلك ؟ نعي الطاعن بالتناقض في أقوال شاهدة الإثبات في محضر الضبط عنها بتحقيقات النيابة العامة والذي لم يكشف عن أوجهه . غير مقبول .
(٥) إثبات ” بوجه عام ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” .
الأدلة في المواد الجنائية . إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك؟
(٦) إثبات “خبرة ” “شهود ” ٠محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل ” حكم ة” تسبيبه ٠تسبيب غير معيب ” ٠نقض “أسباب الطعن ٠ما لا يقبل منها”
تشكيك الطاعن فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذى جرى تحليله.جدل في تقدير الدليل غير جائز . مثال لتسيب سائغ للرد على دفاع الطاعنة باختلاف ما تم ضبطه عما تم تحليله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية ……. لسنة ٢٠١٧ قسم الجناين (المقيدة بالجدول الكلي برقم ….. لسنة ٢٠١٧ السويس) بأنه في يوم ٦ من سبتمبر سنة ٢٠١٧ بدائرة قسم الجناين- محافظة السويس:-
– أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً “حشيشًا” في غير الأحوال المصر بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكور قضت حضوريًا بجلسة ٤ من مارس سنة ٢٠١٨ عملاً بالمواد ١، ٢، ٣٨/١، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل ، والبند رقم (٥٦) من القسم الثاني من الجدول رقم (١) الملحق بالقانون الأول، بمعاقبة ……… بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وأمرت بتغريمه مائة ألف جنية ومصادرة المخدر المضبوط ، باعتبار الإحراز مُجَرَّدًا من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ١١ من مارس لسنة ٢٠١٨.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ٣ من مايو سنة ٢٠١٨ موقع عليها من الأستاذ/ المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر ” حشيش” بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه اطَّرَح بِرَدٍّ قاصر دفعه ببطلان القبض والتفتيش لاختلاق حالة التلبس ، وعوَّل على أقوال ضابط الواقعة بمحضر الضبط ، وأعرض عن شهادته بتحقيقات النيابة العامة ، ودون أن يحفل بما أثاره بشأن تناقض روايته استدلالًا وبالتحقيقات ، وانفراده بالشهادة وحجبه القوة المرافقة عنها ، ولم يعبأ بالبرقية التلغرافية التي قدَّمها بتاريخ سابق على ما قال به الضابط ، وتمسُّكه بحصول عَبَث بالحِرز بدلالة عرضه على النيابة العامة بعد مرور أكثر من أربع وعشرين ساعة على ضبطه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها ، مُسْتَمَدَّة من أقوال شاهد الإثبات ، وبما ثبت من الشهادة الصادرة من قلم الجدول عن الجناية رقم ….. لسنة ٢٠١٠ جنايات …… الجناين ، وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، عرض للدفع باختلاق حالة التلبس ، ورَدَّ عليه بقوله”: … فمردود بأن المتهم قُبِضَ عليه تنفيذًا للحكم الصادر ضده غيابيًا بتاريخ ٢٣/٣/٢٠١١ في الجناية رقم …… لسنة ٢٠١٠ ………. الجناين بالسجن لمدة خمس سنوات ، وبالتالي يكون لضابط الواقعة تفتيش المتهم؛ لأنه في هذه الحالة لازمًا ، لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق ، بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته ، والمقصود منه حماية شخص من ثبوت القبض عليه . ولما كان القبض صحيحًا كان التفتيش صحيحًا وكون التفتيش من مستلزمات القبض يُخَوِّل التفتيش مهما كان سبب القبض أو الغرض منه ” . لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة ٤٦ منه على أنه في ” الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتبارًا بأنه كُلَّمَا كان القبض صحيحًا كان التفتيش الذي يجريه من خُوِّلَ إجراؤه على المقبوض عليه صحيحًا أيًّا كان سبب القبض أو الغرض منه ، وذلك لعموم الصيغة التي ورَدَّ بها النص ، وكان الطاعن لا يماري في سابقة الحكم عليه ، وأنه مطلوب لتنفيذ العقوبة المقضي بها عليه في القضية رقم …… لسنة ۲۰۱۰ جنايات الجناين أمن دولة طوارئ ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الشأن قد صادف صحيح القانون، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجِّهَ إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وقضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن استنادًا لأقوال شاهد الإثبات هو إطراح ضمني للاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ، وأن تعوِّل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ، ودون أن تُبَيِّن العِلَّة في ذلك ، وأنه لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشاهد – بفرض حصوله – طالما قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، كما أن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله ، وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط ، وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال ضابط الواقعة والقوة التدليلية ، وانفراده بالشهادة ، واختلاقه حالة التلبس ، لا يعدو أن يكون كل ذلك دفاعًا موضوعيًا مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة ، والرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال ؛ إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم ، بما لا يجوز معه معاودة التصدي له والخوض فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعيَّن لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا مُحَدَّدًا مُبَيَّنًا به ما يرمي إليه مُقَدِّمه ؛ حتى يتَّضِح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه مُنْتِجًا تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له ورَدًّا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض في أقوال شاهد الإثبات ، بل ساق قوله مُرْسَلًا مُجَهَّلًا، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم إطراحه البرقية التلغرافية المُرْسَلة من والد الطاعن ، والتي تساند إليها للتدليل على ضبطه بتاريخ سابق على ما قال به الضابط ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ، ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم تمتد إليه يد العَبَث، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين الجواهر المخدرة المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة ، والتي أُجْري عليها التحليل إن هو إلَّا جَدَل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات ، وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليهما محكمة الموضوع ، ولا يجوز مُجَادَلتها فيه أو مُصَادَرتها في عقيدتها في ذلك ، وهو من إطلاقاتها، ومن ثم ، فإنه لا يُقْبَل من الطاعن منعاه على الحكم في هذا الشأن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمَّته يكون على غير أساس ، ويتعين رفضه موضوعًا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه .