جرائم النصب والاحتيال الإلكتروني

بقلم: محمد عطاي المحامي

أصبح من الضروري تناول هذا الموضوع وأضراره من جميع النواحي في هذه الأيام، وعلى وجه الخصوص من الناحية القانونية، بحكم أننا في موسم يكثر فيه دفع الصدقة وإخراج الزكاة، وهي لا شك أعمال عظيمة وجليلة يؤجر عليها الإنسان، لكن من الواجب الوعي القانوني، ومعرفة طرق إجراءات دفع الأموال بالشكل الصحيح، والتأكد من صحة المعلومات المقدمة من المؤسسات أو الأفراد، والحث على التقيد بالأنظمة؛ لأن هناك «لصوصاً» ماهرين في النصب والاحتيال والتدليس، وإيهام الآخرين بحاجتهم من خلال خلق قصص وهمية، بطرق تقليدية، أو من خلال الوسائل الحديثة (شبكات التواصل الاجتماعي)، وهم قد يكونوا امتداداً لمنظمات إرهابية أو لصوص، ومن آخر القصص الوهمية التي أحدثت ضجة ورد فعل سلبي داخل المجتمع قصة «سارة إبراهيم» المختلقة.
تعتبر جريمة النصب من ضمن أكثر الجرائم تطوراً. إن البعض من هؤلاء المجرمين يعمل بذكاء حاد، ويسعى في خلق حيل وطرق تتناسب مع التطورات والاحتياطات المبذولة، لأجل تمرير أعمالهم الإجرامية تحت غطاء يوهمون به الآخرين أن أعمالهم مشروعة.

في الوقت الراهن، الكثير منهم يستخدم الإقناع الوهمي عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ للاستيلاء على أموال الناس، والمشرع السعودي عالج ذلك في قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية، بحسب ما نصت عليه المادة الرابعة.

من المعلوم أن جريمة النصب تقوم على المجهود المعنوي، الذي من خلاله الجاني يصل إلى تصديق المجني عليه له، على النقيض من جريمة السرقة التي تستلزم العكس المجهود الجثماني. كذلك في جريمة النصب يقوم المجني عليه بتسليم المال إلى الجاني من طريق الرضاء والاختيار، بخلاف جريمة السرقة التي تقوم بالاستيلاء على المال من دون رضاء المجني عليه.

عرَّفت محكمة النقض المصرية جريمة النصب في قولها: «إن جريمة النصب تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه؛ بقصد خدعه والاستيلاء على ماله؛ فيقع المجني عليه ضحية هذا الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة، أو بالتصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف».

إن جريمة النصب تقوم على ركنين، الأول: «مادي»، وعناصره 1- الاحتيال، 2- الاستيلاء على مال الغير، 3- علاقة السببية بينهما.

والثاني: «معنوي»، يتحقق بتوافر القصد الجنائي، لأن جريمة النصب عمدية، ويتكون من عنصرين 1- الإرادة، 2- العلم.

عالج قانون الجرائم المعلوماتية الصادر برقم م/17 وتاريخ 8-3-1428 هـ، جرائم النصب والاحتيال. فنص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة على: «أن الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند، وذلك عن طريق الاحتيال أو اتخاذ اسم كاذب، أو انتحال صفة غير صحيحة. والعقوبة المقررة لذلك هي السجن لمدة لا تزيد على ثلاثة أعوام وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل شخص يرتكب أياً من هذه الجرائم المعلوماتية».
خلاصة القول، ضرورة سن قانون خاص يعالج جرائم النصب والاحتيال في جميع المجالات، مقارنة بالتشريعات الأخرى، ولأن قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية عالجها في مجال المعلوماتية وبشكل مختصر جداً. وبحكم تطور هذه الجرائم بشكل سريع في ظل ثورة الاتصالات وغيرها، وسهولة الوصول إلى الآخرين، وتجاوز كل الحدود الجغرافية، واستخدام المحتالين أنواع طرق الحيل والخدع لأجل تمرير مخططاتهم المشبوهة. ويحاولون أن يستفيدوا من الثغرات القانونية، وبطء التقاضي.

زر الذهاب إلى الأعلى